فخاخ الغلابة!!

من باب الذكاء اللغوي عمدت البنوك إلى تعديل مسمى «القرض» بجرسه المؤلم إلى «تمويل» وهو في الحقيقة «تمييل» من الإمالة للسقوط، وفي الشق الشرعي استقطبت هيئات شرعية وكافحت حتى تحصّلت على مصطلح «تورّق» بشرعيته الجاذبة لمجتمع متدين محافظ، وجنّدت في سبيل هذا الغرض كل الآليات التي تجعل العميل يؤمن بشراء سلعة في البحرين وبيعها في ذات الوقت

من باب الذكاء اللغوي عمدت البنوك إلى تعديل مسمى «القرض» بجرسه المؤلم إلى «تمويل» وهو في الحقيقة «تمييل» من الإمالة للسقوط، وفي الشق الشرعي استقطبت هيئات شرعية وكافحت حتى تحصّلت على مصطلح «تورّق» بشرعيته الجاذبة لمجتمع متدين محافظ، وجنّدت في سبيل هذا الغرض كل الآليات التي تجعل العميل يؤمن بشراء سلعة في البحرين وبيعها في ذات الوقت

السبت - 12 أبريل 2014

Sat - 12 Apr 2014



من باب الذكاء اللغوي عمدت البنوك إلى تعديل مسمى «القرض» بجرسه المؤلم إلى «تمويل» وهو في الحقيقة «تمييل» من الإمالة للسقوط، وفي الشق الشرعي استقطبت هيئات شرعية وكافحت حتى تحصّلت على مصطلح «تورّق» بشرعيته الجاذبة لمجتمع متدين محافظ، وجنّدت في سبيل هذا الغرض كل الآليات التي تجعل العميل يؤمن بشراء سلعة في البحرين وبيعها في ذات الوقت. ولزيادة مدى الشفافية فالبنك لا يأخذ إلا قيمة الأوراق التي تستهلك جهدا عضليا في توقيعها وتكلفة ورقة A4 واحدة أكثر من 300 ريال سعودي.

وخروجا من فلك (التمويل) بإحصائياته الوطنية المقلقة، ندلف إلى قاصمة الظهر «بطاقات الائتمان» كعكة البنوك رغم صغر المبالغ التي تتيحها للعميل، وظنه بأن البنك يأخذ فائدة محدودة على (المبيلغ) الصغير، لكن البنك يسعى إلى أكبر من أوهام المحتاج، فيدخله في نفق مليء بالتماسيح، يظل يصارع حتى يقترض لإيقاف النزيف. فأول ما في هذه البطاقات أنها ليست واضحة المعالم، وطريقة احتساب رسومها المعقدة لا يستطيع شرحها حتى موظف خدمة العملاء، أو يتجنب شرحها، للحصول على «مكافأة» قنص. وكذلك لثقته الكبيرة بأنك ستقول «أهاااا» تعبيرا عن فهمك وأنت في الحقيقة «لم تفهم شيئا» وتحتاج إلى أربع محاضرات لفهم التفاصيل.

وليت الحال يقف على الجهل، بل يصل إلى تشرّطات البنوك، فلا تسحب نقدا إلا نصف المبلغ المتاح، أما النصف الآخر فيجب أن تشتري به سلعاً، وكم وجدنا عند كاشيرات «الهايبرات» من ينتظر أصحاب العربات المتخمة بالأرزاق، ليعرض عليهم سداد مشترياتهم والحصول على القيمة نقدا. ولا يقف الأمر هنا، بل عندما تشتري بالبطاقة من نقطة بيع، فإن البنك يحمّل هذه الجهة نسبة مئوية، والتاجر شريك البنك لا يريد أن يتحمل عبئا ماليا، مادام المحتاج «ما صدق على الله وجد نقطة بيع» فيرغمه التاجر على تحمّل الرسوم، أو ليبحث عن نقطة أخرى، سيجد ذات الجواب لديها. فيتحمله مرغما، وأشجع المحتاجين يتأفف «ويعلن غضبه على البنوك ومؤسسة النقد والتجار مرورا بالحاجة التي أجبرته على دخول جهنم الاقتراض» ويحصل هذا غالبا في محلات الذهب أو الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، سواء بالشراء الفعلي، أو الشراء الوهمي، لتسييل مبلغ البطاقة.

يتيح البنك للعميل أن يسدد البطاقة نقدا، وتكون الرسوم قليلة، لأنه يعلم أن من جاءه يسعى وهو يحتاج للنقود غالبا لا يستطيع تسديد المبلغ بعد أسبوع، بل سيحمّله على دخله الشهري، فيعمد البنك إلى احتساب رسوم على المبلغ المستحق، لا يفصح عنها للعميل، لكنه بحسبة بسيطة يستطيع أن يكتشف خطة البنك في احتساب تلك النسبة، فلو افترضنا أنه سدد قسطا شهريا بمبلغ 800 ريال من إجمالي مستحق 16000 وطرح المبلغ المستحق للشهر القادم سيجد أن القسط لم يحتسب منه إلا 60% ربما أو أقل وسيجد المستحق للشهر القادم 15500 ريال، ليسأل نفسه أين ذهبت 300 ريال من القسط؟

وفوق هذا، وصل أسلوب البنوك من أجل كعكة بطاقات الائتمان إلى إنشاء شركة مختصة بكشف التعثرات المالية، وعقد شراكات فيما بينها لإتاحة منح بطاقات الائتمان للعميل الذي لم يفتح حسابا حتى، لزيادة نسبة الإيقاع بالمحتاجين في شرك البطاقات، وطرد المتعثر حتى يفيء إلى السداد.

أين مؤسسة النقد عن توعية الناس؟ وأينها عن إجبار البنوك على الإفصاح عن طريقة احتساب فوائدها بطريقة ميسرة واضحة لا غرر فيها للمحتاج؟ فدور المؤسسة مهم جدا، ولا ننسى شكرها على إجبار البنوك للتخلي عن تحصيل رسوم إصدار بطاقات الصرف الآلي، وفتح الحسابات للمواطنين إبان مشروع حافز، وننتظر دورها مع الجهات المعنية بشأن المنتجات البنكية، وكذلك دور العلماء.