المشكلة ليست في المدارس الدينية.. بل في التطرف

الجدل الدائر في بريطانيا حول خطر المدارس الدينية مثير للاهتمام. لكن الحقيقة هي أن المشكلة ليست في المدارس الدينية، بل في الأصولية والتطرف.

الجدل الدائر في بريطانيا حول خطر المدارس الدينية مثير للاهتمام. لكن الحقيقة هي أن المشكلة ليست في المدارس الدينية، بل في الأصولية والتطرف.

الخميس - 12 يونيو 2014

Thu - 12 Jun 2014



الجدل الدائر في بريطانيا حول خطر المدارس الدينية مثير للاهتمام. لكن الحقيقة هي أن المشكلة ليست في المدارس الدينية، بل في الأصولية والتطرف.

خلال الأيام القليلة المقبلة سيقول كثير من الليبراليين إن السماح بفتح مدارس دينية في بريطانيا سيعني السماح بالتطرف الديني من جميع الأنواع بالوصول إلى أبنائنا. عندما يسمع المرء هذا الجدل سوف يفترض ثلاثة أمور: أولاً، أن المدارس الدينية قليلة جدا وتخدم مجتمعات مغلقة بإحكام؛ ثانيا، أن مناهج هذه المدارس شارك في كتابتها أسامة بن لادن مع الكنيسة المعمدانية؛ وثالثا، المجانين فقط يرسلون أبناءهم إلى مثل هذه المدارس الدينية. النقاط الثلاثة كلها غير صحيحة.

أولا، المدارس الدينية منتشرة في كل مكان. على سبيل المثال، نحو 25% من جميع المدارس الابتدائية والمتوسطة تديرها الكنيسة الإنجليزية. تأسيس المدرسة الدينية المجانية في مكان ما يتم عادة بناء على رغبة السكان المحليين الذين يتقدمون بطلب من أجل ذلك، وليس لأن رجل دين مسيحي أو مسلم طلب ذلك.

ثانيا، المدارس الدينية يجب أن تلتزم بالمناهج الدراسية الوطنية في جميع المواد والعلوم. لن تستطيع أي مدرسة فرض أي لباس ذي صبغة دينية على طلابها. التعاليم الدينية الخاصة بديانة معينة لن تنعكس على جوهر المواد التي يتم تدريسها للطلاب. هناك مدرسة كاثوليكية قريبة من بيتي استبدلت الصلوات بحكايات «خرافات إيسوب» التي تعود إلى ما قبل الميلاد وتعلم الأطفال مبادئ أخلاقية عامة.

ثالثا، معظم المدارس الدينية تقبل طلابا من جميع الأديان الأخرى. المدارس الجديدة تقبل 50% من منتسبيها من الأديان الأخرى. المدارس الأخرى التي كانت تخدم مجتمعات وجاليات محددة كانت تميل بالتأكيد إلى الجماعة التي من نفس ديانتها –لكن معظم هذه المدارس بدأت تقبل الآن أبناء الديانات الأخرى. المدارس التابعة للكنيسة الإنجليزية، على سبيل المثال، تقبل 25% من الأديان الأخرى. هاك من يقول إن المدارس الدينية تنتقي طلابها من أبناء طبقة اجتماعية محددة –أي الطبقة الميسورة ماديا. هذا غير صحيح. في المدارس الثانوية التابعة للكنيسة الإنجليزية، نحو 15% من الطلاب فقراء وهم يستفيدون من منحة الوجبة المجانية. كما أن 25% يأتون من أقليات إثنية. صحيح أن بعض المدارس لديها شروط قد تبدو غريبة لقبول الطلاب، لكن السبب الرئيس هو أن هذه المدارس تلقى إقبالا كبيرا ولذلك فإن إداراتها تبحث دائما عن أساليب أكثر تعقيدا لتقليص عدد المتقدمين إليها. وما سبب الإقبال عليها؟ السبب هو الأداء المتميز لهذه المدارس.

إن المدارس الدينية في بريطانيا بشكل عام مفتوحة للجميع، وهي ناجحة وتشجع على التسامح بين الأديان. لكن الذي حدث في مدينة برمنجهام مؤخرا كان أحد أسباب تجدد الجدل حول المدارس الدينية في بريطانيا. فما الذي حدث بالضبط.

خلال السنوات الأخيرة، انتقل عدد كبير من الناس من أصول باكستانية وبنغالية إلى برمنجهام –وما إن وصلوا إلى هناك، حتى بدؤوا يحاولون إنشاء مدارس محلية تعكس ثقافة البلدان التي جاؤوا منها –وهذا أمر طبيعي. لا شيء غريب أو خاطئ في ذلك الأمر سوى أن إدارات تلك المدارس سمحت في حالات قليلة لتلك المدارس بأن تصبح معزولة عن المجتمع البريطاني وفشلت في غرس حس الانتماء إلى مجتمع وطني يتمتع بقيم تحترم جميع الأديان وجميع الثقافات. الأسوأ من ذلك أن هذه المدارس يقال إنها أصبحت هدفا للمتطرفين وأمكنة لنشر الإسلام السياسي. السماح بذلك الأمر يعني أن هذه المدارس خالفت روح المنهاج الدراسي العام وخانت أهالي الطلاب المسلمين الذين لا يريدون أن تُستغل هذه المدارس من أجل انتقاد أمريكا على سبيل المثال. هذه الأمور السيئة لا تعكس الدور الصحي والجيد الذي يستطيع الدين أن يلعبه في التعليم. هذه الممارسات تعكس فقط مشاكل تعاني منها جاليات محددة أو أجزاء من دين محدد. بعبارة أخرى، يمكن القول إن ما حدث في برمنجهام كان نتيجة فشل وزارة الداخلية البريطانية في العمل على تشجيع الاندماج بين أبناء الجاليات المهاجرة. لا أعتقد أن تدريس الفكرة الغامضة التي تسمى «القيم البريطانية» سوف يصحح المشكلة، لكن ذلك سيساعد على الأقل على الاعتراف بوجود هذه المشكلة.

إن المشكلة الأساسية ليست في وجود المدارس الدينية، ولكن في طريقة إدارتها. عندما تكون هناك مدرسة إسلامية مثلا يشكل أبناء الأديان الأخرى فيها 50% فإن ذلك سيخدم غرضين في آن معا: ستحافظ المدرسة على شخصيتها الإسلامية وتساعد على نشر ثقافة التسامح بين الأديان. بعكس ما يتوقع البعض، مثل هذه المدارس يمكن أن تكون أكثر تنوعا حتى من المدارس العلمانية.