الذكاء الاحترافي الذي تحتاجه الحكومة

بعد وقوع الحادثة ذات الصدى، يعمد الأشخاص الذين يواجهون أصابع الاتهام أو يجدون أنفسهم في موطن شبهة إلى تبرير أنفسهم، وذلك لتحسين سمعتهم أولاً، ولاستنقاذ ما يمكن استنقاذه من مكتسبات مادية أو معنوية ثانياً،

بعد وقوع الحادثة ذات الصدى، يعمد الأشخاص الذين يواجهون أصابع الاتهام أو يجدون أنفسهم في موطن شبهة إلى تبرير أنفسهم، وذلك لتحسين سمعتهم أولاً، ولاستنقاذ ما يمكن استنقاذه من مكتسبات مادية أو معنوية ثانياً،

السبت - 15 مارس 2014

Sat - 15 Mar 2014



بعد وقوع الحادثة ذات الصدى، يعمد الأشخاص الذين يواجهون أصابع الاتهام أو يجدون أنفسهم في موطن شبهة إلى تبرير أنفسهم، وذلك لتحسين سمعتهم أولاً، ولاستنقاذ ما يمكن استنقاذه من مكتسبات مادية أو معنوية ثانياً، ولهذا السبب تنشئ الشركات والمؤسسات أقسام (العلاقات العامة)، أو تقيم (المتحدثين الرسميين)، الذين يمتازون بمهارات التواصل والإقناع وحسن التخلص، وعندهم إلمام كامل بتفاصيل عمليات الجهة التي يمثلونها، حتى يكون جوابهم في الدفاع عنها حاضراً لا تردد فيه ولا خطأ.

على مر السنين أثبتت العديد من الجهات الحكومية امتلاكها لأضعف المتحدثين وأسوأ التصريحات المتسمة بالعنجهية وضعف الحجة، خلافاً لما هو مفترض من تطييبٍ لخاطر الجمهور، أحياناً يكون الخلل من شخص المتحدث، بأن يكون قليل الذكاء الاجتماعي أو جاهلاً بتفاصيل العمليات التي قامت بها الجهة، وأحياناً يكون الخلل في إرادة الأجهزة الحكومية نفسها، حين تعمد لإخفاء بعض المعلومات عن الجمهور، أو التزام الصمت، مع أن التوضيح يكون في صالحها.

يعامل القطاع الخاص جمهوره بمبدأ (العميل دائماً على حق) فيخصص لذلك ميزانيات ويتكبد خسائر في سبيل الحفاظ على سمعته وكسب ثقة جمهوره، الحكومة عندنا تفعل ذلك أحياناً لكن ليس بالطريقة المحترفة، فالأوامر العليا قد تكون (حنونة) أحياناً لكنها تفقد دفئها في السلم البيروقراطي، وقد كان يجدر بها أن تتم على أيدي أشخاص (حنونين) متخصصين في التواصل مع الجمهور.

لو لجأت الأجهزة الحكومية لخطابات أكثر شفافية مع الشعب ستخفف كثيراً من الحنق الناتج عن أي سوء فهم قد ينتج عن تصرفاتها أو تصريحاتها وبياناتها، خصوصاً أنه لا منفذ لتصريف هذا الحنق في ظل الخوف من العواقب، وهو الأمر الذي يضخِّم السيئات في عين المواطن ويعميه عن الحسنات، إن إخفاء المعلومات التي لا يضر نشرها أو وضع حواجز بين الحكومة والشعب أمرٌ لا سبب له، إنما يحصل عندنا بحكم العادة، مع أنه يضعف الانتماء ويخلق كراهية متوهمة.

الشبكات الاجتماعية منصة دعائية وتثقيفية بالغة الأهمية، يجب أن يكون لكل جهة حكومية -وأعني: كل جهة- حساباً يديره محترفون على اتصال مباشر بذوي القرار، ولا غضاضة في أن يأخذ هذا الحساب الحكومي زمام المبادرة في الرد على سؤال أو تلطيف غضب أو تمرير اقتراح، هذا هو الذكاء الاحترافي الذي تحتاجه الحكومة، وهذه هي الثقة التي يحتاجها الشعب.