(متحف نقوش الجزيرة العربية) في السعودية
يتفق الباحثون في علم التاريخ على أن بلادنا (الجزيرة العربية) منطقة ذات حضور تاريخي مهم، فعلى ثراها قامت حضارات، وحروب، وصراعات، وتكوَّنت أقوام، ومنها وإليها قامت هجرات في دورات تاريخية مديدة، وهي أصل العروبة، ومنطلق الإسلام، وهذا التاريخ الباذخ خلَّف لنا آثارا كثيرة،
يتفق الباحثون في علم التاريخ على أن بلادنا (الجزيرة العربية) منطقة ذات حضور تاريخي مهم، فعلى ثراها قامت حضارات، وحروب، وصراعات، وتكوَّنت أقوام، ومنها وإليها قامت هجرات في دورات تاريخية مديدة، وهي أصل العروبة، ومنطلق الإسلام، وهذا التاريخ الباذخ خلَّف لنا آثارا كثيرة،
الخميس - 03 أبريل 2014
Thu - 03 Apr 2014
يتفق الباحثون في علم التاريخ على أن بلادنا (الجزيرة العربية) منطقة ذات حضور تاريخي مهم، فعلى ثراها قامت حضارات، وحروب، وصراعات، وتكوَّنت أقوام، ومنها وإليها قامت هجرات في دورات تاريخية مديدة، وهي أصل العروبة، ومنطلق الإسلام، وهذا التاريخ الباذخ خلَّف لنا آثارا كثيرة، فحسب إحصائية هيئة السياحة يوجد في السعودية أربعة آلاف موقع أثري، ومن أهم ما تتميز به الجزيرة العربية أن بعض جبالها تحولت إلى صفحات تدوين تاريخي تلقي الضوء على حياة مدونيها، وطرق معيشتهم، وعاداتهم، وعباداتهم، ففي كتاب (مدونة النقوش النبطية) للدكتور سليمان الذبيب درس (967 نقشًا نبطيًّا)،كتبت غالبيتها على جبال منطقة تبوك، وذكر د. سالم بن طيران أستاذ الآثار أن عدد النصوص العربية الجنوبية القديمة (نصوص المسند) التي أمكن حصرها من منطقة نجران حتى الآن بلغ نحو 1500 نقشٍ، وذكر بعض دارسي الآثار أن في جبال الحجاز خاصة آلاف النقوش الإسلامية التي كتبت في القرنين الأول والثاني، وغالبها بالخط الكوفي غير المنقط. إذًا نحن أمام ثروة هائلة من النقوش التاريخية تمتد من منتصف الألف الأول قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي، كتبت بأنواع من الخطوط؛ الخط النبطي، والخط الثمودي، وخط المسند، والخط الكوفي الإسلامي، وهي مصدر رئيس لدراسة تاريخ الجزيرة العربية، ولغاتها، وأديانها، وأسماء قبائلها، وأسماء الأعلام فيها، والأماكن، والأحداث السياسية، وغير ذلك من الموضوعات التي تكشف جوانب من الحياة في تلك العصور، فمثلا لم نكن نعرف أن أبرهة الحبشي قد غزا نجدًا قبل غزوهِ مكةَ بسبع عشرة سنة إلا من خلال نقشه؛ وهو نقش كتبه كاتب أبرهة على درب البخور في مريغان بين تثليث ونجران، وطول النقش 5 أمتار، في عشرة أسطر، كتبه خلال رجوعه من غزوة له في نجد، يقول في النقش حسب ترجمة د. عبدالمنعم عبدالحليم: (بقوة الرحمن ومسيحه الملك أبرهة زيبمان ملك سبأ، وذو ريدان، وحضرموت، ويمنات، وقبائلهم (في) الجبال والسواحل، سطر هذا النقش عندما غزا (قبيلة) معد (في) غزوة الربيع في شهر ذو الثابة (أبريل) عندما ثاروا كل (قبائل) بنى عامر، وعين الملك (القائد) أبي جبر مع (قبيلة) علي، (والقائد) بشر بن حصن مع (قبيلة) سعد، (وقبيلة) مراد، وحضروا أمام الجيش ضد بنى عامر (وجهت) كندة وعلي (في) وادي ذو مرخ، ومراد وسعد في وادي على طريق تربن، وذبحوا، وأسروا، وغنموا بوفرة، وحارب الملك في حلبن، واقترب كظل معد، (وأخذ) أسرى، وبعد ذلك فوضوا (قبيلة معد) عمرو بن المنذر (في الصلح)، فضمنهم ابنه (عن أبرهة)، فعينه حاكماً (على) معد، ورجع (أبرهة) من حلـبن (حلبان) بقوة الرحمن، في شهر ذو علان في السنة الثانية والستين وستمائة)، أي: بأحد تواريخ اليمن، ويحدده الدكتور عبدالحليم سنة 552م، وأحيانا يكون النقش فاصلا في تحديد قضية تاريخية، كما في إشارة أحد الباحثين إلى اختلاف المحدثين في اسم راوي حديث (بئر بضاعة) المشهور، فبعضهم يرى أن اسمه عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري، وآخرون يرون أنه عبيدالله بن عبدالله بن رافع، ومنهم من يرى أنه عبدالله بن عبدالله بن رافع، وقد وُجد نقش في أحد جبال حسمى كتب في أوائل القرن الثاني، كتبه ابن راوي الحديث؛ جاء فيه: «أنا عثمان بن عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري ثم النجاري العدويّ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله»، فثبت بهذا النقش أن اسم راوي الحديث (عبيدالله بن عبدالرحمن بن رافع الأنصاري)، والمشكلة الخطيرة التي نعاني منها أن هذه النقوش عرضة للتخريب اليوم، وقد رأيت بعضًا منها أصابه ذلك من المتنزهين، أفلا يمكن تأسيس متحف خاص للنقوش، ونقل النقوش المهمة إليه، وأعتقد لو فعلنا ذلك فسيكون متحفًا فريدًا في العالم في فكرته، وفيما يحويه من آلاف النقوش المتنوعة في لغتها، وما تشير إليه من أحداث تاريخية.