فهد إبراهيم المقحم

الطالب رأس مالنا في تعليمنا!

السبت - 14 أكتوبر 2023

Sat - 14 Oct 2023


يذكر أن أحد وزراء التعليم السابقين نظر برهة إلى قيادات الوزارة في أحد اجتماعاتهم الدورية، ثم طرح سؤالا أثار دهشتهم: هل لامست جهودنا الحثيثة الطلبة في مدارسهم؟ وما مدى تأثيرها الفعلي على سلوكهم وتحصيلهم العلمي والمهاري؟!
وبدون أدنى شك، يعد هذا السؤال جوهريا في قياس الجهود المبذولة في تطوير العملية التعليمية في أي بلد؛ ولذا يحرص المسؤولون المخلصون على قياس التحصيل العلمي والسلوكي والمهاري لدى الطلبة في شتى المراحل الدراسية باستمرار كأداة رئيسة للتشخيص والوقوف على مكامن القوة والضعف؛ بهدف التطوير والتحسين المستمر للمنظومة التعليمية.

وهذا ما أكده معالي وزير التعليم الأستاذ يوسف البنيان في المؤتمر الصحفي الحكومي، الذي عقدته وزارة الإعلام مشكورة مؤخرا للحديث عن أبرز مستجدات قطاع التعليم في المملكة، إذ قال: يجب أن نتفق أن الأهمية القصوى في العملية التعليمية هي مستوى تحصيل الطلبة وفقا للمعايير الدولية، ثم أردف قائلا: وطموح الوزارة المبني على طموح القيادة الرشيدة، أن يكون أبناؤنا وبناتنا منافسين عالميا!
ولتحقيق هذا الهدف الطموح أشار وزير التعليم إلى عدد من النقاط المحورية:
- خطة منظومة التعليم في المملكة تستند على ثلاث ركائز أساسية: المعلم، والمنهج، والبيئة التعليمية؛ للوصول إلى تعليم متميز عالي الجودة بكوادر تعليمية مؤهلة لبناء مواطن معتز بقيمه الوطنية ومنافس عالميا. هذا الوضوح والتركيز من شأنهما تعزيز المبادرات الرئيسة ذات الأثر العالي في تحسين جودة التعليم، والبعد كل البعد عن المشتتات وإثقال كاهل الوزارة بمبادرات ومشاريع لا تخدم أهدافها الاستراتيجية.

- الحوكمة والفصل الواضح للمهام والمسؤوليات بين الجهات التابعة لوزارة التعليم، سواء كانت مجالس أو إدارات عليا أو مراكز متخصصة أو مؤسسات تعليمية، مع تفويضها بالصلاحيات اللازمة لتفعيل أدوارها الرئيسة والقيام بواجباتها المناطة بها دون أعباء تشغيلية أو تقاطعات مربكة أو جهود مبعثرة أو متكررة، مما يسهم في التركيز والتناغم والتحسين المستمر للأعمال والمخرجات.

- تعزيز الشراكات مع الجهات في منظومة التعليم من خلال إشراكها في تنفيذ المبادرات وتمكينها من القيام بأدوارها التي أنشأت من أجله، سواء كانت في التعليم أو التقويم أو التدريب أو رعاية الموهوبين. هذا التعاون يسهم في تخفيف أعباء الوزارة المثقلة، ويعزز من تجويد المخرجات وتحقيق المستهدفات الوطنية. تؤكد مجلة (Forbes) أن الدراسات والبيانات تثبت أن الشراكات، بغض النظر عن نوعها، تؤدي إلى تحسين الأعمال والمخرجات في جوانب متفرقة، مثل: زيادة الإيرادات، وتحفيز الابتكار، وخلق فرص وآفاق جديدة للمنظمات.

- القرارات المتأنية والمبنية على دراسات مستفيضة وإحصاءات شاملة، مع التأكيد على إشراك أصحاب المصلحة في اتخاذ هذه القرارات، فالمعلم هو فارس الميدان، والطالب هو المعول عليه في المخرجات، وولي الأمر هو الداعم والمساند في نجاح العملية التعليمية، وغيباهم في الدراسات ومعطيات صناعة القرارات قد يتسبب في استنزاف الموارد وإحداث خلل في تحقيق المستهدفات.

- توحيد المنصات الرقمية التابعة للوزارة، بالشراكة مع منظومة التحول الرقمي، مما يحسن الأعمال ويعزز من تجربة المستخدمين ورضا المستفيدين. تشير الدراسات المحلية، وفقا لما ذكره مدير عام تجربة المستخدم وإدارة الجودة بهيئة الحكومة الرقمية، إلى أن أكثر من 48% من المستخدمين يجدون صعوبة في العثور على الخدمات الرقمية التي يحتاجونها، وأكثر من 49% يرون أن الخدمات الرقمية الحكومية طويلة أو معقدة، ونحو 71% من المواطنين يطالبون ببناء منصات وطنية موحدة.

لا شك أن هذه التوجهات الاستراتيجية مبشرة، وتتسم بالعمق والحكمة، إلا أنه حين ننظر إلى التقارير والدراسات المحلية والدولية المعنية بتقييم الأنظمة والمخرجات التعليمية، مثل TIMSS و PIRLS وPISA ونافس، نجد أن الرحلة لتحقيق رؤية الوزارة طويلة وشاقة، تحتاج إلى حوكمة رشيقة وفاعلة، وخطط محكمة وواعدة، وسواعد شغوفة بعملها وواثقة من قدراتها وطموحة في تطلعاتها للوصل إلى بغيتها بسلام ونجاح!
لئن كانت الجهود الوطنية المبذولة في التعليم النظامي خلال مئة عام مشكورة، إلا أن مملكتنا الغالية تستحق أكثر من ذلك، وهذا ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله - بقوله «إن مستقبل المملكة مبشر وواعد - بإذن الله - وتستحق بلادنا الغالية أكثر مما تحقق «، وقال أيضا «مستقبل وطننا الذي نبنيه معا لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم، بالتعليم والتأهيل».



moqhim@