الرياض الحضن الكبير ومهندسة السلام
السبت - 04 يناير 2025
Sat - 04 Jan 2025
العالم مذهول، ومشتت لأقصى درجة. يعيش صدمات متعددة. سوريا شغلت الدنيا، والولايات المتحدة الأمريكية مجروحة. قتلى بوضح النهار في بقعة من أرض شطري العالم، وانفجارات في جهة أخرى. والأخبار مزعجة، لكنها مفرحة للصحافيين أمثالي، لأننا نقتات على ذلك، على الخبر أقصد بعيدا عن شكله ولونه وموقعه.
العالم مذهول. جنرالات الحرب في الغرف المغلقة، والمستشارون ووسائل الإعلام على خط النار. الطيارون المقاتلون في طائراتهم مستعدون، وبانتظار الأمر وساعة الصفر، فالأهداف والإحداثيات محددة. قد يطرأ عليها جديد. دائرة الشر في اتساع. كل شيء جائز ومباح، وكل شيء مقلق. وكل شيء مزعج في هذا الكون الفسيح.
العالم مذهول. في إيران الصديقة الشارع لا يعلم عن الغليان لدى الطبقة العليا التي تحكم البلاد. لقد أثخنت بالجراح خلال فترة وجيزة مضت. فهي تحت تأثير الصدمة. خسرت أوراقها التي أنفقت عليها مئات المليارات منذ الثورة الخمينية. لا يمكن اعتبارها ثورة داخل حدود الوطن. لأنها تجاوزت كل الحدود.
العالم مذهول. في لبنان اختلط الحابل بالنابل. يحاول نعيم قاسم زعيم ميليشيا حزب الله الإرهابية مخادعة حواضنه الشعبية، من خلال تمرير صورة أن المقاومة استعادت عافيتها. ويلقي مسؤولية متابعة اتفاق وقف إطلاق النار على عاتق الدولة. السؤال؟ متى كان يعترف حزب الله بمفهوم الدولة! الجواب: تفسير ذلك أمران، الأول: أن الحزب مرهق ويمكن اعتباره يعاني سكرات الموت. الثاني: محاولته التمسك بالدولة من أجل الحصول على البقاء في المشهد، لأنه - أي الحزب - يعاني من تقهقر قواعده المؤيدة، بعيدا عن الإعلاميين المأجورين، ممن يتولون مهمة إيصال فكرة أنه لا يزال في أعلى حالاته المعنوية والعسكرية. لقد خرج قاسم قبل أيام في خطبة وليس خطابا. تحدث عن الدين والسياسة والموروثات التاريخية. نفخ رأسي حينها واستبلدت القناة.
العالم مذهول. في سوريا برز رأس الثعبان الداعشي من جديد، حسب تواتر الأنباء. يردد العوام من القوم وعديد من وسائل الإعلام، أن فلول نظام بشار الأسد "الفار" تقف وراء ذلك. الله أعلم.
العالم مذهول. في سوريا أيضا سقط احتلال الأسدين الأب والابن. ووصفي لحكمهما بالاحتلال جائز. لماذا؟ لأن اللافت للنظر فوزهما في الانتخابات الرئاسية بنسب تفوق التسعين بالمئة. وما إذا نظرنا لمن خرجوا فرحين بهروب الأسد الابن، يتأكد حتما أن تلك النتائج يتم إعلانها من أقبية المخابرات، وليس من قبل لجان مختصة في تأصيل الديمقراطية. والمعروف تاريخيا أن النظام السوري في المرحلتين يكذب حتى في درجة حرارة الطقس. فلا ينقصه بالمجمل تزييف نتائج انتخاباته للبقاء في السلطة.
العالم مذهول. في سوريا كذلك، أين تبخر شبيحة النظام الأسدي، وأين اختفى جنرالاته، وأين العنتريات، وأين فرقة المصفقاتية في مجلس الشعب، وأين بارونات الحرب والسلاح والإجرام، أين صانعو الشعارات وراسمو صور الرئيس الأوحد للأبد على جدران دمشق العتية؟ الجواب: لا أعلم. ربما سقطوا في مستنقعات الدماء التي أسسوا لها طوال فترة تطبيلهم للأسدين.
العالم مبسوط. ما هذا التحول في سياق السطور الماضية؟ السطور مضت، وذهب حبرها لمالا نهاية. وهو ليس انقلابا على المضمون، بل واقع. ماذا أقصد؟ ما يحدث في بلادي. لقد احترقت الأحرف الماضية، وتبخر دخانها، كالذي يخرج من بولدوزر، يعمل في ساعات الفجر، بالعاصمة الجميلة الرياض. في السعودية العمل لا يتوقف، لا ليلا ولا نهارا. الدولة عن بكرة أبيها عبارة عن ورشة كبرى. وقد شكلت حالة إلهام وشجعت المحيط على اقتلاع صفحات الماضي لنهضة دولهم وشعوبهم.
