فاتن محمد حسين

رمضان لوحدة الأمة الإسلامية

الثلاثاء - 02 أبريل 2024

Tue - 02 Apr 2024

في ركض متسارع لتعزيز المشتركات الإنسانية بين المسلمين وبناء الجسور الثقافية للتواصل الحضاري بين أبناء الأمة من مختلف الأقطار أقيمت ندوة قيمة بعنوان (رمضان شعيرة جامعة بين الشعوب الإسلامية) برعاية معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي حسين إبراهيم طه وبالشراكة المعرفية مع مركز الخليج للأبحاث.

وسعدت بدعوتي للحضور في تلك الليلة المباركة الموافقة لـ 17 من رمضان وهي ذكرى غزوة بدر الكبرى التي نصر الله فيها الإسلام وأعز دينه وتجلت فيها قوة الإيمان ورسوخ العقيدة بالنصر من عند الله على كفار قريش.

ولم يكن ذلك اللقاء محض صدفة ولكنه بتخطيط دقيق من مركز الخليج للبحوث والذي تأسس منذ عام 2000م وبجهود مباركة من سعادة الباحث في العلاقات الدولية الدكتور عبدالعزيز صقر الذي آمن برؤيته البحثية وضرورة إيجاد كيان بحثي من داخل المنطقة لإجراء دراسات تعني بمشكلات اجتماعية، واقتصادية، وتعليمية، وجيوسياسية.. لدول الخليج العربي واليمن والعراق وإيران.

ولأن الشراكات الاستراتيجية مهمة لمركز بهذا المستوى الذي يعمل على تقوية أواصر التعاون وتعزيز السلام والأمن والازدهار في المنطقة وبين شعوب العالم الإسلامية فقد تم توقيع مذكرة تفاهم بين منظمة التعاون الإسلامي ومركز الخليج للأبحاث وهي خطوة رائدة لدعم البحوث العلمية على مستوى العالم الإسلامي وهي امتداد لبناء الجسور الإسلامية.

كان اللقاء ممتعا بحضور كوكبه من علماء الاجتماع، والمثقفين، وبعض الدبلوماسيين من سفراء بعض الدول الإسلامية، حيث شارك سفراء لدى المملكة وهم سعادة السفير ضياء الدين بامخرمة سفير جمهورية جيبوتي، وسعادة السفير الدكتور إبراهيم جالو سفير جمهورية سيراليون، وسعادة السفير أكرم كريمي سفير جمهورية طاجكستان وهم جميعهم ممثلون دائمون لمنظمة التعاون الإسلامي وتحدثوا بإسهاب عن الطقوس الرمضانية في بلادهم.

كما شارك اللقاء كل من سعادة الأستاذ الدكتور إسماعيل خليل كتبخانة كعالم اجتماع ولديه موسوعة بـ 9 مجلدات عن ثقافة المجتمع المكي ومنها طقوس رمضان.

وتجلت الثقافة والأدب مع كلمة سعادة الأستاذ الدكتور عبدالمحسن القحطاني الارتجالية كأديب وناقد ثقافي.. وقد أدلى كل بدلوه عن رمضان في بلده بصورة جسدت وجود قواسم مشتركة بين الدول الإسلامية لهذا الشهر الكريم تجمعهم أصول الدين وتنبثق منها عادات وتقاليد نابعة من قيم ومبادئ عظيمة.

وتكفينا الآية الكريمة في قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) البقرة (185) ففيها الكثير من المشتركات لهذا الشهر الكريم.

ولعلي ألخص القواسم المشتركة بين مكونات الحضارة الإسلامية عن رمضان في هذه الندوة المباركة:
  • الاحتفاء بقدوم شهر رمضان المبارك وتبادل التهاني والتبريكات على مستوى الأفراد والجماعات بل وحتى الدول الإسلامية وغير الإسلامية وبذلك يكون رمضان محورا للدبلوماسية وذا دور كبير في تعزيز العلاقات الدولية.
  • الإفطار الجماعي بين الناس على مستوى المجتمع الواحد مظهر من مظاهر الرحمة والتكافل والشعور بالفقراء وفي نهاية الشهر حيث زكاة الفطر. وعلى مستوى الدولي أيضا مظهر من مظاهر الدبلوماسية، فكما أشار سعادة سفير المملكة -سابقا- الأستاذ عصام عابد في مداخلته بأن سفارات المملكة دأبت على عمل موائد الإفطار في شهر رمضان المبارك وحضور سفراء من عدة دول إسلامية وغير إسلامية مما يعزز العلاقات الدولية ويعطي صورة بانورامية عن سماحة الإسلام ووسطيته.. وهذه من القوى الناعمة التي لابد أن تستخدم في إظهار حقيقة الإسلام.
  • إن النشاط الاقتصادي يقوى في هذا الشهر الفضيل لشراء الاحتياجات الأساسية والملابس والمجوهرات للنساء، والحلوى والهدايا استعدادا لعيد الفطر المبارك.
  • لهذا الشهر الفضيل بروتوكولات نظامية دقيقة وقد أشار إلى ذلك الدكتور إبراهيم جالو، حيث أكد أن هناك أوقات محددة للإمساك وأوقات محددة للإفطار. كما أشار إلى عادة طريفة في سيراليون وهي زواج معظم الشباب يكون في شعبان حتى يكون في رمضان لديه زوجة تعينه في حياته في رمضان.
  • ومن المشتركات أيضا تنظيف المساجد وصيانتها وتغيير الأثاث استعدادا للشهر الكريم للمصلين والمعتكفين.
  • كما أن هناك لجان إصلاح ذات البين التي تنشط في أواخر شعبان حتى لا يدخل رمضان إلا وقد أزيلت الشحناء في النفوس وتصالح الأهل والأصدقاء والأقرباء.
  • الجميل في اللقاء أن معظم المتحدثين كانوا يجيدون اللغة العربية الفصحى بطلاقة وهي اللغة الجامعة لهوية الأمة الإسلامية؛ لأنها لغة القرآن الكريم.
  • كما تم الدخول لمعارج الثقافة وظهور المسحراتي والحكواتي في معظم الدول العربية والإسلامية وإن كانوا قد انقرضوا الآن في معظم الدول إلى أنهم موجودون عند آخرين.
حقيقة لا شك فيها وهي أن رمضان جامع لمشتركات ثقافية ودينية متنوعة وعادات وتقاليد وإن اختلفت في بعض تفاصيلها لكنها تبقى جامعة للأمة على الخير والحب والسلام.