شاهر النهاري

هل كتبت وسائل الإعلام مأساة غزة بنزاهة؟

الاثنين - 11 ديسمبر 2023

Mon - 11 Dec 2023

لعل ما عشناه من بشاعة متناهية في عمليات القصف الإسرائيلي على أهالي غزة، وما شهده العالم من مجازر، وظلم وخراب وذبح لكل معاني الإنسانية خير شاهد على أن الإعلام العربي والعالمي مصابان بجائحة الانحياز وفقد المصداقية.

الضمير العالمي فصلت عنه الأجهزة ليموت سريريا بعد خروج الهجمات الصهيونية عن المنطق على شعب أعزل، بتهويل إعلامي، أو تضعيف روايات واقعة مشهودة أو فبركات و«بروباغندا» وقحة.

الإعلام العربي تباينت توجهاته من أقصى اليمين، إلى أقصى اليسار، ما يجعلنا نبحث عن كرباج، أو جزرة تلوح.

الإعلام الأمريكي والغربي أثبت أنه أبواق إسرائيلية الصنع والرجع، ومناظير ترى الفلسطينيين، أقل من حجم النمل، وكأن سحقهم رحمة لهم!

الحكومات لها تأثير جذري في صنع المواقف الإعلامية، وبما تحاول إفهام شعوبها به.

الشعوب كان لها تأثيرات قوية على الإعلام، فمن خرجوا في مظاهرات شملت أكثر العواصم العربية والعالمية، أحرجت حكومات وإعلام تلك الدول، واضطرتها لمسح صديد الرمد عن أعينها، ولو بقطرة مسايرة كاذبة اتقاء لالتهاب قزحية الغضب.

المصالح وتد ناري مسمول بعين الحق، يشجع الدعايات الكاذبة، ويردد تبريرات الإرهاب ونظريات المظلمة، والتكرار يعلم الخروف والفيل والحمار.

بعض المصالح السياسية تبدع في الضغط على الإعلام لينزاح عن جادة الحق، بنوايا بغيضة تقتات على البهرجة والادعاءات واللعب على الحبلين، وبعضها يدعي حرية الرأي طالما أنه يصب في مجرى عين رؤيتها.

السياسة الضعيفة تبني غششها على الأحلام الاقتصادية الوردية، وبما يرضي حليفها مهما كان كاذبا، ويقهر أعز أصدقائها، وينبذه حينما أصبحت كلفته النفسية والمادية، غير ذات فائدة، بسياسة تفغر فمها لابتلاع وعود الصفقات، وبما ينطلي على الأغبياء، حينما يصدقون أن الظلم وسيلة، ويحنون هامات نخرتها مناقير الغربان.

الإعلام العالمي انزاح ولم يعد مقنعا، أثناء الهجمة البربرية على الفلسطينيين، وكم غضب الحق وأحبط من تجن وقبح مواقف، وسرعة تبدل، وحيل ومقايضات وغمزات وبسمات تسيح على وجوه الإعلاميين المسيرين، يرقعون، عند كل تحول عكسي يحرج تحيزهم، ويفضح تحليلاتهم السياسية المتناقضة المقرفة، بالدوس على رفات جسد الحقيقة المسجى، والظلم لا رب له، ولا إنسانية لحججه، حينما تفضحه الأسباب والأيام، إعلام يتبنى ألعاب تحايل دنيئة، لم تعرف الكرامة، ولا الاعتدال ولا حتى مجرد الوقوف دقائق صمت لتأبين عدالة حقوق الإنسان.

أغلب شعوب الأرض فقدت الثقة بجهات إعلام كانت تعتبرها نزيهة، فولت وجوهها شطر مواقع التواصل تتابعها بأعين رجاء، وأمنيات فضح الاعوجاج رغم محاصرة المراقبة والمنع، وبأمل أن يسترد الإعلام وعيه، ويحترم العقول، وأن يفيق في قادم الأزمات العالمية.

الإعلام المريض المنزاح المتذبذب المتغير بضغوط السياسة والمصالح لا يمكن احترامه، ولا الوثوق به، وعلى الشعوب أن تغطيه، وترفع أصواتها مولولة على نعش رحيله.

بعض الشعوب أحرقها رماد الخوف جراء هشاشة لغة إعلامهم وزيفه، بقلوب يحتوونها بأيديهم، خشية انفجار تراكم المواقف المزاجية المهزوزة، في أزمات قادمة تمس حياتهم ومعاشهم وسلام بلدانهم وأمنهم، لو تم معالجتها بنفس التردد والهلامية التبريرية، ومناهضة الحق برؤى مريضة عمياء، وناصية كاذبة خاطئة خائنة، تبدع في قلب الحقائق ببجاحه أعين إعلام «يندب فيها رصاصة».

shaheralnahari@