النقد النسائي حكي حريم أم وجود فاعل؟
طالما واجه النقد النسوي نقدا معارضا يحمل في جعبته كثيرا من الإشكالات في الوقت الذي تصر فيه الناقدات على أنهن سجلن حضورا ليس تراكميا بل نوعيا، مؤكدات أن العمل النقدي الرصين والجاد يفرض نفسه إيمانا بأن ما يقدمنه من أعمال نقدية شكل بعدا قويا وواضحا في الحركة النقدية، وقد أثار ذلك سيلا من الأسئلة حول النقد النسائي ما له وما عليه، هل أسهم في دفع عجلة النقد الأدبي أم أنه يحتاج إلى أن يكون أكثر نضجا واحترافية في الطرح؟ ولماذا الناقدة تبرر تغيبها بسلطوية وسيطرة الرجل على هذا المجال؟
طالما واجه النقد النسوي نقدا معارضا يحمل في جعبته كثيرا من الإشكالات في الوقت الذي تصر فيه الناقدات على أنهن سجلن حضورا ليس تراكميا بل نوعيا، مؤكدات أن العمل النقدي الرصين والجاد يفرض نفسه إيمانا بأن ما يقدمنه من أعمال نقدية شكل بعدا قويا وواضحا في الحركة النقدية، وقد أثار ذلك سيلا من الأسئلة حول النقد النسائي ما له وما عليه، هل أسهم في دفع عجلة النقد الأدبي أم أنه يحتاج إلى أن يكون أكثر نضجا واحترافية في الطرح؟ ولماذا الناقدة تبرر تغيبها بسلطوية وسيطرة الرجل على هذا المجال؟
الأحد - 19 يناير 2014
Sun - 19 Jan 2014
طالما واجه النقد النسوي نقدا معارضا يحمل في جعبته كثيرا من الإشكالات في الوقت الذي تصر فيه الناقدات على أنهن سجلن حضورا ليس تراكميا بل نوعيا، مؤكدات أن العمل النقدي الرصين والجاد يفرض نفسه إيمانا بأن ما يقدمنه من أعمال نقدية شكل بعدا قويا وواضحا في الحركة النقدية، وقد أثار ذلك سيلا من الأسئلة حول النقد النسائي ما له وما عليه، هل أسهم في دفع عجلة النقد الأدبي أم أنه يحتاج إلى أن يكون أكثر نضجا واحترافية في الطرح؟ ولماذا الناقدة تبرر تغيبها بسلطوية وسيطرة الرجل على هذا المجال؟
الرؤية النسوية
في البداية يستهل الحديث أستاذ النقد الأدبي بكلية الآداب في جامعة الملك سعود بالرياض صالح زيّاد بقوله: حضور المرأة في الساحة النقدية مؤثر بشكل ملحوظ سواء في لفت النظر إلى جوانب معينة أو في إرغام الرجل على الحساب لحضورها الفاعل وتحول موقفه أحيانا إلى موقف الدفاع والتبرير لا الهيمنة وهناك نقاد بارزون – رجال ونساء- يتبنون الرؤية النسوية في النقد ويصرون على وصفها جزءا لا ينفصم عن مجمل الوعي النقدي الذي جاوز الانحصار في النص أو مؤلفه أو جملة القواعد والمعايير الإبداعية إلى الثقافة وأنساقها الواعية واللاواعية.
ويضيف: بالفعل استطاع النقد النسوي من هذه الوجهة أن يوسع دائرة الوعي الأدبي والثقافي وينقذه من العدمية الشكلانية وما يبدو استنفادا للجهد وتكرارا له، ومن هذه الزاوية تحديدا تفجّرت في ساحتنا قضايا نظرية جديدة في الرؤية للأدب ومنطق منهجي في مقاربته وذلك بما يستوعب المنهجيات النصوصية ويزيد عليها.
حكي الحريم
ويؤكد الناقد عبدالله الفيفي أن ما قد يُؤخذ في تجربة بعض الناقدات هو الانكباب على ما يتعلّق بالمرأة وأدلجة النقد في هذا الاتجاه وهذا في النهاية لا يخدم قضايا المرأة ولا قضايا النقد الأدبي فالنقد عِلم أو هكذا ينبغي له، وحين يؤدلج يتحوّل إلى شيء آخر، شيء له صلة بالمحاماة أو الوعظ أو الترويج الإعلامي لكن لا علاقة له بالعِلم، وعندئذ يتكرّر ما كان يحدث في ما كان يسمَّى «الأدب النسائي»، الذي لم ينشغل بالإنسان عموما بل بالمرأة وبقضاياها الخاصّة والتقليديّة.
