التحول الوطني لوزارة التعليم ومكافحة البطالة

الثلاثاء - 18 أكتوبر 2016

Tue - 18 Oct 2016

من أبرز الأهداف الاستراتيجية لوزارة التعليم التي نصت عليها وثيقة (برنامج التحول الوطني 2020م) الهدف الاستراتيجي السادس: تعزيز قدرة نظام التعليم لتلبية متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل.



وهذا الهدف يعالج مشكلة البطالة وما يتـرتب عليها من مشاكل، إذ إن مشكلة البطالة ليست اقتصادية فحسب، بل هي مشكلة ذات أبعاد اجتماعية وأخلاقية، وتنشأ عنها مشاكل تؤثر على الأمن، خاصة وأن النسبة الكبيرة من العاطلين عن العمل هم من فئة الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم ما بين (18 ـ 28)، وهذه المرحلة العمرية هي بداية مرحلة الشباب.



وبداية مرحلة الشباب تصاحبها تغييرات حيوية (جسدية) ونفسية، وإذا لم يجد الشباب والشابات فرص العمل المناسبة فإن انخراطهم مع مجموعات تمارس أعمالا مخالفة للنظام ستكون بنسبة كبيرة؛ وبالتالي انتشار السرقات وفشو المخدرات وكثرة الفساد الأخلاقي، فالدراسات تشير إلى أن البطالة تعني حرمان المواطن من مورد رزقه، وبالتالي عجزه عن تحصيل حاجاته الضرورية، مما قد يضطره إلى سبيل الجريمة لتحصيل هذه الحاجات، ومن هنا تتكوّن عصابات الإجرام التي تزعزع الأمن وتُربِك الاستقرار، وربما انضم إلى خلايا إرهابية توظفه في تخريب وطنه، فالشباب والشابات حينما يجدون أنفسهم من غير إنجاز ولا هدف ولا طموح قد يجنحون إلى الإرهاب والعنف وجرائم الآداب والأخلاق.



كما تشير الدراسات إلى أن العاطل عن العمل إن سلِم من الانخراط في عصابات الإجرام فلن يسلم من الوقوع في دوامة الأمراض النفسية، إذ يشعر العاطل بأنه غير راض عن نفسه لانعدام كفاءته مما يؤدي إلى الاعتلال في الصحة النفسية والإصابة بحالة من البؤس والعجز، وبالتالي الإعياء البدني كارتفاع ضغط الدم والكولسترول وأمراض القلب.

وإن تجاوز العاطل عن العمل العقبتين السابقتين ـ الانضمام إلى عصابات الإجرام ودوامة الأمراض النفسية ـ فإن المجتمع سيتحمّل أعباء العاطل عن العمل وأعباء أبنائه ليسدوا فقره وقلة أمواله، بالإضافة إلى أن المجتمع سيفقد طاقته وطاقة أبنائه لعدم قدرته على تعليم أبنائه وتوفير البيئة المناسبة لهم لقلة ذات يده.



ودرهم وقاية خير من قنطار علاج ـ كما يقول المثل ـ فتوفير فرص العمل رغم أنه مُكلِف إلا أن كلفته أقل بكثير من كلفة معالجات آثار البطالة من انتشار السرقات وفشو المخدرات وكثرة الفساد الأخلاقي واستفحال الأمراض النفسية والعضوية وكثرة الفقراء، فإذا كان توفير فرص العمل يحتاج إلى ملايين، فإن معالجات آثار البطالة بحاجة إلى مليارات.



وبما أن البطالة أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات وتهدد كياناتها فالمرجو أن تسعى الجهات المسؤولة في المملكة العربية السعودية إلى إيجاد السياسات لمواجهتها وتلافي انعكاساتها السلبية.



إن إتاحة فرص العمل للشباب والشابات من أبرز أسباب أمن الوطن واستقراره وتماسكه وتنميته وازدهاره، وفرص العمل في المملكة العربية السعودية كثيرة؛ ولكن عدم إدراك الشباب والشابات لهذه الفرص تجعلهم يختارون في دراستهم الجامعية التخصصات السهلة دون وعي بمآلات هذه التخصصات التي لا تناسب سوق العمل؛ وبالتالي لم تُضِف لهم شهادة البكالوريوس شيئا، ويجدون أنفسهم ضمن صفوف العاطلين.



لقد أدركت وزارة التعليم مسؤوليتها نحو مخرجاتها من الطلاب والطالبات في وثيقة (برنامج التحول الوطني 2020م)، واستشعرت خطورة البطالة؛ لذا جعلت من أهدافها الاستراتيجية: تعزيز قدرة نظام التعليم على تلبية متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل.



والمؤمل من وزارة التعليم فتح المجال للطلاب والطالبات في التخصصات الجامعية التي يحتاجها سوق العمل، وكذلك توعيتهم في المرحلة الثانوية بالتخصصات المناسبة التي تكفل لهم الاستفادة من شهادة البكالوريوس.