"العسة" حارس أمن حارات مكة

لصفارة العساس وقع على القلوب، وهو يتجول ليلاً لحراسة الحارة ولها عدة معان، منها ما يؤكد وجوده في موقعه، ومنها ما يشير إلى وقوع اشتباه في رجل غريب دخل إلى الحارة

لصفارة العساس وقع على القلوب، وهو يتجول ليلاً لحراسة الحارة ولها عدة معان، منها ما يؤكد وجوده في موقعه، ومنها ما يشير إلى وقوع اشتباه في رجل غريب دخل إلى الحارة

الخميس - 17 أبريل 2014

Thu - 17 Apr 2014



لصفارة العساس وقع على القلوب، وهو يتجول ليلاً لحراسة الحارة ولها عدة معان، منها ما يؤكد وجوده في موقعه، ومنها ما يشير إلى وقوع اشتباه في رجل غريب دخل إلى الحارة.

وصفارة أخرى تحمل معنى أنه على أتم الاستعداد، هو موظف مدني، وحارس ليلي يحمل على خصره سكينا في داخل جراب من الجلد، وبيده عصا غليظة وفانوس أو كشاف صغير.

والصفارة هي آلة المناداة التي تحمل شفرة التواصل بينه والشرطة وبعض الموثوق بهم من أبناء الحارة، الذين يعتبرون العساس واحدا منهم، وكانوا يتبادلون معه الحراسة في ليالي العيد، خصوصا ليلة ثاني عيد الفطر المبارك.

ويروي حامد خنيفر المالكي، ستون عاما، لـ»مكة»، أنه قضى ما يقارب 15 عاما يعمل عساسا، تجول خلالها على معظم حارات المعابدة، وشاهد ما لم يشاهده أهل الحارة، من محاولات بائسة لأشخاص معروفين، أحبطتها صفارته التي لا تهدأ طالما هناك اضطراب أو مجرد خلل أمني.

ومرجعه الواسع في ذلك الأرشيف الذهني الذي دوّن به ما يصعب عليه اليوم محوه من ذاكرته، وتاريخه الحافل بالعطاء خلال 24 عاما، قضاها بميادين حي المعابدة، وشوارعها النابضة بالحياة، حتى أصبح له لونه الخاص الذي يميزه، بعد أن أصبح الكل يعرفه رمزاً قديماً يعمل على استتباب الأمن والرفع للجهات الأمنية عن كل ما يمس أمن منطقته.

المالكي، بعد عمله عساسا طيلة 15 عاما، تحول بعدها إلى نقيب بمكتب عمدة حي ريع ذاخر بالعاصمة المقدسة، واستمر حتى وقف اليوم على عتبات التقاعد، مغلفاً سجله الحافل بالتضحية والعطاء، بورود الرحيل ومسك الختام وطيب النفس ورفعة المقام، وهو محمل بلوائح شكر لا تزول.

ويروي المالكي، مسترجعا ذاكرته لعقدين ونصف من الزمن، حيث بدأ عساسا في حارات متفرقة من حي المعابدة، وكانت له هيبته وصيته الذي يملأ أركان الحارة، فما أن يحل الظلام إلا وتدوي صفارته معلنة قدومه، ليجلس على مركازه الصغير بمدخل الحارة، التي لا يلبث إلا أن يتفقدها من وقت إلى آخر.

وأبان أنه كان له احترامه وتقديره بين الأهالي، ويلمس حسن تعاونهم وطيب تعاملهم معه منذ بداية عمله، بينما يلهمه إحساسه بالغرباء، فلا يغفل عنهم حتى يتعرف عليهم وعلى وجهتهم التي يقصدونها، ويساعدهم في الحصول على مبتغاهم، طالما كان غرضهم شريفا.

وأشار المالكي، إلى أنه لم يتوان ذات يوم في الرفع للجهات المعنية عن المخالفين والمشبوهين الذين يجولون في الحي بالرغم من معرفته بهم، والكل يخشى صفارته التي لا تلبث وقتا، حتى تطرق مسمع الشرطي الذي يقود سيارة الشرطة التي لا تغيب أكثر من ربع ساعة عن الشارع الرئيسي للحي.

وقال المالكي: «كنا نحد من حدوث السرقات، ونبطل المضايقات، ونتصدى لمتعاطي المسكر ولكل عابث بالحي، وسلاحي لم يتعد قطعة من الخشب، أحملها للدفاع عن نفسي حتى حضور سيارة الشرطة لي، وفي الغالب تكون قريبة مني، فبالرغم من أني موظف بسيط في الشرطة حينذاك، إلا أني كنت أشعر بهيبة الناس لي وتقديرهم لي، وللعمل الذي أقوم به من أجلهم».

وأضاف، أنه بعدها توجه للعمل نقيب عمدة، وتمثل عمله في استلام البلاغات والتعليمات من الجهات الأمنية والمسؤولة، وتسليمها للعمدة، الذي بدوره يكلفه بإيصالها بحسب أهمية أولوياتها، مع استلام بلاغات طلبات الحضور، لمن يتطلب الإجراء حضورهم من أهالي الحي بحسب طلب الجهات المختصة.

وبعد أن ألغي نقيب العمدة، استبدل بمندوب، تغير من خلاله فقط اسم الوظيفة، بينما بقي جوهرها، وأضيفت له مهام جديدة، تتمثل في مساعدة العمدة في مهامه، وإخطار الخصوم وإحضارهم والتحري عن المطلوبين والقبض عليهم بالتعاون مع الجهات الأمنية، والاشتراك مع لجان التفتيش إذا دعت الحاجة لذلك.