أميرة سعد الزهراني

ما بين الصلابة والمرونة النفسية

الأربعاء - 30 أكتوبر 2024

Wed - 30 Oct 2024

في عالمنا المعاصر، تتسارع وتيرة التغيرات المجتمعية بشكل غير مسبوق، وتتبدل الظروف بسرعة هائلة.

تظهر هذه التحولات في مجالات متعددة، مثل التطورات التكنولوجية التي غيرت أساليب التواصل والعمل، والأزمات الاقتصادية التي أثرت على الاستقرار المالي للأفراد، كما شهدت المجتمعات تغييرات اجتماعية وثقافية أثرت على القيم والمعايير التي تربط بين الناس، في ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري أن يمتلك الأفراد القدرة على التكيف مع هذه التغيرات من أجل الحفاظ على توازنهم النفسي، حيث تؤثر هذه التغيرات بشكل عميق على الأفراد والمجتمعات، مما يستدعي تطوير مهارات متنوعة ولعل أهمها مفهوم الصلابة والمرونة النفسية.

تلعب الصلابة النفسية دورا حيويا في مواجهة هذه المتغيرات، ويقصد بها قدرة الفرد على الثبات عند مواجهة الضغوطات والتحديات النفسية دون أن تؤثر سلبا على صحته النفسية أو جودة حياته، وهنا نجد أن من يمتلك هذه المهارة قادر على التحمل في الأوقات الصعبة، بل وقادر على الحفاظ على هدوئه وتركيزه عند مواجهة الأزمات، فتمنحه هذه المهارة القدرة على مواجهة التحديات بثبات والسعي نحو الحياة بنظرة إيجابية رغم الصعوبات.

أما المهارة الثانية فهي المرونة النفسية التي تعني التكيف والتغيير عند مواجهة التغيرات بشكل إيجابي، والتفاؤل مع التفكير بحلول جديدة في كل مرة عند مواجهة التحديات، من يتمتع بهذه الصفة نجده قادرا على معالجة التحديات بطريقة إيجابية. هذه المرونة تسمح له بالنهوض بشكل أسرع بعد كل سقوط، مما يسهم في تعزيز صحته النفسية وإدارة الضغوط التي يواجهها بشكل أفضل.

باختصار تركز الصلابة النفسية على الثبات والقوة الداخلية، في حين تركز المرونة النفسية على التكيف والتغيير الإيجابي، ويمكن القول إن الصلابة والمرونة النفسية تعدان من أهم الأدوات الحيوية نحو تحقيق النجاح والتكيف في ظل التغيرات السريعة والمستمرة في المجتمع، فعندما تجتمع هاتان الصفتان في الفرد، يصبح أكثر قدرة على مواكبة التغيرات، مما يعزز استقراره النفسي والاجتماعي.

ولتعزيز هذه المهارات، يمكن تبني بعض الاستراتيجيات، أولها تقبل الواقع، حيث يمثل نقطة انطلاق حيوية في رحلة التغلب على التحديات التي تواجه الفرد في عالم مليء بالتغيرات السريعة والمفاجآت، من المهم أن يتعلم الفرد تقبل ما يحدث في حياته، لا تعني هذه العملية الاستسلام أو عدم السعي لتحسين الظروف، بل تعني الاعتراف بالحقائق كما هي، مما يتيح للفرد فرصة التفكير والبحث عن حلول فعالة وتحليل الموقف بشكل موضوعي، ثانيا تعزيز التفكير الإيجابي من خلال تحويل الأفكار السلبية واستبدالها بأفكار إيجابية، مما يعزز الدافع الشخصي والقدرة على التعامل مع الضغوط، ثالثا إدارة الضغوط من خلال تعلم بعض التقنيات مثل التنفس العميق، وعدم الاستعجال، والتأمل، والتفكير بعمق دوما، ومن المهم أيضا التأني وعدم التسرع في القول والفعل.
باستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن للفرد تطوير مهاراته وتعزيز قدراته في كيفية التعامل مع التغيرات وضغوطات الحياة.

في النهاية، يتطلب النجاح في ظل هذه الظروف المتغيرة توازنا بين قوتنا الداخلية وقدرتنا على التكيف، مما يسهم في تحقيق استقرارنا النفسي.

أخيرا، نسأل الله أن يمدنا بالصلابة في مواجهة المتغيرات المجتمعية، والمرونة النفسية لتقبل جميع الضغوط التي تواجهنا.

ameerah_s_z@