أحمد جمال راوه

ترويض المصلح الداخلي

الأربعاء - 23 أغسطس 2023

Wed - 23 Aug 2023

تمر بنا مواقف عديدة، تدفعنا حسن النوايا لإسداء نصائح لم يطلبها متلقي النصيحة منا، وغالبا ما تكون النوايا بريئة، فأنت تكره أن ترى الشخص أمامك في حيرة من أمره، وقد ترى أن صمتك سلبي؛ لذا وجبت الموازنة بين إسكات المصلح الداخلي (الصمت)، وتقديم الإرشاد، بطريقة يتقبلها الشخص، ومن شخص يعد قدوة، وفي الوقت المناسب، وبصيغة السؤال، وبعد استئذانه، وإلا كان الصمت أولى، مع تمني الخير له، والتركيز على حل العقبات الخاصة بنا.

والإنصات الشديد للشخص وتأييده، مقدم في الأهمية على تقديم الإرشاد له، تخيل حالك لو كنت مكانه، مع إبداء التعاطف له، وتشجيعه، والتأكيد على صعوبة الموقف، وإشعاره بالأهمية، وبدلا من تقديم الحلول له، اسأله أولا عن الخيارات المطروحة أمامه، ويعد هذا بمثابة التذكير (الإرشاد) بوجود حلول له، بمثابة النصيحة المبطنة، ومن الهام جدا معرفة نظرة الشخص للظرف الذي يواجهه، قد يرى البعض أن لا حل له، ويرى الآخر أن ذلك فرصة لتعلم العبر، والمؤمن يرى خلف ذلك حكمة إلهية، وبذلك تدرك مداخل الشخص قبل إرشاده.

ختاما، لا أحد مؤهلا لحل عقباته أكثر من نفسه، نحن لا تستطيع اتخاذ قرارات بالنيابة عن الآخر، وما ينبغي فعله إبداء أقصى درجات التعاطف له، ولنا في نبي الله ﷺ أسوة، فهو القائل "المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا"، مع الاقتصار على ما يعنيك من الأقوال والأفعال، فعنه قوله:" من حُسنِ إسلامِ المَرءِ تركُه ما لا يَعنِيه"، وعن ابن مسعود، قوله:" مَا من شَيْءٌ أَحَقَّ بِطُولِ سِجْنٍ مِنَ اللِّسَانِ".