في ظل لبنان

يطل العراق الآن على الهاوية التي شهدها لبنان في أشد أيام حربه الأهلية حلكة، أول وأطول حرب طائفية في مرحلة ما بعد الاستعمار في العالم العربي. الصراع الطائفي في لبنان استمر لمدة 15 سنة. الكلفة البشرية كانت كبيرة: 150 ألف قتيل ومليون نازح. الاقتصاد انهار وبلغت قيمة الدمار 25 مليار دولار. خلال الحرب، ابتدعت الميليشيات اللبنانية أساليب جديدة، أبرزها التفجيرات الانتحارية، التي حددت هوية الحروب غير المتماثلة في شتى أنحاء العالم منذ ذلك الوقت.

يطل العراق الآن على الهاوية التي شهدها لبنان في أشد أيام حربه الأهلية حلكة، أول وأطول حرب طائفية في مرحلة ما بعد الاستعمار في العالم العربي. الصراع الطائفي في لبنان استمر لمدة 15 سنة. الكلفة البشرية كانت كبيرة: 150 ألف قتيل ومليون نازح. الاقتصاد انهار وبلغت قيمة الدمار 25 مليار دولار. خلال الحرب، ابتدعت الميليشيات اللبنانية أساليب جديدة، أبرزها التفجيرات الانتحارية، التي حددت هوية الحروب غير المتماثلة في شتى أنحاء العالم منذ ذلك الوقت.

السبت - 05 يوليو 2014

Sat - 05 Jul 2014



يطل العراق الآن على الهاوية التي شهدها لبنان في أشد أيام حربه الأهلية حلكة، أول وأطول حرب طائفية في مرحلة ما بعد الاستعمار في العالم العربي. الصراع الطائفي في لبنان استمر لمدة 15 سنة. الكلفة البشرية كانت كبيرة: 150 ألف قتيل ومليون نازح. الاقتصاد انهار وبلغت قيمة الدمار 25 مليار دولار. خلال الحرب، ابتدعت الميليشيات اللبنانية أساليب جديدة، أبرزها التفجيرات الانتحارية، التي حددت هوية الحروب غير المتماثلة في شتى أنحاء العالم منذ ذلك الوقت.

على مدى تلك السنوات، بين 1975-1990، اهتز الشرق الأوسط بالكامل، حرب لبنان أشعلت سلسلة من الصراعات الأخرى، بما في ذلك الغزو الإسرائيلي للبنان في 1982 التي تلاها الاحتلال الإسرائيلي للبنان لفترة 18 سنة. الحرب الأهلية انتهت في 1990، لكن الدولة بالكاد نجت من الانهيار. وبعد مرور حوالي ربع قرن، لا تزال آثار الحرب موجودة بشكل سياسي، حيث يكافح لبنان لإيجاد رئيس وسط اضطراب طائفي. لسوء الحظ، الأحداث التي انفجرت على مدى الأسابيع الأخيرة في العراق، والتي نشأت لنفس أسباب المشاركة في السلطة التي مزقت لبنان، أكبر سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإقليميا. بشكل عام، العراق له قيمة جغرافية - استراتيجية أكبر بكثير من لبنان، ناهيك عن أنه ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك. السلاح الذي لدى جميع الجهات أكبر وأسوأ مما كان في لبنان. مستوى الكراهية قد يكون أعمق، والأثر الإقليمي أوسع. النتائج قد يكون لها انعكاسات عالمية.

لكل من البلدين حراكه الخاص، لكن العراق يشبه لبنان، لأن البلدين ديمقراطيتان وليدتان. مبدأ مشاركة السلطة يتبناه البلدان في العلن، لكنه لا يطبق بشكل كاف. المجتمعات المتصدعة في لبنان والعراق ترسم نهجا، رغم أنه دموي، نحو مستقبل يختلف عن ماضي المنطقة. إنه الصراع للمضي إلى ما وراء الهويات البدائية للقبيلة والعرق والطائفة باسم المصلحة الوطنية الأوسع. إنه تحد تواجهه جميع الديمقراطيات، بما في ذلك الولايات المتحدة في حربها الأهلية الماضية وسياستها الحالية.

إيجاد صيغة سياسية جديدة منصفة وعادلة هو التحدي الرئيسي في الشرق الأوسط، حيث يطالب الناشطون والناس بحصة تشاركية أكبر. هذه أكبر كتلة من الدول تصمد أمام الموجة الديمقراطية التي أنهت ايديولوجيات بغيضة، مثل الأبارتايد والشيوعية، على مدى نصف القرن الماضي. المخاطر التي يواجهها الشرق الأوسط تاريخية. العراقيون من جميع الطوائف والأعراق سيدمرون أنفسهم بغباء، إذا لم يتفاهموا بعضهم مع بعض بسرعة. لا تزال لديهم الفرصة ليغيروا مجرى الأحداث، ويعيدوا توزيع السلطة ويصلحوا الصراعات السياسية. كما أن هناك مصلحة دولية في المساعدة على تحقيق ذلك. البديل هو أن يتحول الوضع في العراق ليصبح مثل لبنان، حيث اختطف أمراء الحرب السياسة، وحيث تم تهميش القوى الأمنية من قبل ميليشيات تتحدى القانون. لم يكن بالإمكان مطلقا التنبؤ بتوقيت بدء المعارك. حلفاء اليوم قد يتحولون إلى أعداء لدودين في اليوم التالي ويقتل بعضهم بعضا، حتى ضمن الطائفة نفسها، بسبب قضايا انحرفت بعيدا عن قضيتهم المشتركة. لم يكن من غير الطبيعي في لبنان أن يقاتل الشيعة من فصيل ما الشيعة من فصيل آخر، أو المسيحيون في فصيل ما المسيحيين في فصيل آخر، وكذلك الأمر بالنسبة للمسلمين السنة. العراق يشهد حاليا بالفعل صداماته القاتلة.

دروس لبنان تنطبق على الولايات المتحدة أيضا. من بين جميع الحروب التي خاضتها في أماكن أخرى، أحد أكبر الخسائر في أرواح الجنود الأمريكيين في حادث واحد منذ الحرب العالمية الثانية كان خسارة 241 جنديا أمريكيا كانوا ضمن قوات حفظ السلام في بيروت في عام 1983، بعد أن اعتبر البعض في لبنان أن الولايات المتحدة تنحاز إلى فريق دون الآخر في الحرب الأهلية اللبنانية.

كما أثبت لبنان من قبل، الحل النهائي لا يمكن أن يكون إلا حلا سياسيا، والحلول تكون عادة بسيطة لدرجة التفاهة. الحرب الأهلية اللبنانية انتهت أخيرا بتغييرات بسيطة على توازن القوى الداخلي. الصيغة الأساسية عند الاستقلال عن فرنسا في 1943ـ في اتفاقية غير مكتوبة، تستند إلى إحصاء سكاني مشكوك بأمره - خصصت ستة مقاعد في البرلمان للمسيحيين مقابل كل خمس مقاعد يتم منحها للمسلمين. وفقا لاتفاقية السلام التي توصل إليها اللبنانيون في 1990، أصبحت النسبة متكافئة. الرئاسة المخصصة للمسيحيين تم إضعافها مقابل تقوية رئاسة الوزراء المخصصة للمسلمين السنة. الشيعة احتفظوا بمنصب رئاسة البرلمان. لم تعط أي من المناصب إلى طائفة أخرى.

تغيير صغير جدا، مقابل أعداد كبيرة من القتلى. على العراق أن يكون حذرا.