هل سيكون الصندوق السيادي أول قرارات العام المقبل؟

بعد أربعة أيام ينتهي العام المالي والاقتصادي 2014، الذي كان حافلاً بالإنجازات والتحديات، وتخلله تراجع أسعار النفط بنحو 42% إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، ورفض وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي فكرة تخفيض الإنتاج للحفاظ على حصة المملكة ودول أوبك من السوق العالمية، وعدم التنازل عنها لصالح المنتجين من خارج أوبك هما الحدثان الأبرز اقتصاديا في هذا العام الذي أعلنت ميزانيته أمس الأول

بعد أربعة أيام ينتهي العام المالي والاقتصادي 2014، الذي كان حافلاً بالإنجازات والتحديات، وتخلله تراجع أسعار النفط بنحو 42% إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، ورفض وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي فكرة تخفيض الإنتاج للحفاظ على حصة المملكة ودول أوبك من السوق العالمية، وعدم التنازل عنها لصالح المنتجين من خارج أوبك هما الحدثان الأبرز اقتصاديا في هذا العام الذي أعلنت ميزانيته أمس الأول

الجمعة - 26 ديسمبر 2014

Fri - 26 Dec 2014

بعد أربعة أيام ينتهي العام المالي والاقتصادي 2014، الذي كان حافلاً بالإنجازات والتحديات، وتخلله تراجع أسعار النفط بنحو 42% إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، ورفض وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي فكرة تخفيض الإنتاج للحفاظ على حصة المملكة ودول أوبك من السوق العالمية، وعدم التنازل عنها لصالح المنتجين من خارج أوبك هما الحدثان الأبرز اقتصاديا في هذا العام الذي أعلنت ميزانيته أمس الأول.
وإن كان خروج وزيري المالية والبترول والثروة المعدنية الاستثنائي عن الصمت المعهود لتطمين وإعادة الثقة في الاقتصاد السعودي، وتأكيدهما على استمرار الإنفاق التنموي، وعودة أسعار النفط الخام للارتفاع في المستقبل المنظور، لا يقلان أهمية عن أحداث العام الاقتصادية، كونهما يتوليان أهم حقيبتين وزاريتين في المملكة إحداهما تتولى إدارة السياسة النفطية التي تمثل نحو 90%من إيرادات الميزانية، والأخرى تتولى إدارة هذه الإيرادات، وتخصيص إنقاقها على المشاريع التنموية.
وحديث الوزيرين الذي أعاد الثقة في الاقتصاد، وبث الطمأنينة بين المتعاملين في السوق السعودية نتمنى ألا يكون الأخير لهما، وأن يستمر بين الفينة والأخرى كعادة ربع سنوية في أقل الأحوال، إن لم يكن حديثاً شهرياً شفافاً، لإلقاء الضوء على السياسية الاقتصادية والنفطية وتطوراتها، لأن النفط والتنمية متلازمان في المملكة، لا يمكن الحديث عن الميزانية والإنفاق الحكومي بمعزل عن النفط، وبالتالي لا يمكن فصل الحبل السري الذي يربط بين الاقتصاد والنفط في المستقبل المنظور.
لذا كان حديث وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي النعيمي أكثر أهمية لأنه يشخص حالة سلعة رئيسة تعد الشريان المغذي لنحو 90% من إيرادات الميزانية، وعليها تعتمد مشاريع التنمية، وحجم الإنفاق الحكومي، ومحرك رئيس لاقتصاد 27 مليون نسمة.
ولغة التفاؤل سائدة في تصريح وزير البترول ـ الذي يدرك جيداً ما يقول ـ حول الحالة التي تمر بها السوق النفطية، والتي وصفها بالمشكلة الطارئة، وأن ما حدث في السوق النفطية يعد حالة موقتة وعابرة، وأن العوامل الاقتصادية كتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وتحركات المضاربين وزيادة المعروض من النفط سواء تقليدي أو صخري سبب رئيس لهذا الانخفاض في الأسعار، مضيفاً أن الطلب على النفط سيعود إلى الارتفاع نتيجة عودة اقتصادات الدول الناشئة إلى النمو، ويرى أن المملكة لديها اقتصاد متين، واحتياطيات مالية ضخمة، مما يجعل اقتصادها قادرا على تحمل تذبذبات موقتة في دخلها من النفط.
وحتى إن عادت أسعار النفط إلى الارتفاع مرة أخرى كما توقع وزير النفط النعيمي، فبقاء الاقتصاد السعودي تحت رحمة تذبذبات أسعار النفط الخام التي تخضع لعوامل عدة اقتصادية، وسياسية، ليس بالأمر الجيد، وقد يدخله عدم استقرار النفط مستقبلاً في دوامة عدم الاستقرار على المدى الطويل، فالحل الوحيد لإخراجه من مأزق تقلبات أسعار النفط هو تأسيس صندوق سيادي برأس مال كبير، والذي أتمنى أن يكون أول القرارات الاقتصادية التي نفتتح بها العام المالي 2015.
فالصندوق السيادي أصبح ضرورة اقتصادية لتأمين مستقبل الأجيال، وقد أثبتت تجارب دول كثر خليجية وغير خليجية نجاعته في تنويع مصادر الدخل، وتجنيبها أزمة تقلبات أسعار النفط الخام، علاوة على أنه لا يتعارض مع الاحتياطيات السعودية التي تديرها مؤسسة النقد «ساما» حاليا، بل يختلف جذرياً عنها، فالصناديق السيادية تعد أصولا مُدرة للدخل، تستثمر أموالها في أصول حقيقية كالشركات، والتقنية أو السلع، وبالتالي العائد سيكون أكبر، علاوة على أنه استثمار طويل، في حين أن الاحتياطيات النقدية في «ساما» تركز على الاستثمار في الأدوات المالية القابلة للتسييل بسهولة وسرعة، لأنها تهدف لتلبية احتياجات المالية العامة، وبرامج التنمية.
كما أن تراجع الاقتصاد العالمي، وتوفر الاحتياطات المالية الكبيرة، يجعلان الوقت الراهن أفضل وقت لتأسيس هذا الصندوق، بما يمكنه من الاستفادة من الفرص الاستثمارية الكبيرة التي خلقها ركود الاقتصاد العالمي وتابعته المالية على كثير من الشركات؛ إذا ما علمنا أن كثيرا من الشركات الأوروبية تعاني من نقص السيولة وتراكم الديون عليها، مما يتيح للصندوق ـ في حال إنشائه في المستقبل القريب ـ الاستحواذ على العديد من الشركات الصناعية التي تمتلك براءات اختراع، وصناعة معرفية وتقنية متميزة، أو في أقل الأحوال المشاركة بنسبة ملكية عالية، وتحقيق عوائد مالية عالية ومجزية لأجيال المستقبل، كما أن التأخر في إنشائه قد لا يقلل من إمكانية نجاحه، لكنه قد يفوت فرصة سانحة وثمينة لصندوق جديد يبحث عن استثمارات ذات عوائد مجزية.