نظافة وتسول اختيار المكان يضاعف الراتب

عندما لاحظ عامل النظافة عبدالصمد أن زوار بيت الله الحرام يعطونه مبالغ رمزية أثناء أدائه عمله، راقت له الفكرة وراح ينتقي الأماكن التي يكثر مرور الحجاج والمعتمرين فيها لتكون «مصيدة» لرزق وفير يضاعف دخله الشهري أضعافا عدة

عندما لاحظ عامل النظافة عبدالصمد أن زوار بيت الله الحرام يعطونه مبالغ رمزية أثناء أدائه عمله، راقت له الفكرة وراح ينتقي الأماكن التي يكثر مرور الحجاج والمعتمرين فيها لتكون «مصيدة» لرزق وفير يضاعف دخله الشهري أضعافا عدة

الثلاثاء - 14 يناير 2014

Tue - 14 Jan 2014



عندما لاحظ عامل النظافة عبدالصمد أن زوار بيت الله الحرام يعطونه مبالغ رمزية أثناء أدائه عمله، راقت له الفكرة وراح ينتقي الأماكن التي يكثر مرور الحجاج والمعتمرين فيها لتكون «مصيدة» لرزق وفير يضاعف دخله الشهري أضعافا عدة.



فعبدالصمد الذي جاء إلى المملكة قبل 3 سنوات للعمل في شركة نظافة بمكة المكرمة، يتقاضى راتباً رسميا 600 ريال، إلا أن ما يجنيه مما يتصدق عليه به الحجاج يفوق هذا الراتب مرات عدة.



ولكن عندما نقل عبدالصمد إلى جدة، ظن أن الرزق سينقطع وأنه محصور بمكة المكرمة، نظراً إلى زوارها، إلا أنه وجد أن الأمر متشابه في جدة، فاستمر في «التسول» والعمل عند إشارات المرور.



إلى ذلك، أكد عبدالرحيم محمد، وهو مسؤول عمال النظافة في إحدى شركات الصيانة والتشغيل بمدينة جدة، أن الشركة توضح لعمال النظافة الأنظمة المتبعة في السعودية عند بداية تعاقدهم، وأن أي عامل يضبط خلال ممارسته أي عمل آخر مخالف لمهامه يتم الاستغناء عنه وترحيله فورا.



وألقى باللائمة على بعض المواطنين والمقيمين، لأنهم عودوا عمال النظافة على التسول بالتصدق عليهم من دون تفكير في العواقب.



ربط الصدقة بالحاجة



وسألت «مكة» عضو هيئة كبار العلماء الشيخ صالح الشمراني عن مدى مشروعية إعطاء أموال لعمال النظافة، فأجاب «إعطاء عمال النظافة صدقات وأموالا أمر غير مرغوب فيه وننهى عنه.



وفيما يقطن عمال النظافة في مكة في غرف غير مهيأة للسكن، أفادت جمعية حقوق الإنسان أن رواتب عمال النظافة في مكة تبدأ من 250 ريالاً شهرياً.



 



-------------------------------------------------------------------



 



يتقاضى بعض عمال النظافة في مكة المكرمة رواتب تبدأ من 8 ريالات يومياً (250 ريال شهرياً) بحسب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي تسرد واقعاً مأساوياً عن طريقة عيشهم، ولذلك فإنهم يعزون تدني أدائهم إلى «الفاقة» التي تجبرهم على أعمال أخرى أو التسول.



لكن الشركة الوحيدة العاملة في مجال النظافة بمدينة مكة المكرمة تنفي منح مثل هذه الرواتب لعمّالها، في حين تقف أمانة العاصمة المقدسة على الحياد ولا تتدخل في قضية رواتبهم.



