استثمار الأبحاث العلمية في سويسرا يتحول لشركات مربحة

أسفر الاستثمار في تطبيق الأبحاث العلمية في سويسرا عن تكوين شركات ناجحة على أرض الواقع تسهم ليس فقط في حل عدد من الإشكالات وتحقيق نجاحات في مجالات تطبيقية مختلفة، ولكنها أيضا تستطيع تحقيق أرباح لمؤسسيها

أسفر الاستثمار في تطبيق الأبحاث العلمية في سويسرا عن تكوين شركات ناجحة على أرض الواقع تسهم ليس فقط في حل عدد من الإشكالات وتحقيق نجاحات في مجالات تطبيقية مختلفة، ولكنها أيضا تستطيع تحقيق أرباح لمؤسسيها

الأربعاء - 04 فبراير 2015

Wed - 04 Feb 2015

أسفر الاستثمار في تطبيق الأبحاث العلمية في سويسرا عن تكوين شركات ناجحة على أرض الواقع تسهم ليس فقط في حل عدد من الإشكالات وتحقيق نجاحات في مجالات تطبيقية مختلفة، ولكنها أيضا تستطيع تحقيق أرباح لمؤسسيها.

ووفقا لتقرير صادر عن المعهد الاتحادي السويسري للتقنية في زيورخ، فإن عدد الشركات الاستثمارية التي يتم تأسيسها لتطبيق نتائج الأبحاث الصادرة عن كليات المعهد المتخصصة بلغت 300 شركة في الفترة ما بين 1996 و2014.

عوائد اقتصادية ووفرة في الوظائف
مكن نجاح هذه الشركات من تحقيق عوائد اقتصادية بقيمة 585 مليون دولار خلال 2013، وتوفير نحو 2500 وظيفة في مختلف المجالات، كما أسهمت هذه النجاحات في تصاعد معدل تأسيس تلك الشركات ليتراوح ما بين 20 و24 شركة سنويا على مدار الأعوام الـ7 الماضية، كما أثبت نجاح منهجية البحث العلمي المتبعة في المعهد، ونجاح الشراكة مع القطاع الخاص.

التقرير أظهر أن أغلب الشركات التي تم تأسيسها في هذا النطاق تعمل في مجالات تطبيقات علوم الحاسب، والاتصالات، والتقنيات الالكترونية الدقيقة، والميكنة، وتطبيقات النانو تكنولوجي، والصناعات المرتبطة بالكيمياء الحيوية والهندسة الطبية، فضلا عن عدد محدود من الشركات القائمة على أبحاث في مجال تطوير نظم الخدمات والاستشارات الاقتصادية.

وذكر التقرير أنه من بين الأمثلة الناجحة لهذه الشركات المستندة إلى نتائج الأبحاث العلمية، مؤسسة انسفيرو المتخصصة في إنتاج الأنسجة الحيوية التي يمكن استخدامها للتعرف على الأورام السرطانية وأورام الكبد، وكذلك شركة سنبيت المتخصصة في إنتاج أنسجة لقياس مستوى الأشعة فوق البنفسجية التي يتعرض لها الإنسان، كأحد عوامل الحماية من الإصابة بسرطان الجلد، فضلا عن شركة لإنتاج جهاز يساعد مرضى ضعف عضلات الساقين على الوقوف على قدميهم بشكل مماثل للأشخاص الطبيعيين.

ومن بين الأمثلة الأخرى الناجحة التي يوردها التقرير شركة ركميكرو التي استطاعت تصنيع وتسويق جهاز للكشف المبكر عن مسببات الأمراض في المياه والمواد الغذائية، وشركة فيرسانتيس لمعالجة التسمم الناجم عن تعاطي الجرعات العالية من المخدرات.

ويشير التقرير إلى أن إحدى تلك الشركات تم بيعها بقيمة 200 مليون دولار بعد أن نجحت في 2007 في اكتشاف وتسويق طريقة جديدة لتشخيص التهابات الخلايا في وقت مبكر ما يساهم أيضا في تفادي تحول تلك الخلايا إلى أورام سرطانية.

خطوات تأسيس شركات تطبيق الأبحاث
تمر عملية تأسيس تلك الشركات بمجموعة من الخطوات والتي تبدأ بتقديم فكرة المشروع إلى وحدة الدراسات الأولية، في المعهد الاتحادي السويسري للتقنية، والتي تقدم استشاراتها في مجال كيفية إعداد دراسة جدوى، ثم على ضوئها يتم تحديد الشكل التجاري لتنفيذ المشروع، سواء كان ذلك في شكل شركة مساهمة أو محدودة أو شخصية، أو تنصح بدخول المشروع مشاركة مع آخرين.

