لماذا يخافون من الابتعاث؟
تتبنى مجموعة من الدعاة، ومتشددون من التيار الديني، نشر كل الأحداث والحكايات التي يسمعونها أو يتناقلها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي للتحذير من وهم خطر الابتعاث، بغض النظر عن
تتبنى مجموعة من الدعاة، ومتشددون من التيار الديني، نشر كل الأحداث والحكايات التي يسمعونها أو يتناقلها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي للتحذير من وهم خطر الابتعاث، بغض النظر عن
الاثنين - 29 ديسمبر 2014
Mon - 29 Dec 2014
تتبنى مجموعة من الدعاة، ومتشددون من التيار الديني، نشر كل الأحداث والحكايات التي يسمعونها أو يتناقلها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي للتحذير من وهم خطر الابتعاث، بغض النظر عن مدى صحة هذه الأحداث والأخبار أو مصادرها أو دقة المعلومات فيها، المهم أنها تصب في مجموعة التوقعات الأخلاقية والدينية التي حذروا من وقوعها في ضربة استباقية «قايلين لكم» !
سرعان ما تجد تحت أي «وسم» هذه المجموعة الناشطة، تحذر وتنبه وتتبنى الحملة وتوجهها، بالطبع التأثير الذي تتركه هذه الحملات بعد أن تكررت هذه الأسماء أصبح معدوماً. لكن الأهداف التي تتبناها هذه المجموع لا تزال قائمة.
هي نفس أهداف الممانعة التي أطلقت ولن تتوقف، وتتعلق بنهضة المجتمع والوقوف ضد كل مشاريعه التنموية حتى وإن صدرت من أعلى سلطة في البلد وباسم الملك.
لا يجد هذا التيار أي مانع أخلاقي من «تأليف» القصص، نفس القصص المكررة أيام الصحوة، فتاة يقسمها الدرج الكهربائي إلى نصفين بسبب عباءة غير محتشمة، خروج أفعى من قبر أحد المغنين، وهي نفسها في الجانب الآخر لتأييد مشروع الجهاد الأفغاني والمتعلقة بالكرامات وألفت فيها الكتب والكتيبات والقصص والأشرطة الدينية حول المسك والعنبر.
مجموعة من الخرافات والأساطير والأكاذيب، تنتقل من مكان إلى آخر بصيغ وحبكات مختلفة حسب الطلب والمرحلة.
انتقلنا من أفغانستان ومن الصحوة إلى مرحلة جديدة تصاغ فيها الخرافات من جديد، وكلها تتعلق بالتغريب وأخطاره وتعليم المرأة وسيارتها وحجابها، خرافات الجن والرؤى والأحلام لا تزال قائمة.
ما الذي تغير؟
لم تتغير أشياء كثيرة غير تكبير الحدث والتحذير منه، بعد أن أصبح للجميع وسائل تعبيرهم خفّت الخرافات أو خفّت سطوتها. سهولة انتقال المعلومة والبحث عنها خفّفت من رعب الأحداث، وأصبح التركيز الآن على ما يحدث، شاب اعتنق المسيحية، زوجة رفضت العودة مع زوجها بسبب الكنيسة...فيلم سينمائي في جامعة للبنات ...إلخ.
حالات يتم تناقلها على أنها كوارث ستحل بالمجتمع إن لم نتنبه، بينما المجتمع يسير ببطء نحو التنمية والتغيير، هذه التغيرات البسيطة هي الفرصة الوحيدة المتبقية للتخويف من هذه الخطوات بعد أن صارت واقعا معاشا، سرعان ما سيتحول إلى مستقبل. تنصّر مبتعث أو مبتعثة، ماذا يترك من تأثير على 20 مليون شخص؟ ولماذا سيؤثر على أكثر من 150 ألف مبتعث؟
منذ دمج تعليم البنات بالتعليم العام تحت مظلة وزارة التربية والتعليم وهناك من يولول على هذا القرار، تحت ذريعة الاختلاط وضياع البلد، ومنذ افتتاح وتدشين جامعة الأميرة نورة وهناك من يتصيد حتى لو كان الأمر لفيلم وثائقي تعليمي أو ماراثون رياضي داخل الجامعة.
ومنذ بدأ برنامج الابتعاث 1426 هـ وهناك من يحذر من خطره. هذا الخوف والفزع والتهويل هو خوف من المستقبل، خوف من عدم تأثير الجماعات التي اعتادت التوجيه والسيطرة وخنق المجتمع في دائرة ضيقة يسهل السيطرة عليها.
هناك عمل منظم للسيطرة على المجتمع، وهناك أصوات لا تزال تصر على فعل الاختطاف وهو في طريقه للزوال بعد عقود من الإذعان.
المجتمع تحميه الأنظمة والقوانين لا الرغبات والأهواء، والمستقبل والتغيير أمران لا بد أن يحدثا، ومحاولات تعطيلهما من خلال التحذير من مخاطر وهمية لم تعد تجدي.
الشيء الوحيد الذي يحدث، هو زيادة حالة الاحتقان بين طرفين، ومحاولة تصيد الأخطاء لتكبيرها والتحريض من أجل الانتقام من فكرة التغيير.
لم تعد الكرامات تفوح من قبور الجثث، ولم يعد المجتمع مذعنا لأهوال الأحلام والرؤى، ولم تعد المؤسسات ملك تيار أو جماعة. الفضيلة هي أخلاق يتم تشذيبها بالمعرفة والمواطنة والحقوق، بالمبادرات التي تتبنى الإنسان وتدفعه إلى أن يكون صالحا وبناء ومختلفا، لم تعد بالتشكيك بقدرته على حماية نفسه ومجتمعه وفق معايير تعتمد على الأساطير والأكاذيب والقصص المكذوبة والمهوّلة.