صالح العنزي

وميض خادع

الثلاثاء - 06 يونيو 2023

Tue - 06 Jun 2023

يكثر الآن مع انتشار وسائل التواصل؛ إعلانات تجارية وخدمية بأشكال ووسائل متعددة مستهدفة كافة شرائح المجتمع، وزاد تأثيرها مع وصولها للمتلقي بصفة شخصية عن طريق الهاتف المحمول وسهولة الشراء وهو في مكانه؛ وانتشار شركات التوصيل لتصل بشكل مجاني لباب منزله، كل ذلك يرافقه أحيانا نوع من الإعلانات التي ظاهرها فرصة قد لا تعوض؛ وفي داخلها أحيانا خدعة لم يطلع عليها المشتري وقد تم تمريرها داخل الإعلان بطريقة مستترة.

ومن وسائل الإعلانات التي تحتاج تأمل:

- شركة تعلن عن منتج مخفض بأكثر من 50% من سعره الأصلي ولو تابعها قبل الإعلان قد يجد نفس السعر المخفض أو مقاربا له.

- بطاقة ائتمانية يعلن عنها بميزات عالية وبخط كبير وتحتها عبارة "اطلبها الآن" و"مجانية حتى 31 مايو"، ومكتوب عبارة تكاد لا ترى بخط صغير "تطبق الشروط والأحكام"؛ وفي هذه الشروط نقاط مؤثرة ومقيدة لو ذكرت بالإعلان لما طلبها أحد.

- مركز تجاري يعلن عن تخفيض كبير لمواد غذائية معينة؛ ثم عند المحاسبة يسمح للعميل بمنتج واحد أو اثنين كحد أقصى.

- ضمان تجاري كبير ومدى الحياة، ثم بعد الشراء تكتشف زيف ذلك وتجد شروطا لم تقرأها أو لم تشرح لك.

- مشاهير يعلنون لمنتج بذكر معلومات مضللة كأن يعطي نتائج خلال فترة قصيرة، بينما قد يحمل أضرارا كبيرة على المستخدم لم تذكر بالإعلان.

- أشخاص يدعون علاج مرض مزمن أو التخلص مع مشكلة مؤرقة في خمسة أيام مع الضمان الذهبي؛ وبعد أن تقع في الفخ تكتشف أنك ضحية "وميض خادع".

- تسويق بعض الدخلاء على مهنة الطب الذين قد يأخذهم حب المكسب المادي بادعاء علاج لأمراض مزمنة؛ ثم في النهاية قد يخسر ماديا ثم لا يجد ما تم الإعلان عنه صحيحا؛ بينما لو ذهب المريض للمستشفى لكان بوضع أفضل.

- مستشارون يدعون أن لديهم قدرة خارقة لتخليص من يشترك معهم من مشاكله ويوهمونه بالثراء والطمأنينة؛ والحقيقة أنه لو كان ذلك بأيديهم لوهبوه لأنفسهم.

كل ذلك وغيره تسويق وهمي لتحقيق أرباح على حساب المستهلك؛ وهذا يحتاج لوقفة كبيرة ونظرة أعمق للموضوع، وفي رأيي الحد من مثل هذه الأمور يعتمد على نقطتين أساسيتين:

أولا: تشريعات واضحة تعاقب كل من يسيء استخدام الإعلانات ويخالف الأنظمة من الشركات أو المعلنين، وهذا ولله الحمد موجود وفي تطور مستمر، ولكن قد يكون السبب أحيانا استعجال المستهلك وثقته الزائدة وتأثره بما يطرح مما يوقعه ضحية مثل هذا الاستغلال.

ثانيا: وعي المستهلك، وهذا يتطلب أن يكون لدى المستهلك وعي بعدد من الحقائق البسيطة والمهمة منها:

- لا يوجد شيء اسمه "آخر فرصة" ولمدة "24ساعة" فقط و"آخر قطعة" فالعروض تتكرر باستمرار والبدائل متوفرة.

- أي منتج لست بحاجته وتشتريه فقط لأن عليه عرض؛ فأنت هنا الخاسر حتى لو كان التخفيض كبيرا، فالعبرة بالحاجة والقدرة المالية.

- اقرأ الإعلان والشروط بعناية وتفحص واطلع على تجارب العملاء للمنتج أو الخدمة ومن يقدمها؛ فعادة تجارب من قبلك تعطيك انطباعا يفيدك مهما كانت نوعية التعليقات.

- أحيانا الأفضل لك أن تشتري من شركات معروفة تقدم منتجا أصليا وخدمة ما بعد البيع ولو كان هناك فرق بسيط بالسعر.

- ابتعد عن الباعة غير الموثوقين؛ والإعلانات المزيفة ولا يغرك التصميم والإخراج.

- لا تأخذ منتجا غاليا وعليه استرجاع وضمان بدون فاتورة مكتملة وموضح بها كل ما تحتاجه، وأهرب من الفواتير اليدوية فقد ولى زمنها.

- خذ المعلومات من مصادرها الرسمية، وثق بما تصدره وزارة التجارة ووزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء والبنك المركزي وغيرها من الجهات الرسمية.

- لا تأخذ البطاقات الائتمانية ولا خدمة "اشتر الآن وادفع لاحقا" إلا وفق ما يتناسب مع حاجاتك وقدرتك المالية؛ وإلا فأنت تدخل مغامرة خطيرة.

- لا تشتر من مواقع الإنترنت غير الموثوقة؛ وحافظ على معلوماتك البنكية من الاختراق.

- اهرب ممن يقول لك لمعرفة السعر "اتصل" أو "راسلنا" أو "تواصل على الخاص" فعادة هؤلاء يخشون من طرح السعر في العلن.

- ابتعد عن من يسوق للوهم؛ فلا يوجد شيء اسمه تحقيق الثراء خلال شهر أو تخلص من مشاكلك في ثلاثة أيام أو تخلص من المرض الذي عجز عنه أمهر الأطباء بخمسة أيام.

- لا تشتر أدوية وخلطات مجهولة المصدر وغير مصرح لها مهما ادعى من يسوقها؛ فقد تدفع الثمن غاليا.

- لا تقلد غيرك، فما يحتاجه غيرك؛ ليس ما تحتاجه أنت، وقدرتك المادية تختلف عن قدرة غيرك، وما يتناسب معك ليس بالضرورة هو ما تناسب مع غيرك.

وختاما، ومع تعدد الخيارات في شراء ما يناسب الإنسان من احتياجات ضرورية كانت أو ترفيهية أو تطويرية له ولأفراد أسرته؛ يتحتم عليه حتى لا يقع ضحية "وميض خادع" أن يكون واعيا بأموره المادية، ويساعد أبناءه بأن تكون اختياراتهم مدروسة، ليس في مجال الوعي المالي فقط، بل على المستوى الفكري والاجتماعي، وهذا كفيل بألا ينساقوا خلف المغريات الزائفة والتي هدفها أحيانا فقط الكسب المادي والتأثير السلبي دون تقديم خدمة حقيقية، وأن يختاروا ما يناسبهم هم دون النظر لغيرهم أو التأثر خلف ما يعرض في وسائل التواصل الاجتماعي.