محمد علي الحسيني

فقه الوضوء والغسل

الأربعاء - 08 مايو 2024

Wed - 08 May 2024


يجب على المكلف شرعا التطهر من النجاسات المنصوص عليها وذكرها الفقهاء في باب فقه الطهارة مقدمة لبعض العبادات التي تحتاج للطهارة للقيام بها أو كشرط لصحتها كالصلاة والطواف الواجب.

وهنا محط بحثنا، فهذه الطهارة المائية الواجب فيها وفقا للحدث الذي أحدثه المكلف فيكون الواجب عليه لرفع الحدث إما الوضوء أو الغسل.

بداية نعرف بالوضوء
هي نظافة وطهارة مائية شرعية يؤتى بها بنية التعبد والتقرب إلى الله، ويستدل على وجوب وكيفية الوضوء بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين).

أما غاية الوضوء
الوضوء كما تقدم مطلب شرعي إما أن يكون مستحبا في نفسه، للكون على الطهارة وهذا محبب جدا، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار) الكثير من الأحاديث الصحيحة التي تؤكد على استحباب الوضوء في نفسه والحث على البقاء عليه لما فيه أجر وحسنات؛ منها: «أكثر من الطهور يزد الله في عمرك، إن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على الطهارة شهيدا» وحديث آخر: «إن استطعت أن تكون أبدا على وضوء فافعل» وعن جعفر بن محمد الصادق قال: «الوضوء على الوضوء نور على نور».
وإما أن يكون الوضوء شرطا أساسيا لصحة العبادة كالصلاة والطواف، فعن النبي (صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار) قال: «لا صلاة إلا بالوضوء» وعن محمد بن علي الباقر قال: «لا صلاة إلا بطهور». وكذا في الطواف الواجب فإنه بمنزلة الصلاة، فيستلزم الطهارة والوضوء، فعن جعفر بن محمد الصادق: «الطواف بالبيت صلاة».
وإما أن يكون الوضوء شرطا في كمال الأجر؛ كقراءة القرآن، أو رافعا للكراهة كالأكل للمجنب، وإما شرطا في جوازه كمس كتابة القرآن بدليل قوله تعالى: ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾.

نواقض الوضوء:
بعدما بينا وجوب الوضوء وكيفيته وأسبابه نأتي إلى ذكر نواقض الوضوء والتي لا ينقض الوضوء الا اليقين بحصولها، حيث تستوجب على المكلف إعادة أو تجديد وضوئه. ونواقض الوضوء ستة قام الدليل الشرعي عليها وذكرناه في النجاسات، فلا نعيد:
-1خروج البول وما في حكمه، كالبلل المشتبه به قبل الاستبراء.
-2خروج الغائط.
-3خروج الريح من الدبر.
-4النوم الغالب على حاستي السمع والبصر.
-5كل ما أزال العقل مثل الجنون والإغماء والسكر ونحوها.
-6الاستحاضة على تفصيل مبين في محله.
الغسل:
نفس العلة التي تحدثنا عنها في الوضوء أي وجوب الإتيان بالطهارة بعد إتيان المكلف بالحدث الأكبر الموجب للطهارة منه وإزالته بالغسل الواجب لرفعه أو الغسل المستحب المندوب نظرا للمكان أو الزمن الداعي له.

أنواع الغسل
ينقسم الغسل إلى غسل واجب وغسل مستحب، ومنها أغسال زمانية وأخرى مكانية.

والأغسال كلها واجبة مما يشترط فيه الطهارة كالصلاة والطواف ومس أحرف القرآن ودخول المسجد... أو مستحبة لزمان أو مكان معين.

كيفية الغسل
الغسل الترتيبي، وهو بعد النية أن يغسل الرأس والرقبة أولا، ثم الطرف الأيمن من البدن كله، ثم الطرف الأيسر كله.

أحكام الجنب ما يتوقف صحته على الغسل من الجنابة
الأول: الصلاة بأقسامها عدا صلاة الجنازة.
الثاني: الطواف الواجب والمندوب.
والثالث: صوم شهر رمضان وقضائه، بمعنى بطلانه إذا أصبح جنبا متعمدا أو ناسيا للجنابة، وأما سائر أقسام الصيام، فلا تبطل بالإصباح جنبا في غير الواجب منها، نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار تبطل جميع أقسام الصيام حتى المندوب منها، وغير العمدية كالاحتلام لا يضر بشيء منها حتى صوم شهر رمضان.
ما يحرم على الجنب الأول: مس كتابة القرآن، بدليل قوله تعالى: ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾ [الواقعة:79]
الثاني: دخول مسجد الحرام ومسجد النبي وإن كان بنحو الاجتياز.
الثالث: المكث في غير المسجدين من المساجد، بل مطلق الدخول فيها إن لم يكن مارا، (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) [ النساء:43].
الرابع: وضع شيء في المساجد وإن كان من الخارج أو في حال العبور.
الخامس: قراءة سور العزائم ولو بعض منها - حتى البسملة - بقصد إحداها.
واجبات الوضوء والغسل
الأول: النية، ويعتبر فيها الإخلاص.
الثاني: إطلاق الماء وطهارته وإباحته.
الثالث: غسل البشرة بما يسمى غسلا ولو كان كالدهن.
والرابع: في الغسل تخليل ما لا يصل إليه الماء كالشعر ولو كان كثيفا ونحوه، فيجب عليه تخليل ما لا يصل الماء إليه إلا بتخليله.
والخامس: الترتيب في غسل الأعضاء.
والسادس: إباحة المكان ووسائله.
والسابع: يعتبر أيضا المباشرة اختيارا في الوضوء أو الغسل - وعدم المانع من استعمال الماء لمرض أو خوف ونحوه.

خلاصة فقه الوضوء والغسل: إن وجوب رفع الحدث بالطهارة منه مرتبط بأهم الواجبات العبادية الدينية للمسلم المتمثلة في شرط العمل وصحة العبادات؛ كالصلاة، والطواف، والصيام، بل هي مفتاح العبادة وشرط أساسي لصحتها؛ فـ «الطهور شطر الإيمان»؛ لذا يجب على المسلم أن يتفقه فيه جيدا، ولا يستخف ليحرز صحة عباداته كما أرادها الله (عز وجل) منه.


sayidelhusseini@