المؤتمرات.. توصيات على ورق!
الاثنين - 15 ديسمبر 2025
Mon - 15 Dec 2025
زحام في الأجندة المحلية والعالمية كل عام، بمؤتمرات وملتقيات تطرح قضايا تنموية واقتصادية واجتماعية، وتختتم "كما جرت العادة" بقوائم طويلة من التوصيات.
ورغم أن هذه التوصيات تكتب عادة بروح طموحة، يبقى السؤال الأكثر تداولا - هل تغير هذه التوصيات شيئا فعليا؟ أم أنها أصبحت واجبا شكليا يختتم به أي مؤتمر؟
هذا السؤال ليس تجنيا، بل نتيجة متابعة لسنوات طويلة لنتائج مؤتمرات محلية ودولية، والأمر اللافت أن الفجوة بين "إعلان التوصية" و"تنفيذها" تبدو كبيرة، حتى على مستوى مؤسسات عالمية ضخمة.
وبعد بحث هنا وهناك، والاطلاع على تقارير دولية، اتضح أن هناك تفاوتا كبيرا في مدى الالتزام بتنفيذ توصيات المؤتمرات والهيئات؛ وجدت هناك تفاوتا يوضح حقيقة مهمة؛ أن التوصيات لا قيمة لها ما لم ترتبط بمساءلة ومتابعة واضحة، مهما كان مضمونها أو قوة الجهة التي أصدرتها.
تكرار المشهد في مؤتمرات كثيرة "محليا وعالميا" يقود إلى سؤال منطقي؛ لماذا تنتهي التوصيات إلى وثيقة جميلة فقط؟ دون وجود فعل للتوصيات على أرض الواقع! والجواب الذي أراه من وجهة نظري أن هناك أربعة أسباب رئيسة تؤثر على عدم وجود مكاسب حقيقية من توصيات المؤتمرات غالبا، أولها غياب الجهة المسؤولة، حيث تصاغ التوصيات بعبارات فضفاضة منها "يوصي المؤتمر"، "يدعو المشاركون"، من دون تحديد آلية لمن ينفذ وكيف ومتى مع متابعة ذلك.
ثانيا عدم ربط التوصيات بالميزانيات، حيث إن التوصية التي لا يخصص لها تمويل تظل حبرا على ورق، مهما بدت مهمة؛ ثالثا غياب آليات القياس لأن كثيرا من المؤتمرات لا تصدر عنها تقارير متابعة، ولا تعلن نسبة الإنجاز، ما يجعل التوصيات بلا وزن رقابي؛ ورابعا وأخيرا تغير الأولويات من أن تخرج التوصيات في سياق معين، ثم تتغير الظروف الاقتصادية أو السياسية أو العملية فتزاح إلى الخلف، ثم يحول الحول وتأتي توصيات أخرى وهكذا تتراكم لتبقى سطورا طبعت على ورق لتقول فقط "نحن هنا".
هذه الأسباب مجتمعة هي ما يصنع الانطباع السائد بأن بعض التوصيات أصبحت "جزءا من طقوس الختام"، وليست برنامجا عمليا حقيقيا.
ودعونا نعرج على المشهد في المملكة، حيث تختلف الصورة من جهة لأخرى، فبعض المؤتمرات المرتبطة بجهات حكومية ذات صلاحية تنفيذية تحولت توصياتها إلى برامج فعلية، وهو ما يعكس فاعلية المتابعة حين تكون مرتبطة بنظام واضح.
غير أن مؤتمرات أخرى خاصة في القطاع التجاري، تواجه التحديات ذاتها التي تواجهها مؤتمرات العالم من توصيات بلا تنفيذ، أو بلا مؤشرات قياس، أو بلا مساءلة.
وأرى أن مع تطور منظومة الحوكمة في المملكة ضمن "رؤية 2030"، بات من الواضح أن قيمة التوصيات تقاس بمدى ارتباطها بالخطط الوطنية، وليس بعدد البنود التي تقرأ في الجلسة الختامية.
ومع ذلك رغم الانتقادات، تظل التوصيات أداة مهمة في العمل المؤسسي، لا يمكن تجاهلها، وهي بداية الإصلاح، لأنها تأتي بعد تحليل وتشخيص ومناقشة من مجموعة ذات علم وخبرة عميقة وطويلة، تصنع مرجعا يمكن العودة إليه خصوصا إذا تغيرت الظروف وأعيد فتح الملف أو تمت مراجعته ومتابعته بشكل دوري، كما أنها ترفع مستوى الوعي المؤسسي من خلال مشاركة خبراء وطرح حلول جديدة، كذلك تعزز الشفافية لأنها توفر وثيقة يمكن مساءلة الجهات على أساسها، مع إيجاد آلية متابعة وتحديد للجهة المسؤولة، وجدول زمني، وتقييم دوري.
خلاصة موضوعي أن التوصيات ليست المشكلة.. المشكلة في كيفية إدارتها وتكييفها وطرق تنفيذها، حتى أصبحت بعض المنتديات أو اللقاءات لجلب الرعاة وبناء رصيد في جانب المسؤولية لدى الجهة، لذا يجب ألا يتم التصريح للجهات إلا بعد الاطلاع على ملفات المتابعة للتوصيات السابقة، وما تم بشأنها وأسباب عدم تنفيذها، ومساءلة الجهة عن التقصير، وعدم السماح لها بإقامتها إذا انخفضت نسب التنفيذ لتلك التوصيات، كذلك توفير البيئة المناسبة لتنفيذها، وبالتالي رفع نسب نجاح ومصداقية تلك المؤتمرات.
