الكتب الأكثر مبيعا.. الحقيقة والوهم

اعتاد البعض سماع مقارنات ثقافية تهتم بتحديد أفضل الكتب، أو أكثرها تحقيقا للمبيعات، أو الكتب الأكثر رواجا بين المتلقين، مع أن الحكم على كتاب بالجودة والاستحسان، والرواج لا بد أن يكون نتاج مقارنة مع غيره من الكتب

اعتاد البعض سماع مقارنات ثقافية تهتم بتحديد أفضل الكتب، أو أكثرها تحقيقا للمبيعات، أو الكتب الأكثر رواجا بين المتلقين، مع أن الحكم على كتاب بالجودة والاستحسان، والرواج لا بد أن يكون نتاج مقارنة مع غيره من الكتب

الجمعة - 07 مارس 2014

Fri - 07 Mar 2014



اعتاد البعض سماع مقارنات ثقافية تهتم بتحديد أفضل الكتب، أو أكثرها تحقيقا للمبيعات، أو الكتب الأكثر رواجا بين المتلقين، مع أن الحكم على كتاب بالجودة والاستحسان، والرواج لا بد أن يكون نتاج مقارنة مع غيره من الكتب.

نحاول هنا استقراء آراء بعض القراء، والنقاد، والأدباء، حول الكتب: هل تؤثر قوائم الكتب الأكثر مبيعًا في تكوين انطباعات لديهم حول بعض الكتب؟ وهل هذه الانطباعات يكون لها أثرها في تشكيل وجهة نظرهم حوله سواء بالسلب أو الإيجاب؟يقول أستاذ النقد بجامعة الملك سعود صالح زياد: لا علاقة بين ورود كتاب في «قائمة الكتب الأكثر مبيعًا» وبين اتصاف هذا الكتاب بقيمة علمية أو إبداعية.

فالقوائم الأكثر مبيعاً قوائم يحددها المشترون للكتب، وهم ليسوا مقياس جودة لها.

ولذلك فإن الكتب المدرجة في هذه القوائم تأخذ صفة رواج شعبي أو عمومي، والأسباب التي تؤدي إلى مثل هذا الرواج هي أسباب إثارة أو دعاية، أو أسباب نسبة هذه الكتب إلى المشاهير الذين تأخذ شهرتهم صفة جماهيرية كالسياسيين ونجوم الغناء والسينما والرياضة ونحوهم.

ولو كانت الكتب الأكثر مبيعاً هي الكتب الممتازة التي يرتقي بها الوعي وتزداد المعرفة، لكان الواجب أن يكون المجتمع القارئ مجتمعاً تغلب عليه هموم من هذا الطراز بما يجعله في حاجة إلى اقتناء كتب بهذه الصفات.

لكن القراءة في المجتمع تتوزع على مشارب مختلفة والمشرب الذي يلتقي عليه القراء خارج اهتمامهم الخاص في القراءة هو الكتب المصنوعة للرواج وتحقيق مبيعات عالية.

ويقول محمد محمود: قائمة الكتب الأكثر مبيعا تؤثر في مشترياتي، وقد أستعين بآراء بعض الأصدقاء الذين قد تترك مثل هذه القوائم أثرها على اختياراتهم، لكن غالبا ما أفاجأ بأن أغلبية هذه الكتب التي تلقى رواجا ومبيعات تكون سيئة من وجهة نظري الشخصية.

أما الروائية سهام مرضي فترى أن الكتب التي تحصل حولها ضجة، وتثير ردات الفعل، ويحصل حولها ما يسمى بـ»البروباغندا»؛ فإنها عربيا ومحليا بالذات تحصل على أكبر نصيب في القراءة والاطلاع، لكن المحصلة النهائية للثقل الأدبي، والفكري، لهذه المؤلفات التي تحظى بالشهرة تشعرك بالخجل؛ لأنها غالبا كتب هابطة وركيكة وأبعد ما تكون عن شهرتها.

