عبدالله قاسم العنزي

مسؤولية الشريك في الشركة المهنية

الاثنين - 22 مايو 2023

Mon - 22 May 2023

تشكل الشركات المهنية تطورا لنظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) وتاريخ 1443/12/1هـ، فالمهن الحرة هي في الأصل أعمال مدنية كانت تمارس عملها من خلال مكاتب فردية ومؤسسات فردية، ولكن دمج الشركات المهنية ضمن تشكيل الشركات في نظام الشركات الجديد يعد تحولا في منهجية عمل وتنظيم المهن الحرة وانتقالها من مظلة العمل المدني إلى مظلة نظام الشركات مع احتفاظ ملاكها على ألا يكتسبوا صفة التاجر كما نصت عليه الفقرة (2) من المادة الـ199 من نظام الشركات.

ولما كان المنظم السعودي نص على أن تأخذ الشركة المهنية شكل شركة التضامن أو التوصية البسيطة أو الشركة المساهمة أو المساهمة البسيطة أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة كما وضحته المادة الـ4 من نظام الشركات الجديد فقد ارتأينا أن نتحدث عن هذا الموضوع، حيث إن هناك توجسا عند الكثير ممن يفكر في تأسيس هذا النوع من الشركات مسألة الشريك في الشركة المهنية سيما أن المنظم السعودي نص في المادة الـ200 على أنه يجوز أن يشارك أو يساهم في الشركة المهنية - عدا شركة التضامن وشركة التوصية البسيطة بصفة الشريك المتضامن - شخص ذو صفة طبيعية من غير المرخص لهم بممارسة المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها، أو شخص ذو صفة اعتبارية وهذا لا يعني أنه يجوز للشريك في الشركة المهنية أن يمارس عمل المهنة محل نشاطها لاعتبار أنه ليس مرخص له بممارسة هذه المهنة حيث نصت المادة الـ203 على أنه لا تمارس الشركة المهنية المهنة أو المهن الحرة محل نشاطها إلا عن طريق الشركاء أو المساهمين المرخص لهم ويجوز لها الاستعانة في أعمالها بأشخاص آخرين مرخص لهم بممارسة المهنة أو المهن محل نشاطها.

لقد عرف المنظم السعودي الشركات المهنية في المادة الـ197 بأنها شركة مهنية يؤسسها شخص أو أكثر من المرخص لهم نظاما في ممارسة مهنة حرة واحدة أو أكثر، أو منهم مع غيرهم، ويكون غرضها ممارسة تلك المهن إذا هي عقد بين شخصين أو أكثر سواء شخصية اعتبارية أو طبيعية من أصحاب المهن الحرة مثل مهن المحاماة أو المحاسبة أو الطب أو الهندسة التي لا يجوز لشخص آخر أن يباشرها -أي المهن- دون ترخيص من الجهات المعنية.

ذكرنا أن الشركة المهنية تتخذ أشكالا متعددة كما نصت عليها المادة الـ4 من نظام الشركات الجديد وقد يرتكب الشريك المهني في الشركة المهنية أخطاء مهنية مختلفة على حسب نوع الشركة المهنية وتؤدي تلك الأخطاء المهنية إلى ضرر للغير أو للشركة المهنية نفسها.

فلو كانت الشركة المهنية شركة محاماة مهنية ثم قام شريك بتفويت موعد استئناف لأحد عملاء الشركة مما ترتب عليه خسارته للدعوى التي تباشرها الشركة المهنية وترتب عليه خسارة فادحة لهذا العميل، أو كانت الشركة المهنية شركة مهنية هندسية وقام الشريك المهندس المهني خلال عمله بحساب الأحمال والأوزان في الرسم الهندسي للبناية التي يقوم بتصميمها وترتب على ذلك سقوط المبنى المصمم من قبل الشركة المهنية وما تلاه من أضرار فإن المادة الـ209 نصت على أنه يسأل كل شريك أو مساهم في الشركة المهنية بصفة شخصية عن أخطائه المهنية تجاه الشركة وباقي الشركاء أو المساهمين، بحسب الأحوال.

ثم لو فرضنا أن أحد الشركاء للشركات التي تمارس الأعمال المهنية قام بعمل دون ترخيص كممارس أعمال المقاولة المعمارية -يعد شريكا في الشركة- في رسم وتصميم أعمال هندسية وأخطأ في القياسات أو الأحمال ونحوها أو كمن قدم استشارة طبية وليس من أصحاب هذه المهنة إنما لمجرد أنه شريك في هذه الشركة ووقع منه أضرار فإن الشركة تكون مسؤولة عن أخطاء هذا الشريك كما نصت عليها المادة السابقة في الفقرة (2) بأنه تسأل الشركة المهنية عن تعويض الضرر الذي يصيب الغير بسبب الأخطاء المهنية للشركاء أو المساهمين - بحسب الأحوال - أو منسوبيها.

ختاما: يسأل كل شريك بصفة شخصية عن خطئه المهني تجاه الشركة المهنية أيا كان شكل الشركة سواء أكان الأصل فيها أن مسؤولية الشريك مسؤولية غير محدودة أم كانت مسؤوليته محدودة بقدر ما يملك من حصص أو أسهم، وأحسب أنني أزلت شيئا من الغموض عن أحكام الشركة المهنية تشجيعا لأصحاب المهن على تأسيس مثل هذا النوع من الشركات.

expert_55@