وزارة التعليم تجلد المعلمين

المعروف في أنظمة الدنيا أن النظام الصادر لا يسري على ما قبل تاريخ صدوره؛ لأنه صدر ليحل محل نظام سابق لم يعد يساير المرحلة، لكن هذه القاعدة البديهية ليست شيئا في عُرف وزارة التربية والتعليم، التي تجبرنا على الشعور بمعاناتها من خلل إداري أو تنظيمي حاد يحتاج إلى المراجعة العميقة

المعروف في أنظمة الدنيا أن النظام الصادر لا يسري على ما قبل تاريخ صدوره؛ لأنه صدر ليحل محل نظام سابق لم يعد يساير المرحلة، لكن هذه القاعدة البديهية ليست شيئا في عُرف وزارة التربية والتعليم، التي تجبرنا على الشعور بمعاناتها من خلل إداري أو تنظيمي حاد يحتاج إلى المراجعة العميقة

السبت - 08 مارس 2014

Sat - 08 Mar 2014



المعروف في أنظمة الدنيا أن النظام الصادر لا يسري على ما قبل تاريخ صدوره؛ لأنه صدر ليحل محل نظام سابق لم يعد يساير المرحلة، لكن هذه القاعدة البديهية ليست شيئا في عُرف وزارة التربية والتعليم، التي تجبرنا على الشعور بمعاناتها من خلل إداري أو تنظيمي حاد يحتاج إلى المراجعة العميقة.

قبل عامين أرسل حملة الماجستير والدكتوراه بياناتهم وجميع مسوغات ترقيتهم إلى المستوى السادس المستحق لهم وفق طلب الوزارة آنذاك، وترقى عددٌ من المتقدمين في دفعة أولى، ثم تلتهم الثانية، وانتظر الباقون توالي الدفعات (على مضض) بحسب أولويات الوزارة، لكن الصدمة كانت قاسية على طموحاتهم التي لا تتجاوز سقف استحقاقاتهم، فقد أصدرت الوزارة نظاما جديدا للمفاضلات، يعيد هؤلاء المنتظرين إلى المربع الأول من جديد للدخول في مفاضلات وشروط شبه تعجيزية، لا تنم عن رغبة التنظيم بقدر ما تهدف إلى الحد من التحاق المعلمين بالدراسات العليا، نظرا لكثافة أعداد المتقدمين، هذه المفاضلة تدخل في صميم تخصص الدارس، وإجباره على تخصصات معينة، بمعنى أنه لو درس ما يرغبه فلن يُرقى، ولن يلتفت أحدٌ إلى شهادته، فكأن الوزارة هنا تمارس الوصاية على المعلم الراغب في تطوير ذاته، وكأنها الأب الذي ننتقده في أدبياتنا وهو يجبر ابنه على تخصص لا يرغبه، أو الزواج بفتاة لا يريدها.

الترقية إلى المستوى السادس من حق المعلم الذي كابد المشاق في سبيل تطوير ذاته، وتوسيع أفقه العلمي والثقافي، وليس للوزارة الحق في إجباره على ما تريد في حال الوفرة، وهي التي كانت تنقب عن أصحاب الشهادات العليا، فكما أن حامل البكالوريوس يستحق المستوى الخامس، فحامل الماجستير يستحق السادس أيا كان تخصصه دون تشرطات تنم عن بيروقراطية ورجعية لن يتطور تعليمنا ونحن نتشبث بها.

فمادامت الوزارة قد منحت المعلم موافقتها على الدراسة (التي نضع تحتها العديد من الخطوط)، ودرس بحسب اشتراطاتهم، فلماذا تزيد الوزارة في جلده بسياط هيمنتها، وتخالف قوانين نظام الخدمة المدنية الذي يمنحه حق الترقية إلى المستوى المستحق، فبالله عليكم بأي حق تجبر الوزارة حملة الماجستير والدكتوراه أن يدخلوا اختبار ( قياس )؟!وبأي حق تشترط الوزارة أن يمضي معلموها ومعلماتها من حملة الماجستير حديثي التعيين ثلاث سنوات في الخدمة دون إعطائهم المستوى المستحق الذي نصت عليه لوائح الخدمة المدنية؟.

وبأي حق يستبعد من أوفدته الوزارة لدرجة الدكتوراه من تحسين مستواه إلى السادس مدة إيفاده، على الرغم من أن وزارتي الخدمة المدنية والتربية والتعليم لا يوجد في لوائحهما ما يميز حملة درجة الدكتوراه عن غيرهم في الميدان التربوي.

المفارقة العجيبة، أن مدير عام الشؤون المالية والإدارية قبل أسابيع صرح بتوافر أربعة آلاف وظيفة شاغرة تستوعب المنتظرين وتفيض عنهم.

فليت الوزارة أعلنت عن عجزها عن ترقية منسوبيها، وحفظت ماء وجهها عن تصوير ذاتها بصورة (المحبِط) فلا يليق أن تحد وزارة التعليم من (تعليم) منسوبيها، كيف لا وما يزال الكثير من حملة البكالوريوس على المستوى الثاني من سنوات، رغم القرار القاضي بترقية كل معلم إلى المستوى الذي يستحقه، ورغم تصريح المسؤول بوفرة الوظائف.

كان الله في عون المعلم الذي صارت وزارته جبلا على كاهله، أثقل من تجهم بعض المجتمع.



[email protected]