ماذا قالوا عني

نعيش في مجتمعنا قدرا كبيرا من المظهرية التي تجعل صورة الإنسان أو المجموعة أو الأسرة أو القبيلة أو حتى الجهة الحكومية أمام الآخرين أهم معايير حركتها، حتى ولو كان ذلك على حساب الجوهر والمضمون والأهداف الأصلية.

نعيش في مجتمعنا قدرا كبيرا من المظهرية التي تجعل صورة الإنسان أو المجموعة أو الأسرة أو القبيلة أو حتى الجهة الحكومية أمام الآخرين أهم معايير حركتها، حتى ولو كان ذلك على حساب الجوهر والمضمون والأهداف الأصلية.

الاثنين - 02 يونيو 2014

Mon - 02 Jun 2014



نعيش في مجتمعنا قدرا كبيرا من المظهرية التي تجعل صورة الإنسان أو المجموعة أو الأسرة أو القبيلة أو حتى الجهة الحكومية أمام الآخرين أهم معايير حركتها، حتى ولو كان ذلك على حساب الجوهر والمضمون والأهداف الأصلية.

ويبقى سؤال: كيف سيراني الناس؟ وماذا سيقولون عني؟ وماذا قالوا أصلا؟ هو أهم دلائل النجاح عند هؤلاء، ولذلك يتجه التفكير والسلوك إلى ملاحظة مزاج المحيطين ومعاييرهم قبل كل شيء، فيتكلفون لأجل مراعاة ذلك تكاليف باهظة في كثير من الأحيان، وإذا كان بعض هذا الأمر قد يكون غريزيا في الحقيقة إلا أن الأمر يتحول إلى مصيبة فعلا حين يصبح هو الهم الأول الذي يوضع في مقدمة الأهداف حتى ولو لم يصرح به أحد، وتزداد المصيبة حين يحضر هذا الأمر في عدد كبير من القضايا الحياتية صغيرة كانت أو كبيرة.

ولذلك فقد تجد مثلا أن المرأة قد تتأثر بهذه المظهرية بل قد تسيطر عليها في لباسها ومناسباتها ومنزلها وكل ماله صلة بالناس من أمورها، بل إن كثيرا من النساء قد تبذل كل ما لديها وما في قدرتها من جهد ومال لتحقيق رضا الناس ودهشتهم وثنائهم عليها، وبالمثل فقد تجد كثيرا من الرجال يلاحظ هذا المعيار في مسكنه ومركبه وولائمه العامة وأسفاره، وقد تجد القبيلة تنطلق في كثير من مناسباتها الاجتماعية من قاعدة ملاحظة الآخرين وكيف سيكون ظهورها أمام الناس وأمام القبائل الأخرى، ثم يمتد ذلك لتراه في أنشطة الجهات الرسمية واحتفالات المناطق بل في مناشط الجامعات كالمؤتمرات العلمية والكراسي البحثية وغير ذلك والجميع وإن كان لا يصرح بهذا الدافع إلا أنه يتحرك في الواقع تحت تأثيره، وهي متوالية لا تنتهي عند حد، ويتم ذلك كله مع الأسف على حساب القدرات الحقيقية في واقع الحال وعلى حساب العمل الواجب لتحقيق الأهداف الحقيقية المطلوبة أصلا.

ماذا لو عشنا كأفراد كما نحن فعلا وراعينا الحد الأدنى المطلوب للتماهي مع المجتمع المحيط دون أن ندخل في هذه الدوامة الفارغة؟ ماذا لو عاش المرء برضا تام وفق قدراته الحقيقية في الجانب الشخصي والمالي دون تزييف أو تكلف يذهب بمصداقيته ويرهق كاهله، ويعرضه للانكشاف عند أدنى ريح؟ ماذا لو اشتغلت الكيانات الاجتماعية والحكومية بتحقيق الأهداف الأصلية لها دون مظهرية فارغة تستنزف الجهود؟ أعتقد أننا سنكون حينها في حال أفضل.