غزة أكبر مقبرة في العالم
الأحد - 15 أكتوبر 2023
Sun - 15 Oct 2023
في السابق، حوّل الكيان الصهيوني (إسرائيل) قطاع غزة إلى أكبر سجن مفتوح في العالم، سجن سكانه يزيد عددهم على مليوني نسمة، حرموا من أبسط حقوقهم الإنسانية أو حتى حق من يمثلهم، فتل أبيب دعّمت سلب إدارة قطاع غزة من السلطة الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، لينتقل إلى حركة حماس بالانقلاب عام 2007، ومنه استقلت حماس بقرارها وتدريجيا سيطرت على قرار سكان القطاع ومشاريع إعماره وثرواته رغم أنوفهم.
هذا السجن تحاصره إسرائيل برا وبحرا وجوا، وتقايض على أبسط حقوق سكانه من وقود وكهرباء وماء، ببقاء سكان القطاع هادئين ومطيعين، وفي ظل تجاهل دول العالم الغربي ومنظماته الحقوقية والإنسانية للجرائم والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة للمقدسات وللأعراض وللمحرمات، خلال العقود الـ7 الماضية، سواء بحروب أو بدونها، أصبح من المألوف أن تتمادى إسرائيل في ردات فعلها بلا حسيب ولا رقيب؛ ولكن كانت تترك طريقا للعودة.
على الجانب المقابل، قامت حركة حماس بكثير من الحماقات التي زادت عزلتها عن محيطها العربي والإسلامي، واتخذت مواقف جعلتها منبوذة من أشد الداعمين العرب لقضية الشعب الفلسطيني وقيام دولته، وتبنت مواقف مخجلة في حوادث شكلت تهديدا للأمن الوطني والاستراتيجي لتلك الدول، بل وتحالفت مع ألد أعدائها في ذلك الوقت، وهذا ترك أثرا غائرا انعكس على مدى التعاطف الشعبي الذي تتسوله الحركة مع كل بيان تصدره، وجعلها غير جديرة بالثقة بكل قياداتها وكل من يتعاطف معها، بل أثارت سؤالين مباحين: الأول، من المستفيد مما قامت به؟. الثاني: ألم تستعد لردة الفعل؟.
والإجابة واضحة لا تحتاج تعليقا، والغامض منها ستكشفه صفحات التاريخ.
المهم اليوم، سكان غزة بين فكين متوحشين: حماس من الداخل وإسرائيل من الخارج، ومع الوحشية التي تتعامل بها إسرائيل مع شعب فلسطين في غزة، واستمرارها في الإبادة الجماعية قد تحول هذا السجن من أكبر سجن في العالم إلى أكبر مقبرة في التاريخ، خاصة مع رفض فكرة التهجير القسري.
على إسرائيل أن تدرك أن الحشد الغربي الرهيب خلفها، وإمدادها بآلاف الأطنان من المتفجرات والصواريخ شديدة التدمير، التي لا تفرق بين بشر ولا شجر ولا حجر؛ تقذف بها كل يوم أرواح مئات الأبرياء من أطفال وشباب ونساء ومسنين، لن ينتج عنه إنقاذ مستقبل حكومة بنيامين نتنياهو وحزبه المتطرف، وأن السعي إلى تحقيق مخططات التوسع أصبحت مكشوفة والجميع يستعد لها، حتى مع بقاء أو فناء الأدوات المساعدة، كحماس وحزب الله، وأن استمرار التعنت في قبول مبادرات التهدئة سيعجل بدخول لاعبين جدد؛ سيغير دخولهم المشهد كليا، وما تخفيه الأيام القادمة لن يكون أقل خطورة مما مضى.
أخيرا، لتعلم إسرائيل أن أقصر طرق تحقيق السلام هو نبذ القومية الصهيونية المتجذرة في معتقداتهم قبل تصرفاتهم، وإدراك أنه من المستحيل الاستمرار في تنفيذ أجندتها الاستعمارية في ظل تغير موازين القوى الدولية المؤثرة، والأهم الاستجابة السريعة لنداء العدل والعقل وقبول حل الدولتين، فهو السبيل للخروج من هذا النفق المظلم، ففرص التغيير لا تزال قائمة، وإهدارها قد تندم عليه إسرائيل ومن يقف خلفها.
hq22222@