وهذه ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها عمال النظافة في مكة المكرمة، إذ يسكنون في بيوت بعض جدرانها من الحديد (الصفيح) ما يرفع درجة الحرارة إلى مستويات قياسية تمنعهم الراحة خصوصاً في ظل عدم كفاءة بعض أجهزة التبريد، كما تقتصر وجبات الطعام التي تقدمها لهم الشركة في أغلب الأحيان على الأرز الذي لا يكفي حاجتهم على حد قولهم.



5 عقبات



وحدد عمّال نظافة التقتهم «مكة» في مكان سكنهم في حي الكعكية، 5 مشكلات رئيسة يعانون منها، أبرزها تدني مستوى الرواتب، وتأخرها لأشهر، ونقص كميات الطعام المقدمة لهم من قبل الشركة المشغلة لهم، ورداءتها، وعدم ملاءمة سكنهم خصوصاً أن بعض جدرانه مصنوعة من الحديد، وفرض رسوم إضافية عند طلب العامل العودة إلى بلده بشكل نهائي. وذكر عامل نظافة بنغالي الجنسية (طلب عدم ذكر اسمه)، أنه يتقاضى شهرياً راتباً يبلغ 300 ريال فقط، يحول قسماً كبيراً منه إلى عائلته كي يبقى أبناؤه على قيد الحياة، فيما يسد رمقه هو من صدقات المحسنين التي تأتيه خلال عمله في تنظيف الشوارع، مشيراً إلى أنه لا يستطيع التحدث مع عائلته إلا مرة واحدة كل شهرين بسبب تكلفة الاتصالات الدولية. وأشار عامل آخر هندي الجنسية (33 عاماً)، إلى أنه يتقاضى راتباً متدنياً لا يزيد عن 500 ريال شهرياً، وعلى رغم ذلك لا يتسلمه في موعده بل يتأخر ثلاثة أشهر أحياناً، ما يدفعه وآخرين إلى مزاولة أعمال أخرى، أو التسول لسد حاجاتهم في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة خلال الأعوام الأخيرة. وتابع: «يصل عدد العمال في الغرفة التي تقدر مساحتها بـ50 متراً إلى أكثر من 30 عاملاً، في حين أن ما يصلنا من طعام لا يكفي لـ8 أشخاص، أضف إلى ذلك أن الوجبة عبارة عن أرز فقط يأتي في أوان غير مخصصة للطعام».



«الأمانة» والرواتب



وذكر المدير العام للنظافة في أمانة العاصمة المقدسة المهندس محمد المورقي، أن الراتب الذي يتقاضاه عامل النظافة والسكن والإعاشة والنقل يتم بالاتفاق مع الشركة المشغلة بالتراضي، وليس لأمانة العاصمة المقدسة يد في هذا. وأضاف المورقي لـ«مكة»، أن الوضع العام للنظافة حالياً أفضل بكثير، إذ لا يوجد انتشار لنفايات، ويتم النقل أولاً بأول، عازياً تكدس النفايات بعض الأحيان إلى عطل في بعض المعدات أو غياب عمّال.



وأكد سعي «الأمانة» منذ أعوام إلى رفع أداء العمل وتلافي أي مشكلة خلال موسم رمضان والحج، ولذلك طرحت 5 عقود لنظافة مكة والمشاعر المقدسة، كل عقد يتضمن بلديتين فرعيتين وجزءاً من المشاعر المقدسة وقت الحج، وتقدم مقاولون للمناقصة، وينتظر الموافقة عليها من وزارة المالية، مشيراً إلى قرب زيادة عمال النظافة في العاصمة المقدسة إلى 20 ألف عامل.



مهاجع مكتظة وحمّامات متسخة



ووجهت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان انتقادات إلى الشركة المشغلة لعمّال النظافة في مكة المكرمة، مشيرة إلى أن فريقاً حقوقياً رصد ملاحظات كثيرة على السكن المخصص للعمال وأبلغ به الشركة التي لم تتجاوب في تحسين أوضاعهم.



