مسؤولون لا يتماشون مع 2030 .. تغيير من خلال العقلية

الجمعة - 07 أكتوبر 2016

Fri - 07 Oct 2016

في أعقاب التغيير الذي شهدته المملكة بعد تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمانة الحكم، راهن كثيرون على صعوبة المرحلة نظرا للظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة والمؤامرات التي لا تتوقف من القريب والبعيد. من ضمن هذه التغييرات تلك التي أجراها سمو ولي ولي العهد على كثير من المجالس والهيئات المترهلة التي كانت تحمل أسماء رنانة وتعشش فيها الرتابة والنفعية والمصالح الشخصية.



ذلك الإجراء بعث برسالة واضحة للكثيرين الذين تجمدوا في مواقعهم ولم يواكبوا وتيرة التغيير المتسارعة في الوطن والعالم.

لكن التغيير لا يحدث من خلال تغيير الشكل، وإنما من خلال تغيير العقلية والتناغم مع رؤية القيادة، وإلا فإنه يصبح معرقلا ومعطلا للمسيرة العامة.



مناسبة هذا الحديث هو ما حدث مع أحد أصدقائي. إن الذين يتابعون كتاباتي يعرفون أني أبعد ما أكون عن الشخصنة، وعندما أكتب أو أنتقد سلوكا ما، فإنما أهدف إلى تصحيح التشوهات في حياتنا العامة والخاصة.



صديقي يحمل شهادة دكتوراه في الهندسة من بريطانيا، لكن شاء الله أن يعاني من إعاقة حركية، لكن ذلك لم يمنعه من الحركة وممارسة حياته المهنية والاجتماعية مثل سائر البشر العاديين، فالإعاقة لم تجعله يشعر بالنقص، بل أعطته الشجاعة والإصرار للإبداع والمشاركة الفاعلة في بناء الوطن.



ولأن الإنسان يبحث دائما عن الأفضل، فقد علم صديقي أن كلية الهندسة في إحدى الجامعات بحاجة إلى محاضرين، فدفع بكرسيه المتحرك وذهب لتقديم طلب. في الكلية، قابل العميد ببشاشة وتحدثا كثيرا في المهنة وأمور أخرى. بعد المجاملات، قال له إني هنا لتقديم طلب لوظيفة محاضر، فأنا مؤهل أكاديميا ومهندس ممارس.

هنا حدثت المفاجأة! عندما قال له ذلك ارتسمت على وجهه الدهشة. ولأنه إنسان نقي السريرة بالفطرة، اعتقد أن سعادة العميد سوف يعطيه الفرصة، ليس كرما منه، فهذه مؤسسة عامة وليست إقطاعية خاصة، ولكن لأن له الحق في الاشتراك في المنافسة مثل بقية المتقدمين.



وهذه الأفكار تدور في رأسه، توقع أن يرحب به ويقول له: وما المانع؟ وأنه سوف يعمل على اتخاذ كل ما يساعد في تسهيل مهمته.

اعتقد ذلك لأن تجربته في الغرب علمته كيف يتعاملون مع ذوي الاحتياجات الخاصة ويعطونهم الأولوية ويوفرون لهم الفرص ليشقوا طريقهم في الحياة.

تذكرت فرانكلين روزفلت الرئيس رقم 32 في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية والوحيد الذي أعيد انتخابه أربع فترات رئاسية والمصاب بشلل الأطفال الذي جعله مثلي حبيس الكرسي المتحرك لكن ذلك لم يمنعه من حكم إحدى القوتين الأعظم في العالم.



وتذكرت ستيف هوكنز العالم البريطاني المعروف الذي يتحرك على كرسي متحرك والحائز على أعلى منصب أكاديمي في مجال الرياضيات، وهو كرسي الرياضيات الذي كان يشغله العالم الشهير إسحق نيوتن. وتذكرت طه حسين وهيليين كيلر ومئات آخرين الذين لم تمنعهم إعاقاتهم من معركة الحياة ولم تكن معيقة لهم، بل كانت حافزا لهم للتحدي.

لكن المفاجأة هي أن سعادة البروفيسور الذي درس في أرقى الجامعات قال له إن إعاقته ستكون عائقا له بالعمل في هذه الوظيفة. هكذا بكل بساطة!



لا أخفيكم أني قد صعقت من هذا الرد، فهذا العميد المحترم يبدو أنه يعيش في عالم ليس عالمنا ولا يعرف أن القانون يجرمه على هذا التمييز، فالقانون يلزم أرباب الأعمال الخاصة، والجهات الرسمية التابعة للدولة والقطاع الخاص بعدم التمييز ضد المعاقين المؤهلين لإجراءات التقدم للتوظيف.

أحببت فقط أن أكتب عن هذه الواقعة التي ربما يواجهها المئات من أمثال صديقي الذين تغلق الأبواب في وجوههم من قبل أمثال هذا العميد المحترم المؤتمن على تخريج مهندسين لبناء هذا الوطن.



ثم يتحدثون بعد ذلك عن التطوير وإعطاء الفرص للجميع ويمارسون عكس ذلك.

كل ما أقوله هو أن يكون الله في عون القيادة وسمو الأمير محمد، لتحقيق رؤية 2030، وأمثال تلك العقلية تقتل روحنا وإنسانيتنا وحماسنا وتسرق مستقبلنا وأحلامنا.