الاعتذار من شيم الرجال

ليس منا من لا يُخطئ، وليس منا من هو معصوم، فالخطأ وارد من الصغير والكبير، من العالم والعامي، ومن الحاكم والمحكوم، إلا أن أصناف الأخطاء تتفاوت فيما بينها، فخطأ العالم ليس كخطأ العامي، وخطأ الكبير ليس كخطأ الطفل الصغير، وكذلك خطأ المسؤول ليس كخطأ غيره، فحجم الخطأ يترتب عليه من الضرر حجم المنصب الذي يتولاه صاحبه.

ليس منا من لا يُخطئ، وليس منا من هو معصوم، فالخطأ وارد من الصغير والكبير، من العالم والعامي، ومن الحاكم والمحكوم، إلا أن أصناف الأخطاء تتفاوت فيما بينها، فخطأ العالم ليس كخطأ العامي، وخطأ الكبير ليس كخطأ الطفل الصغير، وكذلك خطأ المسؤول ليس كخطأ غيره، فحجم الخطأ يترتب عليه من الضرر حجم المنصب الذي يتولاه صاحبه.

السبت - 29 مارس 2014

Sat - 29 Mar 2014



ليس منا من لا يُخطئ، وليس منا من هو معصوم، فالخطأ وارد من الصغير والكبير، من العالم والعامي، ومن الحاكم والمحكوم، إلا أن أصناف الأخطاء تتفاوت فيما بينها، فخطأ العالم ليس كخطأ العامي، وخطأ الكبير ليس كخطأ الطفل الصغير، وكذلك خطأ المسؤول ليس كخطأ غيره، فحجم الخطأ يترتب عليه من الضرر حجم المنصب الذي يتولاه صاحبه.

فليس من العيب الاعتراف بالخطأ، فمن سمات الرجال الأكابر البعد عن تبرير أخطائهم والمسارعة إلى الاعتذار، وعدم المجادلة بالباطل في الأمور التي ظهر فيها خطؤهم.

فالاعتراف بالخطأ أطيب للقلب وأدعى للعفو، والاعتذار لن يُنقص من قدر الرجل شيئا بل على العكس تماماً، سيُعلي من قدره عند الآخرين، لأنه سيكون مصدراً لزيادة الثقة بينه وبين من أخطأ في حقهم، ومرتعاً خصباً لبناء علاقة اجتماعية قوية فيما بينه وبين الآخرين، فليس من الرجولة المكابرة وعدم الاعتذار والتنصل من الخطأ.

إلا أن هناك أصنافاً من الرجال ربما يرى اعتذاره لخطأ صدر منه تجاه زوجته أو أحد أبنائه منقصةً لرجولته وقوامته عليهم! بل إن هناك أصنافاً من الرجال ممن ترسموا بالعلم يرون الاعتذار لطلبتهم عن خطأ علمي فيه خدش لمنزلتهم ومكانتهم العلمية! وقس على ذلك الوزير والطبيب والمهندس والمدير وغيرهم.

إن السبب في عدم الاعتراف بالخطأ هو ضعف الشخصية، ومحاولة التملص من تحمل المسؤولية، أو محاولة تحسين الصورة والظهور بالمظهر اللائق أمام الآخرين!

الاعتراف بالخطأ سلوك إيجابي يتحلى به الرجال الذين إذا ما بدر منهم يسارعون إليه، فهم لا يفرقون لمن يُقدمون عبارة (أعتذر) أو (آسف) لرجل كان أو امرأة، صغيراً كان أو كبيرا، فمن ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط؟

اعتذر فمن ذا الذي لا يُخطئ فنحكم له بالعصمة؟ وكم من قلب مكلوم، أو خاطر مكسور تجبره كلمة (أنا آسف) أو (أعتذر لك)؟

فهذا سيد الرجال سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذر: فعَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

(مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ عَلَى رُؤوسِ النَّخْلِ فَقَالَ مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ فَقَالُوا يُلَقِّحُونَهُ يَجْعَلُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَيَلْقَحُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَظُنُّ يُغْنِي ذَلِكَ شَيْئًا قَالَ فَأُخْبِرُوا بِذَلِكَ فَتَرَكُوهُ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ).

بل إن الاعتراف بالخطأ كان من دأب الأنبياء عليهم السلام فهذا أبو الأنبياء بل أبو البشرية أجمع آدم عليه السلام، اعترف بذنبه لما أخطأ، ولم يُحاول تبرير ما وقع منهُ بمخالفتهِ لأمر الله، والأكل من الشجرة المحرمة هو وزوجه حواء عليهما السلام، لم يتكبر ولكنه جاء مُعترفاً بخطئه ومُقراً به ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

وهذا موسى عليه السلام: أخطأ عندما وكز الرجل بعصاه فقتلهُ، فماذا فعل؟ إنه لم يبرر قتلهُ، بل اعترف ابتداءً أن ما فعلهُ هو من عمل الشيطان (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ) فقدم الاعتذار وطلب العفو والصفح والمغفرة) قال رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ). برغم أن جميع ما نسب إلى الأنبياء مما يسمى أخطاء إما أن يكون غير متعمد أو اجتهادا أو خلاف الأولى فهم معصومون قبل النبوة وبعدها من تعمد الخطأ والوقوع في الخطيئة.

إذاً اعتذر وارتق برجولتك إلى مصاف الأكابر من الرجال فالاعتذار من شيم الرجال.