إلا قلة قليلة بالطبع، لا يزالون يهرولون في نضالاتهم وأزقة قومياتهم، وأعني من كان ينتقص من قيمة المملكة، فهؤلاء لم يصلوا بعد لنقطة بدايتنا، ولا لحاضرنا. يحتاجون لسنوات ضوئية ربما لبلوغ ماضينا لا حاضرنا.
العالم مبسوط. في السعودية هناك مفهوم جامع بين الدولة والشعب، يتفق على مساندة الأشقاء، ويتسامى عن الجراح. ويترفع عن المنّة، ويتجاوز الخصومة حتى مع الأعداء، ويجير المستجير. ذلك ما لم يفهمه ويستوعبه كثير من العرب المستعربة، أو العاربة. لا يهم وصفهما، المهم أنهم لم يفهموا ديدن السياسة السعودية وركائزها الأخلاقية.
أتصور أن على الشرائح العربية الواعية، بالضرورة أن تتقين من أمرين. الأول: الثقل السعودي الكبير في المنطقة وحجم تأثيرها على صناع القرار العالمي. الثاني: تفانيها وعدم تخاذلها في خدمة المصالح العربية العليا. ما الدليل؟ اختيار الإدارة السورية الجديدة لأن تكون الرياض محطتها الأولى خارجيا، وهذا يؤكد أن ثمة ما يعول عليه السوريون وينتظرونه من المملكة، نظير إدراكهم للوزن السعودي الذي تحدثت عنه مسبقا.
وفي مقابل ذلك هناك ما هو أهم وأعمق من فكرة الزيارة. عودة سوريا للحضن العربي من البوابة السعودية. وذلك دون شك له تأثير كبير في استعادة سوريا لمفهوم الدولة الحقيقية. فوصول وفد سوري رفيع المستوى للمملكة، لا يعني زيارة والسلام، لا بل له مضامين من بين أهمها، الحصول على دعم سعودي لتصحيح المسار الذي ضل عن الطريق لسنوات طويلة ماضية، وانحرف لاتجاهات قادته في نهاية المطاف، لإحراق البلاد ومن عليها.
إن الدور السعودي المنتظر من قبل كثير من العواصم، هو نتاج تأسيس صلب للسياسة السعودية الواضحة والثابتة. انتهجت العمل بصمت، ووضعت المصالح العربية على الطاولة. وبالوقت نفسه لم تنتظر مجاملة ولا شكرا من أحد. لأنها تعد ذلك من الواجبات الإنسانية والأخوية والأخلاقية.
هذا هو المنهج السعودي المتسامي. كان هكذا ومضى وسيبقى. وذلك ما يمنحني الحق وبكل فخر؛ لوصف الرياض بالحضن الكبير.. ومهندسة السلام. والسلام.
العالم مذهول. جنرالات الحرب في الغرف المغلقة، والمستشارون ووسائل الإعلام على خط النار. الطيارون المقاتلون في طائراتهم مستعدون، وبانتظار الأمر وساعة الصفر، فالأهداف والإحداثيات محددة. قد يطرأ عليها جديد. دائرة الشر في اتساع. كل شيء جائز ومباح، وكل شيء مقلق. وكل شيء مزعج في هذا الكون الفسيح.
العالم مذهول. في إيران الصديقة الشارع لا يعلم عن الغليان لدى الطبقة العليا التي تحكم البلاد. لقد أثخنت بالجراح خلال فترة وجيزة مضت. فهي تحت تأثير الصدمة. خسرت أوراقها التي أنفقت عليها مئات المليارات منذ الثورة الخمينية. لا يمكن اعتبارها ثورة داخل حدود الوطن. لأنها تجاوزت كل الحدود.
العالم مذهول. في لبنان اختلط الحابل بالنابل. يحاول نعيم قاسم زعيم ميليشيا حزب الله الإرهابية مخادعة حواضنه الشعبية، من خلال تمرير صورة أن المقاومة استعادت عافيتها. ويلقي مسؤولية متابعة اتفاق وقف إطلاق النار على عاتق الدولة. السؤال؟ متى كان يعترف حزب الله بمفهوم الدولة! الجواب: تفسير ذلك أمران، الأول: أن الحزب مرهق ويمكن اعتباره يعاني سكرات الموت. الثاني: محاولته التمسك بالدولة من أجل الحصول على البقاء في المشهد، لأنه - أي الحزب - يعاني من تقهقر قواعده المؤيدة، بعيدا عن الإعلاميين المأجورين، ممن يتولون مهمة إيصال فكرة أنه لا يزال في أعلى حالاته المعنوية والعسكرية. لقد خرج قاسم قبل أيام في خطبة وليس خطابا. تحدث عن الدين والسياسة والموروثات التاريخية. نفخ رأسي حينها واستبلدت القناة.
