مالك المدني.. صاحب مقولة "لا أدري"
الشاب الأشقر الوسيم (مالك المدني) ابن الثالثة والعشرين من العمر اتخذ له مجلساً في المسجد النبوي لتدريس طلاب العلم والإفتاء للناس، لكن دهشتنا ستكون أكبر حين نعلم أنه في تلك السن كان قد شهد له سبعون شيخاً من أهل العلم.
الشاب الأشقر الوسيم (مالك المدني) ابن الثالثة والعشرين من العمر اتخذ له مجلساً في المسجد النبوي لتدريس طلاب العلم والإفتاء للناس، لكن دهشتنا ستكون أكبر حين نعلم أنه في تلك السن كان قد شهد له سبعون شيخاً من أهل العلم.
السبت - 05 يوليو 2014
Sat - 05 Jul 2014
الشاب الأشقر الوسيم (مالك المدني) ابن الثالثة والعشرين من العمر اتخذ له مجلساً في المسجد النبوي لتدريس طلاب العلم والإفتاء للناس، لكن دهشتنا ستكون أكبر حين نعلم أنه في تلك السن كان قد شهد له سبعون شيخاً من أهل العلم.
نشأ مالك في بيئة علم، ولكن كلمة السر في نجاحه كانت أمه التي استطاعت أن تساعده على تحديد هدفه ودفعه إليه. قال لها ذات يوم وهو طفل، إنه يريد أن يذهب ليكتب العلم (أي ليتعلم العلم الشرعي)، فأخذته من يده وألبسته ثيابا كثيابِ العلماء ووضعت على رأسه العمامة (القلنسوة) ثم قالت له: «اذهب فاكتب الآن.. وأوصيك أن تذهب إلى ربيعة لتتعلم من أدبه قبل علمه».
حرص مالك منذ صباه على استحفاظ ما يكتب، حتى إنه بعد سماع الدرس وكتابته كان يجلس في ظلال الأشجار قبل عودته إلى بيته يستعيد ما تلقى، ويطارد أهل العلم بأوراقه ليتعلم منهم ويسألهم، حتى إنه كان يأتي ستة علماء في اليوم الواحد ويستمع من كل واحدٍ منهم خمسين حديثاً إلى المئة، ثم ينصرف من غير أن يخلط حديث هذا بحديث الآخر.
وكان يتحين الفرص لينفرد بهم وينهل أكبر قدر ممكن من علمهم، حتى إنه لزم أحد العلماء آنذاك قرابة ثماني سنين، يحبس نفسه عنده منذ الصباح حتى الليل، ويصنع الحيل حتى لا يقطع عليه أحد جلسته بين يديّ شيخه. يقول مالك: «كنت أجعل في كمي تمراً، وأناوله الصبيان وأقول لهم: إن سألكم أحد عن الشيخ فقولوا له أنه مشغول».
كان مالك شغوفا في طلب العلم، ولا يمل من الوقوف على أبواب العلماء تحت أشعة الشمس من أجل مسألةٍ صعبت عليه، أو إنفاق ماله في سبيل العلم، حتى بلغ به الأمر مرة أن باع خشبَ سقف بيته، إنه الإمام مالك بن أنس وثاني الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة وصاحب المذهب المالكي في الفقه الإسلامي، وأكثر العلماء قولاً لعبارة (لا أدري)، قال عنه الإمام الشافعي: «ما بعد كتاب الله تعالى كتابٌ أكثرُ صواباً من موطأ مالك».
كان أعظم الناس مروءة وأكثرهم سمتاً كثير الصمت قليل الكلام متحفظاً في قوله ومن أشد الناس مداراة للناس واستعمالاً للإنصاف وما أكل ولا شرب قط حيث يراه الناس، ولا يضحك ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان أحسن الناس خُلقاً مع أهله وولده والناس كافة.
يقول الإمام مالك، تقديراً لمكانة الفتوى: «يجب أن يورث العالم جلساءه قول (لا أدري) حتى يكون ذلك أصلاً يفزعون إليه، فإذا سُئِل أحدهم وهو لا يدري قال: لا أدري».