هل يمكن أن تعجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين؟

مع الانخفاض الحاد لأسعار النفط، واقتراب سعره من 50 دولارا. بدأ التساؤل عن مستويات الإنفاق الحكومية المتوقعة خلال السنوات القادمة، ومدى تأثيرها على النمو الاقتصادي المحلي. كما بدأت تدور أسئلة عن مستويات أسعار النفط التي قد تعجز معها الحكومة عن تغطية رواتب موظفيها. في هذا المقال سنجيب على هذا السؤال: هل يمكن أن تعجز عن دفع رواتب الموظفين؟

بداية علينا أن نحدد المستوى السعري الذي تحتاجه الحكومة لتغطية مرتبات موظفي الحكومة. حاليا يصل حجم ما تنفقه الحكومة على الرواتب والبدلات لموظفي الحكومة حوالي 300 مليار ريال. وبناء على هذا الرقم فإن سعر النفط (خام برنت) الذي تحتاجه الحكومة لتغطية الرواتب يتراوح بين 35 -40 دولارا. لو انخفض سعر النفط عن هذه المستويات، فأول خطوة ستلجأ لها الحكومة هي مزيد من السحب من الاحتياطي الذي راكمته خلال السنوات الماضية من فوائض النفط. هذه الفوائض حسب تقديرات صندوق النقد الدولي ستكفي الحكومة حوالي 4 سنوات وربما أقل.

استهلاك كامل الاحتياطي النقدي لا يعني أن الحكومة ستعجز عن الاستمرار في دفع الرواتب، فالخطوة التالية التي يمكن أن تلجأ لها هي الاقتراض الداخلي من البنوك أو حتى الاقتراض الخارجي بإصدار سندات حكومية، يمكن من خلال هذا الاقتراض تمويل أي عجز في الميزانية الحكومية، ولكن الاقتراض لا يمكن أن يستمر للأبد. فلو استمر العجز لمدة طويلة فلا يمكن للحكومة أن تستمر في الاقتراض، سواء الداخلي أو الخارجي. إذا عجزت الحكومة عن الاقتراض. هل ستعجز عن دفع الرواتب؟ الجواب: لا.

الحكومة السعودية تدفع رواتب الموظفين بالريال السعودي. وهذا الريال تحت سيطرتها بالكامل. وبالتالي فهي قادرة على خلق هذا الريال بأي مستوى تريده ولكن ذلك لن يكون بلا تأثير. لفعل ذلك فإن الحكومة ستضطر على الأرجح لتغيير سعر صرف الريال أمام الدولار. عوائد الحكومة من مبيعات النفط عند مستويات سعر -35 40 ريالا هي حوالي 300 مليار ريال. هذا بافتراض سعر صرف 3.75 ريالات لكل دولار. ولكن الدولة قادرة على تغيير سعر الصرف بأي وقت تشاء. على سبيل المثال: لو خفضت سعر الصرف ليصبح 5.5 ريالات لكل دولار بدلا من 3.75 ريال لكل دولار فهذا يعني أن مبيعات النفط عند مستويات سعر 35 -40 دولارا ستكون إيراداتها أكثر من 440 مليار ريال بدلا من 300 مليار ريال. تخفيض سعر العملة سيرفع من الإيرادات الحكومية – بالريال السعودي – ولكنه بالطبع سيضعف القوة الشرائية للريال، وبالتالي فإن الدخل الحقيقي لموظفي الحكومة سينخفض فعليا من خلال انخفاض قوته الشرائية حتى لو لم يتغير اسميا. فالموظف الذي كان راتبه 10 آلاف ريال، ويشتري به أربعة جوالات آيفون، سيستمر راتبه 10 آلاف ريال، ولكن لن يستطيع شراء أكثر من 3 جوالات آيفون.

من الناحية النظرية لا يوجد سيناريو ستعجز فيه الحكومة عن دفع رواتب موظفيها. ولكن بالتأكيد هناك سيناريو – احتمال حدوثه ضئيل على المدى القصير - تضعف فيه القوة الشرائية لمرتبات الموظفين وذلك عند تغيير سعر صرف العملة.