العالم مذهول. في سوريا برز رأس الثعبان الداعشي من جديد، حسب تواتر الأنباء. يردد العوام من القوم وعديد من وسائل الإعلام، أن فلول نظام بشار الأسد "الفار" تقف وراء ذلك. الله أعلم.
العالم مذهول. في سوريا أيضا سقط احتلال الأسدين الأب والابن. ووصفي لحكمهما بالاحتلال جائز. لماذا؟ لأن اللافت للنظر فوزهما في الانتخابات الرئاسية بنسب تفوق التسعين بالمئة. وما إذا نظرنا لمن خرجوا فرحين بهروب الأسد الابن، يتأكد حتما أن تلك النتائج يتم إعلانها من أقبية المخابرات، وليس من قبل لجان مختصة في تأصيل الديمقراطية. والمعروف تاريخيا أن النظام السوري في المرحلتين يكذب حتى في درجة حرارة الطقس. فلا ينقصه بالمجمل تزييف نتائج انتخاباته للبقاء في السلطة.
العالم مذهول. في سوريا كذلك، أين تبخر شبيحة النظام الأسدي، وأين اختفى جنرالاته، وأين العنتريات، وأين فرقة المصفقاتية في مجلس الشعب، وأين بارونات الحرب والسلاح والإجرام، أين صانعو الشعارات وراسمو صور الرئيس الأوحد للأبد على جدران دمشق العتية؟ الجواب: لا أعلم. ربما سقطوا في مستنقعات الدماء التي أسسوا لها طوال فترة تطبيلهم للأسدين.
العالم مبسوط. ما هذا التحول في سياق السطور الماضية؟ السطور مضت، وذهب حبرها لمالا نهاية. وهو ليس انقلابا على المضمون، بل واقع. ماذا أقصد؟ ما يحدث في بلادي. لقد احترقت الأحرف الماضية، وتبخر دخانها، كالذي يخرج من بولدوزر، يعمل في ساعات الفجر، بالعاصمة الجميلة الرياض. في السعودية العمل لا يتوقف، لا ليلا ولا نهارا. الدولة عن بكرة أبيها عبارة عن ورشة كبرى. وقد شكلت حالة إلهام وشجعت المحيط على اقتلاع صفحات الماضي لنهضة دولهم وشعوبهم.
إلا قلة قليلة بالطبع، لا يزالون يهرولون في نضالاتهم وأزقة قومياتهم، وأعني من كان ينتقص من قيمة المملكة، فهؤلاء لم يصلوا بعد لنقطة بدايتنا، ولا لحاضرنا. يحتاجون لسنوات ضوئية ربما لبلوغ ماضينا لا حاضرنا.
العالم مبسوط. في السعودية هناك مفهوم جامع بين الدولة والشعب، يتفق على مساندة الأشقاء، ويتسامى عن الجراح. ويترفع عن المنّة، ويتجاوز الخصومة حتى مع الأعداء، ويجير المستجير. ذلك ما لم يفهمه ويستوعبه كثير من العرب المستعربة، أو العاربة. لا يهم وصفهما، المهم أنهم لم يفهموا ديدن السياسة السعودية وركائزها الأخلاقية.
أتصور أن على الشرائح العربية الواعية، بالضرورة أن تتقين من أمرين. الأول: الثقل السعودي الكبير في المنطقة وحجم تأثيرها على صناع القرار العالمي. الثاني: تفانيها وعدم تخاذلها في خدمة المصالح العربية العليا. ما الدليل؟ اختيار الإدارة السورية الجديدة لأن تكون الرياض محطتها الأولى خارجيا، وهذا يؤكد أن ثمة ما يعول عليه السوريون وينتظرونه من المملكة، نظير إدراكهم للوزن السعودي الذي تحدثت عنه مسبقا.
وفي مقابل ذلك هناك ما هو أهم وأعمق من فكرة الزيارة. عودة سوريا للحضن العربي من البوابة السعودية. وذلك دون شك له تأثير كبير في استعادة سوريا لمفهوم الدولة الحقيقية. فوصول وفد سوري رفيع المستوى للمملكة، لا يعني زيارة والسلام، لا بل له مضامين من بين أهمها، الحصول على دعم سعودي لتصحيح المسار الذي ضل عن الطريق لسنوات طويلة ماضية، وانحرف لاتجاهات قادته في نهاية المطاف، لإحراق البلاد ومن عليها.
إن الدور السعودي المنتظر من قبل كثير من العواصم، هو نتاج تأسيس صلب للسياسة السعودية الواضحة والثابتة. انتهجت العمل بصمت، ووضعت المصالح العربية على الطاولة. وبالوقت نفسه لم تنتظر مجاملة ولا شكرا من أحد. لأنها تعد ذلك من الواجبات الإنسانية والأخوية والأخلاقية.
هذا هو المنهج السعودي المتسامي. كان هكذا ومضى وسيبقى. وذلك ما يمنحني الحق وبكل فخر؛ لوصف الرياض بالحضن الكبير.. ومهندسة السلام. والسلام.