كتاب المعاريض.. مهنة ترويض الحروف بالورقة والقلم

ساعات طويلة تمتد ربما لنصف اليوم أو ثلثه على أقل تقدير يقضيها كتاب المعاريض أمام المحاكم، غير مكترثين بدوران الفصول أو تقلبات الطقس؛ يسخرونها لترويض الحروف لتتشابك في تناغم فريد وتصطف في طوابير لصياغة معروض يبدأ به صاحبه أولى خطوات قضيته
ساعات طويلة تمتد ربما لنصف اليوم أو ثلثه على أقل تقدير يقضيها كتاب المعاريض أمام المحاكم، غير مكترثين بدوران الفصول أو تقلبات الطقس؛ يسخرونها لترويض الحروف لتتشابك في تناغم فريد وتصطف في طوابير لصياغة معروض يبدأ به صاحبه أولى خطوات قضيته

الخميس - 16 يناير 2014

Thu - 16 Jan 2014


ساعات طويلة تمتد ربما لنصف اليوم أو ثلثه على أقل تقدير يقضيها كتاب المعاريض أمام المحاكم، غير مكترثين بدوران الفصول أو تقلبات الطقس؛ يسخرونها لترويض الحروف لتتشابك في تناغم فريد وتصطف في طوابير لصياغة معروض يبدأ به صاحبه أولى خطوات قضيته، وعبر سنوات متعاقبة شكل “كتاب المعاريض” أولى عتبات الدخول إلى المحاكم السعودية، والتي تنتهي فيها فصولها بحكم قاضيها، مما ولد لديهم أرشيفا زاخرا للقضايا بشتى أنواعها وخبرة عالية في تلمس احتياجات من لديهم قضايا متنوعة.

تمازجت تعاريج السنين التي خطت جبين محمد الحمصاني، السبعيني، مع مجادلته لأحد الراغبين في كتابة معروض له، يناقشه في بنوده بطريقة لا تخلو من الشد والجذب، ليخرج منتصرا برأيه الذي عركته خبرته الطويلة في هذه المهنة منذ 25 عاما.

ويؤكد الحمصاني، أحد أشهر كتاب المعاريض في العاصمة المقدسة، أنه من خلال ما يتم عرضه عليهم من قضايا، تتأثر نفوسهم بملابساتها، ويعايشونها كأنهم جزء منها.

وقال “منذ أن كانت المحكمة العامة بحي الششة، ثم استقرارها على الطريق الدائري بزهرة كدي، ظل كثير من القضايا ذات الطابع الإنساني ترد إلينا، بينها قضايا تشيب لها الولدان، حتى إن البعض منا عندما ينتهي من كتابة المعروض، يعيش مجرياتها وتفاصيلها”.

ورأى أن قضايا عقوق الأبناء لوالديهم والنزاعات الزوجية والطلاق هي الأكثر إيلاما، ويبقى الأبناء هم من يدفعون الثمن.

من جهتها، تشير اختصاصية الصحة النفسية الدكتورة نورة عبدالستار إلى أنواع من القضايا التي تترك أثرا نفسيا على كاتبها، واستدركت “لكن البحوث الطبية أثبتت أن هذه المهنة لا علاقة لها بالمرض النفسي، وإلا لكان المختصون النفسانيون أولى بالإصابة من خلال تعاملاتهم المباشرة للحالات المرضية”.

وقالت إن ما يحدث في الغالب يسمى بالتعاطف أو الشفقة خاصة مع المواقف التي تحرج درجة حساسية الرفق وهذا أمر بديهي مقارنة بالمورث الديني وطبيعة الأسر وسلوكياتها، وإن رفع معدل الشعور بالتأثر مع معاملات الخصوم وقضاياهم المختلفة لدى كتاب المعاريض عن المعدل المتعارف عليه للظروف البيئية التي يعيشونها من تعرضهم للعوامل المناخية، وهم يقبعون أمام المحكمة لإنهاء إجراءات مراجعيها من الساعات الأولى للفجر وحتى ما بعد الظهر يوميا تحت أشعة الشمس الحارقة، ورطوبة الأجواء، بسبب عدم تهيئة المكان بما يتوافق مع طبيعة الأعمال التي يؤدونها بجانب عدم استقرار مدخولهم المادي وهو الأمر الذي يولد لديهم شعورا بالضغوطات النفسية.