في التغيير والمراحل السعودية

يمكن اعتبار المملكة مرحلة واحدة بعمرها الممتد منذ حوالي قرن إذا جاءت النظرة شاملة، لكن رؤية المراحل التاريخية القصيرة والطويلة ضرورة يحتاجها الذهن النخبوي والشعبي، يميز فيها بين زمن وآخر، وظروف كل مرحلة داخليا وخارجيا.

يمكن اعتبار المملكة مرحلة واحدة بعمرها الممتد منذ حوالي قرن إذا جاءت النظرة شاملة، لكن رؤية المراحل التاريخية القصيرة والطويلة ضرورة يحتاجها الذهن النخبوي والشعبي، يميز فيها بين زمن وآخر، وظروف كل مرحلة داخليا وخارجيا.

السبت - 31 يناير 2015

Sat - 31 Jan 2015



يمكن اعتبار المملكة مرحلة واحدة بعمرها الممتد منذ حوالي قرن إذا جاءت النظرة شاملة، لكن رؤية المراحل التاريخية القصيرة والطويلة ضرورة يحتاجها الذهن النخبوي والشعبي، يميز فيها بين زمن وآخر، وظروف كل مرحلة داخليا وخارجيا.

وإذا كان هناك العديد من المميزات التي تبدو ثابتة في كل المراحل فإن شخصية الدولة في الوعي العام ما زالت متقاربة كما هي منذ مرحلة التأسيس بالرغم من كل المتغيرات الزمنية، وظروف التحديث التنموي، ورياح العصر.

أحدثت العشر سنوات الأخيرة مع تطورات تقنية الاتصال فجوة ملحوظة عند الجيل الأخير بينه وبين الخطاب الإعلامي والتعليمي الرسمي وتعدد أدوات الـتأثير.

كثرة المتغيرات بين زمن وآخر، تفرض بعض الفوارق بين كل عهد وتميزه عن غيره، بعضها لأسباب كونية مع تحولات العالم، وبعضها لأسباب داخلية مع تغيرات الوعي والأجيال، لهذا يبدو لكل عهد سياسي أسلوبه وشخصيته في الوعي الجمعي، هذا التصور أحيانا يكون دقيقا ومعبرا فعلا عن تمييز بين مرحلة وأخرى، وأحيانا يكون مجرد وهم عام بالذاكرة الشعبية المشوشة.

إن عدم استحضار طبيعة العصر ونوعية القوى المؤثرة في كل مرحلة، هو الذي يجعل بعض النخب تقدم طرحا غير دقيق، في تقييم أشياء كثيرة ومنها السقف الإعلامي وأسلوب الإدارة.. وتأثير النمو الديموغرافي في الإدارة، كما أن نوعية النظام المؤسسي يفرض شخصية ثابتة إلا أن الفرد يظل مؤثرا فيها وعلى روح الفريق.

لهذا تبدو السمات الشخصية للقائد مؤثرة كثيرا حتى في نظم غربية عريقة في مؤسساتها، ويبرز الاختلاف فيها بين مرحلة وأخرى. السياسة الداخلية عادة تكون أقل تغيرا من الخارجية التي تفرضها نوعية التحديات المتجددة، وموازين القوى الإقليمية والعالمية.. ونوعية المواقف. ولهذا لا يمكن الحديث عن شكل محدد لهذه المواقف مسبقا. لكن أسلوب إدارة الملفات الخارجية يحدث فيه بعض التغيرات بسبب هذه العوامل ومنها تأثير الأفراد على نوعية الخطاب الإعلامي وإدارة الصراعات.

عند كل مرحلة جديدة تبالغ بعض التكهنات والكتابات في النت ومواقع التواصل، حيث تختلط عند بعض المنخرطين في صراعات شخصية داخلية بين التيارات مصالحهم الذاتية مع الحديث باسم هموم الوطن الكبرى، فتبدو رغباتهم المشخصنة في تصور طبيعة المرحلة حول قضايا المجتمع، لتحدد نوعية المواقف وطبيعة الخطاب الإعلامي.

هذه النوعية من الكتابات تظهر مبكرا عند بداية كل مرحلة للتأثير عليها، وتمارس قدرا كبيرا من المغالطات. ولهذا تجتهد في صناعة رؤية حدية بين طرفين.. لتمارس الصراخ المفتعل حول قضايا ليست عميقة في هموم المجتمع، وإنما من أجل تشكيل المواجهة وفق إطار مشخصن يكسب فيه الحضور والسمعة المنخرط في معارك فارغة من أي مضمون مفيد للوطن.

شخصية الملك سلمان بن عبدالعزيز تتجسد فيها شخصية الدولة بمراحلها الثلاث بكل أطوراها، وهي حاضرة في صناعة القرار السياسي منذ أكثر من نصف قرن، عاصرت فيه مختلف التحديات والظروف، ويدرك المجتمع بأفراده ونخبه خصوصية هذا القائد السياسي، وهي ميزة نادرة في لحظة تاريخية تزامنت مع الحضور التدريجي للجيل الثالث في صناعة القرار، مما يجعل أي تغيير وتطوير قادم في جوانب مختلفة.. قادر على تجاوز أي توترات، والبعد عن الرؤية الصراعية المؤامراتية في تناول مشكلات التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وقد جاءت الأوامر الملكية ليلة الجمعة معبرة عن طبيعة مرحلة، ومنهج في القرار السياسي أحدثت صدى كبيرا في المجتمع السعودي لم يحدث مثله منذ زمن بعيد.