المياه الجوفية تهدد نور الدمام

يعيش سكان حي النور بالدمام، حالة فريدة من التلوث البيئي نتيجة لارتفاع منسوب المياه الجوفية، ما تسبب في تكون مستنقعات من مياه الصرف غير الصحي ومخلفات بيارات المنازل

يعيش سكان حي النور بالدمام، حالة فريدة من التلوث البيئي نتيجة لارتفاع منسوب المياه الجوفية، ما تسبب في تكون مستنقعات من مياه الصرف غير الصحي ومخلفات بيارات المنازل

الثلاثاء - 03 فبراير 2015

Tue - 03 Feb 2015



يعيش سكان حي النور بالدمام، حالة فريدة من التلوث البيئي نتيجة لارتفاع منسوب المياه الجوفية، ما تسبب في تكون مستنقعات من مياه الصرف غير الصحي ومخلفات بيارات المنازل.

وكان عدد من المسؤولين بالأمانة وعدوا الأهالي قبل عامين، وتحديدا في يناير 2013 بإزالة ما وصفوه بالملوثات البصرية والبيئية، وتقديم أفضل الخدمات، لكنها بقيت مجرد وعود، بدليل ما يشكوه سكان الحي من هيمنة المستنقعات على مساحات كبيرة في حيهم.

وحذر خبير هندسي من جملة تداعيات تنتظر المباني والشوارع في الأحياء التي تغمرها المياه الجوفية، فضلا عن التداعيات البيئية وخطرها على السكان.

معاناة السكان

سكان الحي أبدوا قلقهم من الحالة البيئية المتردية التي يعيشون في ظلها، نتيجة لانتشار المستنقعات، وما يمكن أن تسببه من أمراض تنقلها الحشرات والقوارض.

وقال محسن الدوسري: رغم مرور سنوات على بدء مشروع الصرف الصحي بالحي الذي تنتهي مرحلته الثانية في شوال 1437 إلا أنه لم يطرأ على وضع الصرف الصحي أي تحسن بل زاد سوءا.

وطالب بإيجاد حلول سريعة لهذه الحالة البيئية المتردية، مؤكدا أنه من غير المعقول أن ينتظر أهالي الحي ست سنوات للانتهاء من مشروع الصرف الصحي كما أبلغنا بذلك.

وفي السياق ذاته، تحدث إبراهيم السبيعي عن أضرار لحقت بمنازل سكان الحي تراوحت بين تشققات وتقشر دهان الحوائط نتيجة للرطوبة الناتجة عن رشح المياه الجوفية وهبوط طبقة الأسفلت في بعض شوارع الحي.

ويشكو محمد عسيري من نفور المستثمرين من الحي نتيجة لتدني خدماته، خاصة البيئية، ما جعل الحي خاليا من محلات الخدمات، كصالونات الحلاقة، والسوبرماركات، والمغاسل، ومؤخرا بدأ قاطنوه يغادرونه بعد أن فقدوا الأمل في تحسن أوضاعه.

وطالب سليمان العتيبي الأمانة بتسخير إمكاناتها وخبراتها للقضاء على الأزمة البيئية الراهنة في الحي إلى أن تكتمل المشاريع القائمة، كما طالب بتكثيف رش المبيدات الحشرية للقضاء على البعوض.

ويرى صالح الدوسري أن موقع الحي على طريق أبوحدرية ووقوعه بجوار صناعية دلة ساهم في تحوله إلى ساحة مفتوحة لتوقف الشاحنات بداخله، مطالبا الجهات المعنية بمنعها من ذلك.

الأمانة تتحف

ظمن جانبها، تحفظت أمانة المنطقة الشرقية على الرد عن استفسارات «مكة» بشأن وضع الإصحاح البيئي بحي النور، رغم إرسال تساؤلاتنا على بريدها الالكتروني منذ 18 يناير الماضي، والتي دارت حول طفح المياه الجوفية، وانتشار مخلفات البناء في الأراضي الفضاء بالحي، بالإضافة إلى إهمال نظافة الحي وانتشار الذباب والبعوض.

ولم تفصح الأمانة عن جهودها لحماية سكان الحي من هذه الحالة المتردية، ودون أسباب تذكر.