ورغم أن هذه التوصيات تكتب عادة بروح طموحة، يبقى السؤال الأكثر تداولا - هل تغير هذه التوصيات شيئا فعليا؟ أم أنها أصبحت واجبا شكليا يختتم به أي مؤتمر؟
هذا السؤال ليس تجنيا، بل نتيجة متابعة لسنوات طويلة لنتائج مؤتمرات محلية ودولية، والأمر اللافت أن الفجوة بين "إعلان التوصية" و"تنفيذها" تبدو كبيرة، حتى على مستوى مؤسسات عالمية ضخمة.
وبعد بحث هنا وهناك، والاطلاع على تقارير دولية، اتضح أن هناك تفاوتا كبيرا في مدى الالتزام بتنفيذ توصيات المؤتمرات والهيئات؛ وجدت هناك تفاوتا يوضح حقيقة مهمة؛ أن التوصيات لا قيمة لها ما لم ترتبط بمساءلة ومتابعة واضحة، مهما كان مضمونها أو قوة الجهة التي أصدرتها.
تكرار المشهد في مؤتمرات كثيرة "محليا وعالميا" يقود إلى سؤال منطقي؛ لماذا تنتهي التوصيات إلى وثيقة جميلة فقط؟ دون وجود فعل للتوصيات على أرض الواقع! والجواب الذي أراه من وجهة نظري أن هناك أربعة أسباب رئيسة تؤثر على عدم وجود مكاسب حقيقية من توصيات المؤتمرات غالبا، أولها غياب الجهة المسؤولة، حيث تصاغ التوصيات بعبارات فضفاضة منها "يوصي المؤتمر"، "يدعو المشاركون"، من دون تحديد آلية لمن ينفذ وكيف ومتى مع متابعة ذلك.
ثانيا عدم ربط التوصيات بالميزانيات، حيث إن التوصية التي لا يخصص لها تمويل تظل حبرا على ورق، مهما بدت مهمة؛ ثالثا غياب آليات القياس لأن كثيرا من المؤتمرات لا تصدر عنها تقارير متابعة، ولا تعلن نسبة الإنجاز، ما يجعل التوصيات بلا وزن رقابي؛ ورابعا وأخيرا تغير الأولويات من أن تخرج التوصيات في سياق معين، ثم تتغير الظروف الاقتصادية أو السياسية أو العملية فتزاح إلى الخلف، ثم يحول الحول وتأتي توصيات أخرى وهكذا تتراكم لتبقى سطورا طبعت على ورق لتقول فقط "نحن هنا".
هذه الأسباب مجتمعة هي ما يصنع الانطباع السائد بأن بعض التوصيات أصبحت "جزءا من طقوس الختام"، وليست برنامجا عمليا حقيقيا.
ودعونا نعرج على المشهد في المملكة، حيث تختلف الصورة من جهة لأخرى، فبعض المؤتمرات المرتبطة بجهات حكومية ذات صلاحية تنفيذية تحولت توصياتها إلى برامج فعلية، وهو ما يعكس فاعلية المتابعة حين تكون مرتبطة بنظام واضح.
غير أن مؤتمرات أخرى خاصة في القطاع التجاري، تواجه التحديات ذاتها التي تواجهها مؤتمرات العالم من توصيات بلا تنفيذ، أو بلا مؤشرات قياس، أو بلا مساءلة.
وأرى أن مع تطور منظومة الحوكمة في المملكة ضمن "رؤية 2030"، بات من الواضح أن قيمة التوصيات تقاس بمدى ارتباطها بالخطط الوطنية، وليس بعدد البنود التي تقرأ في الجلسة الختامية.
ومع ذلك رغم الانتقادات، تظل التوصيات أداة مهمة في العمل المؤسسي، لا يمكن تجاهلها، وهي بداية الإصلاح، لأنها تأتي بعد تحليل وتشخيص ومناقشة من مجموعة ذات علم وخبرة عميقة وطويلة، تصنع مرجعا يمكن العودة إليه خصوصا إذا تغيرت الظروف وأعيد فتح الملف أو تمت مراجعته ومتابعته بشكل دوري، كما أنها ترفع مستوى الوعي المؤسسي من خلال مشاركة خبراء وطرح حلول جديدة، كذلك تعزز الشفافية لأنها توفر وثيقة يمكن مساءلة الجهات على أساسها، مع إيجاد آلية متابعة وتحديد للجهة المسؤولة، وجدول زمني، وتقييم دوري.
خلاصة موضوعي أن التوصيات ليست المشكلة.. المشكلة في كيفية إدارتها وتكييفها وطرق تنفيذها، حتى أصبحت بعض المنتديات أو اللقاءات لجلب الرعاة وبناء رصيد في جانب المسؤولية لدى الجهة، لذا يجب ألا يتم التصريح للجهات إلا بعد الاطلاع على ملفات المتابعة للتوصيات السابقة، وما تم بشأنها وأسباب عدم تنفيذها، ومساءلة الجهة عن التقصير، وعدم السماح لها بإقامتها إذا انخفضت نسب التنفيذ لتلك التوصيات، كذلك توفير البيئة المناسبة لتنفيذها، وبالتالي رفع نسب نجاح ومصداقية تلك المؤتمرات.