الكيانات الاقتصادية الاستثمارية الآمنة هي الحل
في عددين سابقين استعرضت معك قارئي العزيز الموقفين اللذين واجهتهما وواجهت معهما حرجاً سببه في الأساس فهمٌ مستعجل أو اجتزاء لجملة من قولي
في عددين سابقين استعرضت معك قارئي العزيز الموقفين اللذين واجهتهما وواجهت معهما حرجاً سببه في الأساس فهمٌ مستعجل أو اجتزاء لجملة من قولي
الاثنين - 31 مارس 2014
Mon - 31 Mar 2014
في عددين سابقين استعرضت معك قارئي العزيز الموقفين اللذين واجهتهما وواجهت معهما حرجاً سببه في الأساس فهمٌ مستعجل أو اجتزاء لجملة من قولي.. وعرضها على شكل مقتطفات.. أفقدت الموضوع معناه.. لدرجة أن صديقي العزيز وأخي الفاضل عابد خزندار تساءل عن أمور أخفاها الاختيار المتسرع لبعضٍ من حضور ذلك المؤتمر الذي عُقد من أجل التمهيد لانطلاق منتدى جدة الاقتصادي الرابع عشر والذي كان موضوعه “الإنماء من خلال الشباب”.
ولقد تساءل سعادته: هل للشباب والشابات خيارٌ آخر.. وباب المشاريع الصغيرة موصد لسيطرة الأجانب والذين يعملون عادةً تحت مظلة التستر؟ ويمكن أن نضيف على ما قاله (يقصدني) أن أحد أسباب البطالة والكوارث التي حلّت بكثير من المواطنين هو سوق الأسهم الذي يسيطر عليه ويتلاعب به مجموعه من الهوامير..
وفي رأي سعادته أن الحل هو ما قلته بإيجاد كيانات اقتصادية استثمارية آمنة..
جزى الله أخي عابد خيراً.
ولكني وفي كل الأحوال قلت في حديثي في ذلك المؤتمر: إن هناك (شُبهة قمار) في المضاربات ولم أقل إن الشركات المساهمة (قمار).
فأنا بفضل الله مؤسس ومساهم في معظم الشركات المساهمة، ولكني منمٍّ ولست مضارباً.
ولي في هذا الشأن تصريحات منذ سنوات ودائماً ما كنت أقول: إن البورصة شر لا بد منه، لا بد منه لأنه يجب أن تكون هناك آلية لتسييل الأسهم، ولكن لمن؟ ومتى؟
العالم الغربي لم يقفز من البنك التجاري إلى السوق الثانوية. (والبورصة هي من الأسواق الثانوية).
أما في السوق الأولية.. فيبدأ العمل من الصفر للمبادرين الذين لديهم المقدرةُ الفكرية والمالية والجسارة كي يباشروا عملاً لسنوات ينفع الناس وينتج فرص عمل لخلق الله، وبعد مرحلة معينة يمكنهم أن يشركوا غيرهم معهم أو يبيعوه، ويبدؤوا عملاً حلالاً من جديد.
والحلال ليس درجة واحدة.. فهناك الحلال 100% ويرتكز على مبدأ تشغيل الناس وإعمار الأرض.. وهو أفضل الحلال.
ومن العمل ما هو جائز ومنه ما هو مكروه.
المسألة تعتمد على ممارس العمل نفسه.
أين يريد أن يكون منزله؟ في الجنة؟ في مدخلها؟ في وسطها؟ أم في أعلى منازلها العلا؟
وهنا أود أن أشكر أخي الدكتور مازن بليلة الذي ذهب مع وجهة نظري وضرب أمثلة غربية تؤيدها وتؤكد ما ذهبت إليه في شُبهة القمار.
والشكر موصول إلى الأخ/ راشد الفوزان الذي تناول هذا الأمر في مقالين لا أختلف معه فيهما.
فأنا حين ذكرتُ شبهة القمار كنت أعني المضاربة ولم أقل أبداً إن السوق الثانوية (البورصة) ليس لها لزوم، وذكرت أنها شر لا بد منه.
وعلى الرغم من كل الخير والحاجة في الزواج فقد قال بعضهم مازحاً: الزواج شر لا بد منه.
ولكن لكي تكون البورصة مفيدة للفئات التي يجب أن نشجعهم من الشباب والشابات والذين تساءل أخي عابد خزندار: أين يذهبون ويضعون مدخراتهم الصغيرة؟
والجواب هو كما ذكرت “الكيانات الاقتصادية الاستثمارية الآمنة”. ولكي تكون آمنة، يجب أن يكون هناك صانع للسوق أمين حتى لو اقتضى الأمر أن تؤسس الدولة أو تشرف على هذا الصانع أو الشركة التي تحفظ حقوق أصحاب المدخرات الصغيرة بحيث يتمكنون من أن يسيلوا أسهمهم حين حاجتهم لبيعها من دون خسارة.
أما الهوامير فيجب ألا تكون البورصة بحرهم الذي يسبحون فيه فيأكلون كل صغار السمك.. ولكن مكانهم الطبيعي هو السوق الأولية والمشاريع العملاقة فهم القادرون على تحمل مخاطرها بجسارة والتي توجد فرص العمل وتساعد على إعمار الأرض.
ولنا عبرة في الهوامير الذين يدخلون بعض البورصات العربية حين تنخفض قيمة السهم ويبادرون ببيع أسهمهم حين ارتفاع قيمة السهم.. من دون إضافة وظيفةٍ واحدة في البلد الذي باعوه فيه أو اشتروا ومن دون وضع طوبة واحدة في تلك الأرض، وحين أذكر صانع السوق الذي أشرت إليه أقصد به توفير الحماية والأمان لأولئك الشباب والشابات من الهوامير والمتسترين لتبقى هذه السوق مركزاً يحمي تلك المدخرات وأولئك الشباب والشابات.
ونتيجةً لهذا الحراك الفكري بيني وبين إخواني الأعزاء.. أسأل الله أن يديم هذا التواصل البناء من أجل مزيد من الإيضاح والإفصاح طلباً لمزيد من التفاعل والنجاح.
وهذا ما قصدته حين أطلقت اسم “السوق” على مقالتي الأسبوعية.. وأكدت أنها منبرٌ للحوار وموقع لتبادل الآراء والأفكار.
وكلنا في النهاية مواطنون يرجون لهذا الوطن الغالي أولاً ثم لكل العرب والمسلمين والناس أجمعين الخير والعزة والازدهار.
وفقنا الله جميعاً لما يحب ويرضى إنه ولي ذلك وهو على كل شيء قدير.