وتشارك الأديبة عهود حجازي في الموضوع بقولها: تكوين انطباع مسبق عن كتاب ما يعتمد بالدرجة الأولى عندي على أمرين: مدى انتشاره، وما كتب عنه.

إذا أخذنا في الاعتبار هذين الأمرين فسنخلص إلى الفكرة التي ستثير فضول القارئ ليقتني هذا الكتاب أو يمتنع عنه ألا وهي «السمعة» قائمة الكتب الأكثر مبيعا تعنى بالجانب الأول وهو مدى الانتشار، وإذا تحدثنا عن المتلقي العادي بهذا الصدد؛ فسيكون اهتمامه متوزعا بين العناوين، وشهرة الكاتب والملخص الذي يكتب على الغلاف الخلفي.

هذه من الأمور التي تساهم في انطباع المتلقين حول الكتب المتصدرة على وجه الخصوص.

وترى آمال محمد: أن وجود كتاب في قائمة (الأكثر مبيعًا) يعني أنه حصل على نسبة جيدة من الرواج والتسويق، ولا يعني أنه في قائمة (الأفضل)، وشخصيًا لا تؤثر سمعة الكتاب على تقييمي له إيجابًا، قد يكون للمبالغة في تقدير عمل ما دور في التأثير على تقييمي السلبي له.

لأنني سأقرؤه بسقف توقعات مرتفع، وبالتالي فالهبوط سيكون من علو.

ويقول الصحفي عبدالوهاب العريض: لا أحاول تضييع وقتي كثيراً في كتاب لمؤلف لا أعرفه، أو عنوان لا يشدني، وكثيرة هي الكتب السيئة التي صدرت خلال عام 2013م - لعشوائية الطبع لدى معظم دور النشر المحلية منها والعربية - كما أنني لا أستطيع إكمال كتاب لم يشدني،.

التصور المسبق يجعلني أبحث عن الكتاب، وكثيرا ما أستغرق وقتاً طويلاً في تقليب كتاب لا أعرفه كي أقتنيه، بينما الكتب التي أملك تصوراً مسبقاً عنها، أذهب إلى شرائها مباشرة دون تردد.





«لا يصح أن نستسلم لانطباع المقولة السائدة بأن من علامات ضعف الكتاب وسطحيته أن يكون في القوائم الأكثر مبيعاً، دون شرط، لأن نوعية القراء الذين تغدو قائمة الأكثر مبيعًا مؤشرًا عليهم يمكن أن تخرق ذلك الانطباع، فيغدو الكتاب الأكثر رواجاً كتاباً ذا قيمة حقيقية حين نعرف أن المشترين له من ذوي الثقافة والمعرفة وليس لما اعتدناه من أسباب الرواج الجماهيري».

صالح زياد



 



«كثيرة الكتب التي تحمل عناوين رنانة لكنها غير جيدة، وبعضها يحمل تقديما من كاتب معروف، كما أن قوائم الأكثر مبيعاً ربما تؤثر في المتلقي العادي، فهي تشدني للاطلاع، ولكنها لا تشدني للقراءة، وأغلبها روايات الخيال العلمي مثلما حدث مع «هاري بوتر»، بينما رواية (طعم صلاة حب)، كانت الأكثر مبيعاً ولكنها شدتني لها كما شدت كثيرا من محبي الأدب المترجم ولم أندم على قراءتها»



عبدالوهاب العريض



 



«لقد رأيت بنفسي كمّاً هائلا من الناس تتبضع من معرض الكتاب الأخير بالرياض كما لو كان سوبر ماركت، وكنت أسمع أسئلة من نوع «هل هو كتاب حلو؟ بل إن بعض الذين يشرفون على دور النشر لديهم طرق بائسة وفقيرة في عرض ومعرفة ما يبيعونه من كتب، وهذا يعكس بشكل واضح وعي المجتمع الذي يروج فيه منتج أدبي ما لمجرد وجوده ضمن الأكثر مبيعا، إنه لن يصفق ولن يتجمّع إلا حول المصائب والأشياء الأعلى صخبا، بغض النظر عن قيمتها الحقيقية»



سهام مرضي