حمزة عبدالرحمن الحارثي

حين يكون القائد هو الإجابة

الأربعاء - 03 سبتمبر 2025

Wed - 03 Sep 2025

في مشهد لم يتجاوز بضع كلمات في محادثة خاصة، تجلت أمامنا فلسفة قيادة كاملة. "فوستر عظيم".
"هذا مطار يليق بأبها".
"نعتمده طال عمرك".
بهذا النص المختصر، وثق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - لحظة فريدة جمعت بين الجمال المعماري والبصيرة القيادية، وأعادت تعريف مفهوم اتخاذ القرار.

ليست هذه مجرد ردود على تصميم معماري، بل تجسيد لنهج جديد: نهج يرى الفكرة قبل الشكل، ويعتمد الجودة قبل أن تطوق بالمصطلحات. هذا المشهد ليس فقط إلهاما للمهندسين والمخططين، بل هو رسالة لكل من يجرؤ على التغيير:
حين تؤمن بما تقدمه، وتختصر الطريق بالصدق والإتقان، فإن القائد الواعي لا يتردد في الموافقة. إن ما فعله ولي العهد في هذه المحادثة القصيرة يشبه ما تفعله التقنية المتقدمة: إزالة التعقيد، وتمكين الإنسان، وتسريع التحول.


ولعل هذا النهج هو ما نحتاجه اليوم ليس فقط في البنية التحتية، بل في "البنية الداخلية" للإنسان نفسه.
في مشروعنا البحثي "هندسة الإنسان"، نؤمن أن النهضة لا تقاس فقط بعدد الأبراج أو سعة المطارات، بل بقدرة الإنسان على إدارة ذاته، وترشيد طاقته، وبناء نسخة أكثر وعيا من نفسه.
وإذا كانت القيادة قد أعادت تشكيل وجه المدن، فإن التحدي القادم هو: كيف نعيد تشكيل أعماق المواطن؟
رؤية السعودية 2030 وضعت الإنسان في مقدمة المشهد، لا كهدف فقط، بل كوسيلة وقيادة ومحتوى.

وما نشهده من قرارات شجاعة وتفاعل مباشر مع المبادرات النوعية، يؤكد أن القائد لا ينتظر بيروقراطية الورق، بل يبحث عن جوهر الفكرة، وصدق الرسالة، ونضج التنفيذ. ختاما، ما أحوجنا اليوم إلى مشاريع ومبادرات تكمل النهضة العمرانية ببناء الإنسان الواعي، ليقال عنها بثقة: هذا يليق بالسعودي.