وأوضح مدير مكتب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة سليمان الزايدي لـ«مكة»، أن فريقاً من مكتب «الجمعية» زار مجمع إسكان عمال نظافة العاصمة المقدسة في حي الكعكية، ورصد مجموعة من السلبيات من أبرزها، تدني رواتب العمال التي تبدأ من 250 ريالاً، مشيراً إلى أن هذا غير معقول في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وقد يؤدي إلى مشكلات أمنية واجتماعية وسلوكية، منها تنامي تحول عمال النظافة إلى التسول وتجميع النفايات وبيعها، وقصور في مستوى نظافة مكة المكرمة. وأضاف أن وفد «حقوق الإنسان» رصد في السكن أيضاً مهاجع مكتظة وعديمة التهوية، ما يجعلها بيئة مناسبة لانتشار الأمراض بين العمال، إضافة إلى حمّامات سيئة جداً ينقطع فيها الماء بشكل متكرر، كما أن الممرات بين الغرف ترابية ما يساعد على انتشار الأمراض.



وقال الزايدي: «تواصلت جمعية حقوق الإنسان أثناء الزيارة وبعدها مع أمانة العاصمة المقدسة ومع شركة النظافة لمعالجة السلبيات وتحسين وضع العمال، إلا أن الشركة لا تزال مقصرة تجاه عمالها حقوقياً ولم تأخذ بأي من توصيات الجمعية ولم تسع إلى أي صورة من صور التحسين البيئي والمكاني لسكن عمالها».



شركة النظافة: الرواتب تبدأ من 17 ريالا والغرف مجهزة



نفى مدير النظافة في الشركة التي تتولى النظافة في مكة المكرمة الدكتور عبدالغفار النواوي، الاتهامات التي وجهها العمّال إلى الشركة، مشدداً على أن الرواتب تبدأ من 500 ريال شهرياً (نحو 17 ريال يومياً) وتصل إلى 900 ريال. وعزا تأخرها إلى إجراءات تسلم الشيكات من وزارة المالية، مؤكداً أن الشركة توفر للعمال 3 وجبات يومياً إضافة إلى الفواكه والخضار.



وقال النواوي لـ»مكة»: »رواتب عمال النظافة تتأخر شهرين فقط كحد أقصى، وذلك لأننا عندما نتسلم المستخلص من الأمانة يتم توجيهنا إلى وزارة المالية، وبالتالي تأخذ هذه الإجراءات وقتاً يصل إلى أسبوعين ما يجعلنا نتأخر عن دفع رواتب العمال، ولكي نتلافى ذلك نسلف أحياناً من البنوك لسد العجز». وأضاف أن نظام العقود في الشركة يختلف بحسب جنسية العامل، كما أن بعض العقود قديمة، وتشمل فئة من العمال البنغاليين يتقاضون 500 ريال شهرياً، وتتولى الشركة تأمين المعيشة والسكن لهم، في حين أن بعض العقود جديدة وتشمل عمالاً من الجنسية الهندية يتقاضون 900 ريال شهرياً، وتتولى الشركة تأمين المعيشة والسكن لهم، ومن لا يعجبه الطعام يتم التفاوض معه ومنحه 150 ريالاً، لافتاً إلى أن شركته متعاقدة مع شركة متخصصة لتوفير ثلاث وجبات للعمال يومياً تتضمن أرزاً ولحماً ودجاجاً وفواكه وخضروات، مع مراعاة طبيعة الأكل بحسب الجنسية. واعتبر أن سكن العمال مجهز تجهيزاً كاملاً بالأسرّة والتكييف والإضاءة ودورات المياه، إضافة إلى توزيع العمّال بحسب الجنسيات. وتطرق إلى أن قيمة العقد الذي وقعته شركته مع أمانة العاصمة المقدسة لتنظيف شوارع مكة بلغ 800 مليون ريال خلال 5 أعوام، ومضى على العقد 4 أعوام حتى الآن، ومع نهاية العام الخامس سيتم تصفية الشركة نهائياً بسبب الخسائر التي تكبدتها على حد قوله.