ملهمة الشعراء.. أنثى من سراب
ملهمة الشعراء مفهوم يتأرجح بين الحقيقة والخيال، حيث يرى الشاعر محمد عابس أنها موجودة منذ الأزل وليس بالضرورة أن تكون أنثى، فقد تكون أمورا أخرى كالرهبة والخوف والغضب والطرب
ملهمة الشعراء مفهوم يتأرجح بين الحقيقة والخيال، حيث يرى الشاعر محمد عابس أنها موجودة منذ الأزل وليس بالضرورة أن تكون أنثى، فقد تكون أمورا أخرى كالرهبة والخوف والغضب والطرب
الأربعاء - 09 يوليو 2014
Wed - 09 Jul 2014
ملهمة الشعراء مفهوم يتأرجح بين الحقيقة والخيال، حيث يرى الشاعر محمد عابس أنها موجودة منذ الأزل وليس بالضرورة أن تكون أنثى، فقد تكون أمورا أخرى كالرهبة والخوف والغضب والطرب.
بينما يؤكد الشاعر إبراهيم الوافي أن الملهمة امتداد للعلاقة المطردة بين الشعر والحب، لأن الحب بحد ذاته حالة شعرية تجتمع فيها كل طقوس الشعر، فيما ذهب الشاعر عبدالله ناجي إلى أنها ليست بالضرورة أن تكون حقيقية، بل تكون خيالية تلهب إحساس الشاعر وتلهم عواطفه ومشاعره.
من الجانب النقدي يرى الدكتور عبدالله المعيقل أن الإلهام هو انفعال فطري وعفوي بلا قيود عقلية تحدد مساره أو تفرض حدوده، مؤكدا أنه إذا جاز التسليم بوجود دوافع عقلية للكتابة، فإننا نقول إن هناك دوافع عاطفية مصدرها العاطفة، وهذا هو الذي يمكننا أن نصفه بالإلهام الذي تستجيب المشاعر له كمحرض على الإبداع.
»الملهمة للشاعر حقيقة ويكمن الخلاف حول ماهيتها، موجودة لدى الشعراء من عصر اليونان وتختلف بين الأنثى الحقيقية والأنثى المثال من جهة وبين أمور أخرى تمر بالشاعر مثل الرهبة والخوف والغضب والطرب وغيرها، ولذلك سمعنا النقاد في الجاهلية يقولون أشعر الشعراء زهير إذا رغب، والنابغة إذا رهب، وقالوا إن لكل شاعر شيطانا، حتى افتخر أحدهم فقال: إني وكل شاعر من البشر شيطانه أنثى وشيطاني ذكر. وتتسع دائرة الملهمة لتشمل الأجواء العامة المحيطة بالشاعر والمؤثرات الخارجية، مثل الجو والطبيعة، وكذلك نوعية القلم ووقت الكتابة وغير ذلك، مما يدلل على وجود الملهمة مع الاختلاف في ماهيتها بين الحقيقة والأسطورة. وأعتقد أن مسألة الإلهام ضرورية للشاعر بأي طريقة، وإن كانت الأنثى المثالية والحقيقية محفزا كبيرا للشاعر وليس بالضرورة أن يكون لها دور داخل النص إلا إذا كانت مرتبطة بحالة النص من الداخل«.
محمد عابس
»الأنثى هي الملهمة دائما وهي الحضن الأكثر احتواء لجذوة الشعر في كل العصور والأزمنة، حسبها أن الوقوف على أطلالها ركن من أركان القصيدة العربية القديمة بغرض تشويق السامعين واجتذاب أذواقهم حينما يدركون أي محرك للشاعرية تلك الملهمة، والواقع أنني لا أراها إلا امتدادا للعلاقة المطّردة بين الشعر والحب. ولطالما قلت إن الحب ضرورة شعرية، بل إنني لا أبالغ حينما أقول إن الحب بحد ذاته حالة شعرية تجتمع فيها كل طقوس الشعر، ولهذا غالبا ما يجيء التعبير الأول عن الحب شعرا في ذاكرتنا العربية في كل العصور، وهي في كل حال تكامل رؤيوي بين الأنثى والذكر من خلال بعد النظر الذكوري وشمول النظرة الأنثوية، وبالتالي فإن الشاعر الباحث في الوجود عن حلوله الوجدانية لتفسير وجوده من النادر جدا أن يقوم برحلته هذه وهو لا يقف في ظلال امرأة«.
إبراهيم الوافي
»شاعر يخلق أنثاه وملهمته مثلما يخلق قصائده التي تسكن روح الشاعر، وليس بالضرورة أن تكون ذات وجود حقيقي، وحتى لو كانت تلك الأنثى قد وجدت في حياة الشاعر، فحتما ستتخذ شكلا آخر وروحا أخرى داخل وجدانه، وستكون أكثر جاذبية وأبعد منالا، إنه يسترها بغلالة شفيفة من خيال ووهم، إنها لا تتكامل بين يديه جسدا ولا تتهادى روحا، بل تظل خلف أستار من الجمال والبهجة والنور، تلهب إحساسه وتلهم عواطفه وشعوره، ومتى ما تجردت المرأة الملهمة من كل تلك الحجب اللذيذة، المغوية على الكتابة والمحفزة على الإبداع انتفت عنها صفة الإلهام، إن الشعر مقاربة للجمال وملامسة للبهجة، والملهمة حقا من تترك الباب مواربا يشف ولا يكشف، ليحدس الشاعر وينطلق بخياله عبر الأضواء المتساقطة على روحه العاشقة«.
عبدالله ناجي
»الشعراء القدامى تحدثوا عن الإلهام ومصادره وشياطين الشعر ووادي عبقر، وهم إنما يقصدون أن الشعر خيال نتيجة الإلهام، حتى يخرجوا من نطاق المحاسبة العقلية (يقولون ما لا يفعلون) وحتى يضفوا على قولهم الشعري منزلة وأهمية تفوق منزلة الكلام العادي. والمرأة ربما تكون الملهمة الأكثر حضورا وأهمية وأثرا في الإبداع، (والملهمة هنا بمعنى سبب) ومحرك للكتابة بغض النظر عما إذا كان دورها قد اقتصر فقط على الشرارة التي انطلقت منها القصيدة أم كان أبعد من ذلك بكثير. ولو نلقي نظرة سريعة على مراحل الشعر العربي نلاحظ أن دور المرأة الملهمة كان حاضرا في كل العصور، ولكنه لم يكن بنفس الصورة في كل مرحلة، ولعل مصطلح المرأة الملهمة كان أوضح ما يكون في المرحلة الرومانسية التي كانت ثورة على الكلاسيكية في كثير من المفاهيم، ومنها الموقف من المرأة والإلحاح على دورها كملهمة«.
عبدالله المعيقل