العم سالم جفري

غادرنا من هذه الدنيا العم السيد سالم جفري الوجيه والعين، المعروف، غفر الله له وأسكنه الجنة. عاش السيد سالم جفري (103) أعوام، أي إن الرجل كان كتاب تاريخ يتحرك ومعه ذكريات قرن من الزمان. شخصية سالم جفري فريدة من نوعها وهو حالة مكية نادرة، فهو من أشهر الأثرياء في مكة المكرمة، ويعد من أقوى وأهم رجال العقار بمكة، وهو أحد المطورين للأراضي. تميزت شخصيته بالهدوء الراقي، ولا يحب أن يؤذي أحداً، ولا يحب الخصومات، ولا الظهور الاجتماعي، ما عدا المشاركة في العزاء. متواضع ومحب للناس رغم الثراء المادي. تشعر وأنت معه أنك تجلس مع رجل بسيط جداً. يملك العم سالم مكتبة منزلية أزعم أنه لا يوجد مثلها بمكة، فهو قارئ قوي ودائما ما كان يسألني عن بعض الكتب والمصادر، وهو من المثقفين الذين لم يعلنوا عن ثقافتهم، لأنه شخصية كتومة تعمل بصمت ودون ضجيج. ثقافته الشرعية كبيرة وواسعة، بحيث يعد أحد أهم المراجع في القضاء السعودي. فلقد رشحه سماحة الشيخ عبدالله بن حسن (رحمه الله) رئيس القضاء في عهد الملك عبدالعزيز ليكون (قاضي تمييز) وذلك عام 1370، إلا أنه اعتذر خوفا من الله ومسؤولية القضاء الكبيرة.

عاش العم سالم هادئا ومات هادئاً، ورحل ومعه تاريخ أمة، وللأسف لم يستفد الإعلام والصحافة بالذات منه، فهو من مواليد عام 1332، أي إن الملك عبدالعزيز دخل مكة وعمر العم سالم عشر سنوات.

وكل يوم يغيب الموت عنا أحد الكبار في مكة. للسيد الجفري صداقات بمختلف أطياف المجتمع، وله علاقات مميزة مع ولاة الأمر. من أبنائه السيد الفاضل حسن سالم جفري المربي القدير والإنسان ذو الكلمة المحترمة وصاحب الصوت الهادئ، والسيد حسن سالم جفري يحمل كل أسرار والده، لأنه رافقه ولازمه في الثلاثين سنة الأخيرة، في كل تحركاته، من الصباح وحتى دخوله منزله. مات السيد سالم يوم الأحد 5/7/1435هـ، بعد أن تناول الإفطار وقرأ الصحف، غفر الله له وأسكنه الجنة.

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وساعة العرض، وأثناء العرض.

[email protected]