إدارة الأزمات والكوارث عندنا..إلى أين؟

لسنا الوحيدين، ولكن كل المجتمعات أغفلت لوقت طويل مسألة الاستعداد للطوارئ الكارثية والأزمات الحادة، والتنبؤ بها، ودراسة احتمالاتها قبل حدوثها، خاصة ًبعد إنشاء المؤسسات والمصانع والمنشآت الضخمة العملاقة، علماً بأن هذه الإجراءات كانت موجودة بشكل بسيط في حياة المجتمعات البدائية الأولى.

لسنا الوحيدين، ولكن كل المجتمعات أغفلت لوقت طويل مسألة الاستعداد للطوارئ الكارثية والأزمات الحادة، والتنبؤ بها، ودراسة احتمالاتها قبل حدوثها، خاصة ًبعد إنشاء المؤسسات والمصانع والمنشآت الضخمة العملاقة، علماً بأن هذه الإجراءات كانت موجودة بشكل بسيط في حياة المجتمعات البدائية الأولى.

الاثنين - 26 مايو 2014

Mon - 26 May 2014



لسنا الوحيدين، ولكن كل المجتمعات أغفلت لوقت طويل مسألة الاستعداد للطوارئ الكارثية والأزمات الحادة، والتنبؤ بها، ودراسة احتمالاتها قبل حدوثها، خاصة ًبعد إنشاء المؤسسات والمصانع والمنشآت الضخمة العملاقة، علماً بأن هذه الإجراءات كانت موجودة بشكل بسيط في حياة المجتمعات البدائية الأولى.



فحين تزمع مجموعة من الناس إنشاء قرية أو مدينة فإنهم يدرسون بدقة وأناة الموقع الجغرافي المقترح والعوامل والمعطيات الطبيعية التي تحيط به، فيختارون مثلاً أعلى الجبل لأن الوادي الذي يقع في أسفله معرض للسيول التي تنحدر منه في فصل الخريف، ثم هم يشيدون منازلهم بما يضمن سلامتهم في حال حدوث أي كارثة طبيعية، وتبعاً للظروف المناخية السائدة والمحتملة في المنطقة فيختارون نوع المواد التي يشيدون بها منازلهم، حجراً أم قشاً أم طيناً لبناً... وهكذا.

وتخزين الحبوب وتجفيف اللحوم على الشمس نوع ودرجة بسيطة من الاستعداد للكوارث والأزمات في حال الجفاف والكوارث الطبيعية التي تفسد الموسم الزراعي للمجموعة التي تعيش في هذه المنطقة.

إلا أن الكوارث الطبيعية لم تعد هي الخطر الوحيد الذي يهدد المؤسسات والمنشآت والاقتصاد ....إلخ، وإنما أصبحت العمليات داخلها وبفعل إنساني بحت تعرضها لكوارث ضخمة، لا تقل خطورة في حجمها التدميري عن الكوارث الطبيعية، فالكارثة التي حلت ببرجي التجارة بنيويورك سواءً في حجمها التدميري أو عدد ضحاياها لا تقل بأي حال عن زلزال أو فيضانات عاتية.. هذا إن لم تفقها.

وقد يتسبب خطأ تقني أو بشري في كارثة تستمر آثارها ونتائجها الكارثية لعشرات السنين مثلما حدث في مفاعل تشرنوبيل بالاتحاد السوفيتي سابقاً، ولذا فقد أصبحت عملية التنبؤ أو توقع احتمالات الكوارث والأزمات من أهم الأركان الإدارية، وقد عملت المؤسسات مهما كان حجمها على إنشاء وحدات خاصة بإدارة الكوارث أو إدارة الأزمات.

ورغم أن التركيز الأكاديمي على ميدان بحث إدارة الأزمات بشكله الحديث والمعاصر بدأ في أوائل الستينات إثر أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر عام 1962، عندما قال “مكنمار” وزير الدفاع الأمريكي الأسبق: لم يعد هناك بعد الآن مجال للحديث عن الاستراتيجية، وإنما عن معالجة الأزمات فقط، فإن هذا العلم الحديث الذي يهدف إلى التنبؤ بالأحداث المفاجئة والمحتملة والتحكم فيها والتعامل معها حين وقوعها، ومواجهة آثارها ونتائجها حتى أصبح موضوع إدارة الأزمات أحد أهم مواضيع الإدارة في العصر الحديث، لم ينل حظه من الاهتمام هنا، سواءً في الجامعات أو المؤسسات المعنية بموضوعه.

والآن فإن الشيء الذي يسر حقاً هو أن تجد بعض باحثينا يولون هذا الموضوع الحيوي والمهم اهتمامهم، وقد اطلعتُ على إضافة أجدها شخصياً في غاية الأهمية تمثلت في كتاب الدكتور فهد أحمد الشعلان “إدارة الأزمات: الأسس، المراحل، الآليات”. وقد تضمن الكتاب معلومة جانبية ولكني أجدها في غاية الأهمية، وهي أن أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية تُعنى بإعداد الدراسات والأبحاث الخاصة بموضوع إدارة الأزمات والكوارث، حيث اشتمل برنامج الماجستير فيها على مواد ومفردات من الموضوع، إضافةً إلى إعداد (18) رسالة ماجستير في الموضوع، وأنها نفذت حتى عام1997م، (16) دورة تدريبية في موضوعات تتعلق بإدارة الأزمات والكوارث شارك فيها حوالي (300) متدرب من الدول العربية، غير الندوات والمحاضرات التي نظمتها لهذا الموضوع.

وإذا جاز لنا أن نشكر المؤلف والأكاديمية الأمنية على هذا الجهد، فإننا في نفس الوقت يجب أن ننبه إلى ضرورة الاهتمام بهذا العلم أكثر من ذلك، والآن يأتي دور جامعاتنا ومؤسساتنا المعنية بهذا العلم لدعمه وترسيخه، فنحن لسنا، كما يتصور البعض ويحب أن يقنعنا بأننا دولة صغيرة، وليست كبرى.