60 مليونا للصرف

وعلى صعيد مشروع الصرف الصحي الجاري تنفيذه بحي النور (مخطط 1/249)، أوضح المدير العام للمياه بالمنطقة الشرقية المكلف المهندس حمد الوابل لـ»مكة»، أن المشروع يجري تنفيذه على مرحلتين، بلغت نسبة الإنجاز في الأولى %82 وتشمل الخطوط الرئيسية وخط الطرد ومحطة الضخ بتكلفة إجمالية 40 مليون ريال، علما بأن المشروع في مرحلتيه لا يقتصر على هذا الحي وإنما يشمل كذلك مخطط 1/245 وعددا من المخططات الأخرى بالدمام.

وقال: أما بالنسبة للمرحلة الثانية (الجزء الأول) فتصل تكلفتها إلى 18 مليون ريال وتأتي امتدادا لما تم إنجازه في المرحلة الأولى وتشمل الخطوط الفرعية والتوصيلات المنزلية، وهذه بلغت نسبة الإنجاز فيها حتى الآن %37، مشيرا إلى أن مدة العقد تستغرق ثلاث سنوات بدأت من تاريخ تسليم الموقع في 18 شوال 1434هـ.

وتطرق الوابل إلى إشكالية تكون المستنقعات في الحي، فأشار إلى أنها ترجع إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية نظرا لطبيعة التربة في هذا المخطط، وهي مسألة تقع خارج اختصاص المديرية.

وأكد الوابل أن المديرية تقوم بسحب مياه الصرف الصحي من البيارات عن طريق المقاول المتعهد بذلك، أما المباني الاستثمارية والتجارية فتتم متابعتها عن طريق أمانة المنطقة الشرقية.

مخاطر هندسية وبيئية

من جانبه، أكد المهندس المعماري علي عبدالواحد، أن المياه السطحية التي تنتج عن تشبع الأرض بالمياه وتجمعها يرتفع منسوبها إلى مستوى أساسات المباني وربما أعلى، بحيث لا تتسرب إلى أعماق الأرض أو تصرف إلى أماكن منخفضة، خاصة إذا كانت تلك التربة من النوع الذي تتغير خواصها بالماء النقي أو الملوث.

وأفاد أن هذه المياه تعد من أخطر المشاكل التي تهاجم أساسات المباني والبيئة المحيطة في الحي السكني، لافتا إلى خطورة تعرض أساسات المباني للرطوبة، وأن تفاعل الخرسانة مع تلك المياه يزيد من تركيز الكبريتات والكلور فيها ما يؤدي إلى تآكلها وتهالكها بشكل سريع.

وقال إن تسلل تلك المياه إلى داخل الأساسات ووصولها لحديد التسليح، يؤدي إلى تآكله وتهالكه، ما يجعل الانهيار حتميا لأي مبنى خرساني مهما كان حجمه.

ولفت إلى أن تشبع الأرض بالماء يغير من مقاومة التربة الواقعة تحت الأساسات ما يفقدها القدرة على المقاومة.

وأفاد عبدالواحد، أن المبنى يصمم عادة على أساس الاعتبارات الطبيعية للأرض وقت إعداد المخطط، ولا شك أن المياه المنقولة التي تأتي من المنطقة المحيطة تغير تلك الاعتبارات، ما يلزم معه إعادة تقييم المبنى إنشائيا وفق الظروف الجديدة.

أما على الصعيد البيئي، فلفت عبدالواحد إلى أن الرطوبة تخلق بيئة مناسبة لتكاثر البكتيريا والفطريات داخل المباني وخارجها، كما تتسبب في إنبات الأشجار الضارة وغير المرغوب فيها بشكل عشوائي يصعب التحكم فيه.

وتستلزم إزالتها تكاليف إضافية وبشكل مستمر، كما تشكل المستنقعات بيئة خصبة للحشرات والبكتيريا وانتشار الأمراض، فضلا عن انتشار الروائح والأبخرة التي تلوث الهواء، وتشوه المنظر العام داخل الأحياء.

وقد تختلط المياه الملوثة بشبكة مياه الشرب أو مياه الاستخدام اليومي وهذا أخطاره الصحية والبيئية ظاهرة معروفة، فضلا عن تأثيراتها على الشوارع والأرصفة وزيادة مخاطر الصعق الكهربائي.