ويبين الفيفي أن ذلك بعد أن كان ثرثرة تدور في المجالس الصباحية أو العصرية أصبح يدور على الورق وبين أغلفة المجلات والكتب، ويؤكد أن هذا الضرب من الكتابة أدبا كان أو نقدا غير ناضج لا على المستوى الاجتماعي ولا على المستوى العلمي في كلّ الأحوال من غير الجادّ ولا المجدي أن يتحوّل الخطاب النسويّ إلى ضرب ممّا كان يُنعت بالبلد بـ»حكي الحريم».
حضور محدود
وترى الناقدة نوال السلوم أن الحضور النسائي في ميدان النقد يعد محدودا سواء في الداخل أو الخارج إذا ما قورن بتميز المرأة المبدعة قاصة كانت أم شاعرة، فالنقد النسوي لم يحقق حضورا لافتا على المستوى العربي ويمكن أن نحصر حضورها بوضوح في المؤتمرات العلمية ذات الطابع الأكاديمي، إذ قدمت المرأة أبحاثا جادة وأوراق عمل تخصصية ضمن هذه المؤتمرات وأسهمت في تقديم صورة مشرفة عن وعيها النقدي، ولكنه على أية حال يدخل ضمن النقد الأكاديمي في ترسمه لمنهج أو تقصيه لظاهرة أو مقاربته لنظرية.
وتؤكد السلوم أن الصوت النسائي حاضر في ملتقيات الأندية الأدبية التي تفتح أبوابها بالقبول والترحاب لكل مشارك، فتسهم المرأة في كتابة مشهد نقدي يتسم بالفاعلية والاستمرار في ظل هذه الملتقيات السنوية، كما أن الصحف اليومية بملاحقها الأسبوعية ميدان متاح للكتابة النسائية الجادة.
ترهلات فنية
أما القاصة عائشة الحكمي فقد أوضحت رأيها بقولها: الجهود البحثية للمثقفة السعودية ما زالت دون المستوى المأمول والحاضرات في الميدان النقدي غالبيتهن أكاديميات، أما إذا تابعنا العمل النقدي القصدي للأعمال الإبداعية والتحرك تجاهها بحماس وتقدير فإننا نرى أن أهمية النقد للمنجز الإبداعي من قبل المرأة يكاد يكون ضعيفا إلى حد كبير فمعظم المقدم بفعل تحريض المؤتمرات والترقيات والرسائل العلمية. وتكمل «وعلى العموم يشير الحراك النقدي النسوي الموجه إلى تأخر همة النقد النسوي في حين أن الأعمال الإبداعية في اطراد وتنوع وتحولات ومستجدات راكضة صعب اللحاق بها، أمامها تقف المرأة الناقدة متفرجة تقرأ للاستمتاع وما يصدر من دراسات يتصدى لنصوص محددة أو موضوعات تفرضها الضرورات البحثية لدى الباحثات ومن الطبيعي أن يصاب الإبداع بكل أشكاله بترهلات فنية».
فتنة نقدية
كما قالت الناقدة والقاصة أمل التميمي إننا حينما نقسم النّقد إلى نقد نسائي في مقابل ذلك سيكون هناك قسم آخر وهو نقد «رجالي» ويعني هذا أن لكل قسم أدوات، والأدوات تعني طرح: ما مفهوم النقد النسائي؟ وما حكمنا على هذا التعريف؟ وفي المقابل لا بد من تعريف النقد الرجالي وهذه الافتراضات لا بد منها حتى نفكر بطريقة صحيحة وننتهي بحكم صحيح أيضا، إذن المصطلحات التي نتعامل معها يمكن أن تخلق إشكالات فبعض الناس لديهم معلومات مغلوطة وحينما أتجه نحو هذه الاتجاهات فيكون موقفي يتجه نحو اللامعقول فماذا عن الأحكام النقدية للنقد النسائي؟ وهل تختلف عن الأحكام النقدية الرجالية؟ وما الأحكام المشتركة التي يشترك فيها النوعان؟ وبهذا نشق صف النقد وهذا أشبه بالفتنة النّقدية فلن أدخل في هذه الفتنة، وأحذر منها.