ويليها بعد ذلك وفقا لوثائق تأسيس الشركات تقديم المعهد مقر مؤقت للشركة لمدة عامين كاملين، والسماح لها باستخدام الأجهزة والأدوات اللازمة لإدارة المشروع في مراحله الأولى مقابل رسوم رمزية، كما يمكن للمشروع استخدام قاعات وإمكانات المدينة العلمية التابعة للمعهد والمعروفة باسم "تكنوبارك".

وفي الوقت ذاته، تقدم وحدة الدراسات الأولية بالمعهد، تسهيلات للشركات من أجل التواصل مع المؤسسات المالية التي يمكن أن تقوم بتمويل المشروع بالتوازي مع باقة متكاملة من الخدمات
لا سيما في المجالات القانونية والإمكانات التصنيعية.

كما يقوم المعهد بمنح تلك الشركات تصريحا لاستخدام حقوق الملكية الفكرية والأدبية لنتائج الأبحاث التي يتوصل إليها علماؤه لدعم مشروعات تحويلها إلى المجال التصنيعي.

تقييم صلاحية الأبحاث لتطبيق الصناعي
يذكر أن المعهد أنشأ في 1996 برنامجا تحت اسم فينتشر بالتعاون مع اللجنة الاتحادية السويسرية للتقنيات والابتكار الحكومية ومؤسسة ماكنزي الخاصة لتكوين فرق بحثية قدمت دراسات لتقييم نتائج عدد من الأبحاث العالمية التي تصلح للتطبيق الصناعي، نتج عنها وضع خطط عمل لإنشاء 141 شركة تطبيق نتائج الأبحاث العلمية الصادرة عن المعهد، ووفرت أكثر من 5500 فرصة عمل.

كما أطلق المعهد برنامجا تحت اسم منح الريادة، وذلك لتحفيز برامج رسائل الماجستير والدكتوراه لكى تتضمن أبحاثا ذات نتائج قابلة للتطبيق العملي، فضلا عن برنامج آخر باسم الابتكار وريادة الأعمال، لدعم منهجية البحث العلمي التطبيقي، حيث يسمح للباحثين بتصنيع النماذج الأولية لاختراعاتهم وإجراء البحوث الخاصة بتطويرها، وتوفير فرص لتبادل الخبرات مع كل من العلماء المتخصصين، والشركات التصنيعية ذات الخبرة في المجالات ذات الصلة.

مقارنة مع مؤسسات مماثلة
وأشار التقرير إلى أنه بمقارنة نتائج أعمال تلك الشركات مع نظيرتها المنبثقة عن أبحاث معهد ماساشوستس الأمريكي للتكنولوجيا أو جامعة أوكسفورد البريطانية، بناء على البيانات الصادرة عن المؤسستين فإن متوسط معدل نجاح تلك الشركات في سويسرا يصل إلى 88%، مقارنة بـ80% للشركات الناتجة عن الأبحاث الصادرة عن معهد ماساشوستس، و81% في الشركات المؤسسة اعتمادا على أبحاث جامعة أوكسفورد البريطانية، رغم حداثة سويسرا في هذا المجال الذي بدأ العمل فيه في 1996 بعد عامين من انطلاق مشروع أكسفورد، و16 عاما من مشروع ماساشوستس.

وبلغ حجم التمويل المخصص للأبحاث العلمية في سويسرا خلال 2012 نحو 19 مليار دولار، بزيادة 14% مقارنة بـ2008، بينها 12 مليار دولار مقدمة من شركات القطاع الخاص، وذلك وفق بيانات السلطات السويسرية حول تمويل البحث العلمي والتي تصدر كل 4 سنوات.

وتمثل تلك القيمة نحو 3.
1% من قيمة الناتج الإجمالي المحلى في سويسرا، ويعمل في مجال البحث العلمي في سويسرا 117 ألف باحث، نصفهم تقريبا من الأجانب.

وتأسس المعهد الاتحادي السويسري للتقنية في زيورخ في 1855، وأخذ مؤسسوه على عاتقهم تحويله إلى قلعة علمية متخصصة في العلوم التطبيقية بمنهجية علمية متميزة أثبتت حضورها، بحصول 21 من خريجي المعهد وباحثيه على جوائز نوبل في العلوم التطبيقية المختلفة في الفترة ما بين 1913 و2002.