الشعور بالانتماء وحب الوطن في التاريخ الإسلامي
إن الشعور بالانتماء مترتب على الحب، فمن لا حب له لا انتماء له.
إن الشعور بالانتماء مترتب على الحب، فمن لا حب له لا انتماء له.
الخميس - 29 يناير 2015
Thu - 29 Jan 2015
إن الشعور بالانتماء مترتب على الحب، فمن لا حب له لا انتماء له.
والوطن في مفهومنا العصري يسمى الدولة، والدولة لا تطلق إلا على أرض وشعب وحكومة. ويمكننا استنباط هذا المفهوم من الأحاديث الشريفة كما سيأتي.
فإذاً يترتب على حب الوطن حب الأرض أولا، وحب السكان ثانيا، وحب الحكومة ثالثا.
المحور الأول: حب الأرض:
أخرج الأزرقي عن ابن عباس قال قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لما خرج من مكة: أما والله إني لأخرج وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها على الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت. (الدر المنثور - السيوطي ج1/ص300)
وكل هذا الخبر شاهد على حبه، صلى الله عليه وسلم، لوطنه وتمسكه به.
وجاء في شرح الزرقاني ج4/ص288 قال السهيلي: وفي هذا الخبر (إصابة الصحابة بالحمى عند هجرتهم إلى المدينة ومفارقتهم مكة)، وما ذكر من حنينهم إلى مكة، ما جبلت عليه النفوس من حب الوطن والحنين إليه. وقد جاء في حديث أصيل الغفاري أنه قدم من مكة فسألته عائشة كيف تركت مكة يا أصيل، قال تركتها حين ابيضت أباطحها وأحجن ثمامها وأغدق إذخرها وأبشر سلمها، فاغرورقت عيناه، صلى الله عليه وسلم، وقال: تشوقنا يا أصيل؟ ويروى أنه قال له دع القلوب تقر.
وهذا كان في ابتداء الهجرة، ثم حببت المدينة إليهم بدعائه، صلى الله عليه وسلم، فهو دليل على فضلها ومحبته فيها، وفضائلها جمة كثيرة صنفها الناس، كما صنفوا أيضا في فضائل المدينة الكثير.
وفي طرح التثريب في شرح التقريب – للعراقي ج4/ص185 في رواية ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل قال لتُكذَّبَنَّه ولتُؤذَيَنَّه ولتُخرجَنَّه فقال أو مُخرجيَّ هم؟!
قال السهيلي: في هذا دليل على حب الوطن وشدة مفارقته على النفس، فإنه قال له لتكذبنه فلم يقل شيئا، ثم قال: ولتؤذينه فلم يقل له شيئا، ثم قال: ولتخرجنه، فقال: أو مخرجي هم؟! قال وأيضا فإنه حرم الله وجوار بيته وبلدة أبيه إسماعيل فلذلك تحركت نفسه عند ذكر الخروج منه ما لم تتحرك قبل ذلك.
وفي كونه، صلى الله عليه وسلم، لم يقل شيئا في جواب قول ورقة إنه يُكذب ويُؤذى ويُقاتل وقال في جواب قوله إنه يُخرج أو مخرجي هم؟! استفهاما إنكاريا دليلا على شدة حب الوطن وعسر مفارقته خصوصا وذلك الوطن حرم الله وجوار بيته ومسقط رأسه.
وروى ابن أبي حاتم عن الضحاك قال: لما خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة، فأنزل الله تعالى «إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد» -القصص 85 - قال إلى مكة.
وانظر إلى دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم، بأن يحبب الله إليهم المدينة لما عرف من حب الوطن والاشتياق إليها فدعا بهذا الدعاء:
عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت لما قدم المهاجرون المدينة شكوا بها، وحين ذكرت عائشة رضي الله تعالى عنها له ذلك نظر إلى السماء أي لأنها قبلة الدعاء وقال: اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد، وفى رواية وأشد، وبارك لنا في مدها وصاعها وصححها لنا ثم انقل وباءها إلى مهيعة، أي الجحفة كما في رواية، وهي قرية من رابغ وكان سكانها إذ ذاك يهودا، ودعاؤه، صلى الله عليه وسلم، أن يحبب إليهم المدينة إنما هو لما جبلت عليه النفوس من حب الوطن والحنين إليه. (السيرة الحلبية - علي الحلبي ج2/ص283).
واستجاب الله دعاء نبيه فاتسع حب الوطن بحب المدينة فأصبحوا يشتاقون إليها كلما ابتعدوا عنها وكان، صلى الله عليه وسلم، يحرك دابته إذا اقترب منها.
روى الإمام أحمد عن أنس أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات المدينة أوضع ناقته، وإن كان على دابة حركها من حبها، وأخرجه أبونعيم في المستخرج. وفي الحديث دلالة على فضل المدينة وعلى مشروعية حب الوطن والحنين إليه. (فتح الباري – ابن حجر العسقلاني ج3/ص621)
حب الأرض
حب المواطنين
حب الحكومة