العلاقات الاجتماعية.. بين أسلوب الحياة الأمريكي والسعودي

قد نكون متفقين على أننا نحن كأمة إسلامية وعربية نعيش أزمة حضارية خانقة، وهذا لا يمنع من وجود بعض الجيوب المضيئة والتي تحاول اللحاق بركب الحضارة وأننا نحتاج للوقوف طويلا عند مسببات هذا التخلف للتغلب عليه.

قد نكون متفقين على أننا نحن كأمة إسلامية وعربية نعيش أزمة حضارية خانقة، وهذا لا يمنع من وجود بعض الجيوب المضيئة والتي تحاول اللحاق بركب الحضارة وأننا نحتاج للوقوف طويلا عند مسببات هذا التخلف للتغلب عليه.

الجمعة - 20 يونيو 2014

Fri - 20 Jun 2014



قد نكون متفقين على أننا نحن كأمة إسلامية وعربية نعيش أزمة حضارية خانقة، وهذا لا يمنع من وجود بعض الجيوب المضيئة والتي تحاول اللحاق بركب الحضارة وأننا نحتاج للوقوف طويلا عند مسببات هذا التخلف للتغلب عليه.

هذا أمر، والأمر الآخر هو تطرف بعض الناس لدينا جدا من ناحية انبهارهم بالحضارة الأوروبية والأمريكية حتى التبس عليهم الأمر، فلم يصبح لديهم الحق حقا مجردا والباطل باطلا مجردا، بل الحق هو ما عليه الآخرون والباطل نحن. فهم متطورون صناعيا وطبيا واقتصاديا واجتماعيا ونحن عكس ذلك تماما، برغم ما هم عليه من الظلام في بعض الجوانب وما نحن عليه من النور في جوانب أخرى، فنحن أيضا لدينا إضاءات كأفراد وكمجتمعات، وكما أننا «يجب علينا معرفة مواقع ومسببات ما نحن فيه من الظلام وتركيز أنظارنا عليه والتخلص منه كذلك علينا معرفة ما نحن فيه من النور لتقويته والتمسك به».

مناسبة حديثي هذا هو أنني تحدثت إلى رجل من هذا النوع والذي عرف نفسه بأنه يعمل في إحدى الملحقيات بالولايات المتحدة الأمريكية، وما إن سألته عن رأيه في النظام الصحي الأمريكي حتى انبرى يذم نظامنا الصحي والاجتماعي و...و...، فقلت له هون عليك يا أخي! منذ متى وأنت في أمريكا فقال «أنا حياتي كلها هناك»، فقلت إذا فلست في وضع يسمح لك بإلقاء الكلام هكذا جزافا، لقد وقفت على معظم الأنظمة الصحية في البلاد من خلال عملي ووقفت على حسناتها وسيئاتها وأستطيع أن أؤلف في ذلك كتابا، لدينا جوانب مضيئة جدا مثل فكرة تأسيس المدن الطبية المتخصصة والمشتملة على كل التخصصات الصحية تقريبا، ولدينا أطباء على مستوى عال من النضج والمهارة والمعرفة، والمئات يعودون سنويا من أرقى المراكز الطبية حول العالم، وبعض التخصصات متقدمة بشكل مذهل مثل علوم الوراثة والأورام.

مشكلتنا الكبيرة هي أننا وحتى اللحظة لم نستطع بناء نظام صحي متقدم يشمل كل البلاد، وهناك بعض المشاكل العالقة مثل عدم وجود التأمين الطبي لجميع المواطنين، وهناك أيضا أسلوب الحياة الرديء المسبب لأمراض مثل داء السكري والذي ينهك أجساد المواطنين وميزانية وزارة الصحة، والتي قد تتمكن من توفير مبالغ طائلة إن تمكنا من القضاء عليه من خلال توعية المواطنين بأهمية النشاط والغذاء الصحي، وهذه إحدى العقبات فقط وأنا على يقين من أن أدق التفاصيل في حياتنا الاجتماعية قد تنعكس سلبا أو إيجابا على أداء الدولة والميزانية العامة.

لما وصلت دفة الحديث إلى العلاقات الاجتماعية ومقارنة أسلوب الحياة الأمريكي والسعودي قلت له بأننا قد نستطيع العيش بلا مصانع ولا مستشفيات أو حتى طعام، لكننا لا يمكن أن نعيش من دون شخصية أو طابع عام يميزنا وقوانين ونظم متغلغلة في أعماقنا نستمدها من ديننا وموروثنا، قوانين تنظم حياتنا،علاقاتنا،علاقة الأب بابنه والزوج بزوجته والشخص بمحيطه، وينبغي أن تكون شيئا نابعا من دواخلنا لا أن»نستقدمها» من الخارج، ومن الأفضل أن تكون بمنأى عن القضاء.

وبالمناسبة فقد شعرت بالأسى من مناقشة موضوع دفع غرامة لتعنيف الزوجة ليس لخلل في القانون، لا أبدا ولكن لمجرد المناقشة لأن هذا يعني أن الظاهرة من الوضوح لدرجة تستدعي تدخل رجال القانون، كان الرجل يستمع إلي وعلى محياه علامات الرضى حينها قال: فعلا علاقاتنا العفوية هي أغلى ما لدينا، أذكر أننا كنا في رحلة خلوية في إحدى الولايات ونحن متحلقون حول المائدة، فقام باكرا ابن لأحد الإخوة العرب فقال له أبوه بحدة «أكمل عشاءك» فقال الابن أتريد أن تجبرني على الجلوس، فارتبك الأب ومد كلتا يديه بذعر وقال «لا أجبرك أنت وشأنك»، في نفس اللحظة قام ابن «لواحد من الربع» فنهره أبوه بقول «اجلس يا حيوان» فجلس الابن دون أن ينبس ببنت شفة، فضحكت طربا مع أنني لا أميل لهذا الأسلوب، إلا أن ما أميل إليه لا يكاد يبتعد كثيرا.