عبدالمعين عيد الأغا

الصوم وتكنولوجيا التحكم في داء السكري

الأربعاء - 05 أبريل 2023

Wed - 05 Apr 2023

لعبت ثورة التكنولوجيا دورا كبيرا في حياتنا، ولم يقتصر هذا الدور على الأجهزة العامة، كالجوالات والحواسيب الآلية والساعات الإلكترونية والتقنيات المختلفة، بل تطور الأمر إلى أن أصبحت هناك تقنيات لأجهزة طبية متناهية الدقة تتحكم في حماية صحة مرضى السكري، وتجعل مرضهم تحت السيطرة والمراقبة على مدار 24 ساعة. ففي حال ارتفع أو انخفض السكر، يقوم الجهاز بإعطاء إشارة إنذار فورية للشخص، حتى يتمكن بكل سرعة التعامل مع وضعه الصحي.

ومن أجل رصد مدى قدرة المصاب بالسكري (النوع الأول) والذين يستخدمون الأجهزة في قدرتهم على «الصوم الآمن»، أجريت سابقا دراسة محلية لاستخدام حساس السكر على 51 يافعا سكريا (النمط الأول) من الذكور والإناث، للحالات منخفضة الخطورة، وذلك خلال مراجعتهم عيادة سكر الأطفال في مستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بجدة، وتقييم جدوى تلك الأجهزة لمن يرغبون بالصيام للأطفال المكلفين دون عمر 18 عاما، واتضح من الدراسة لشهر من الصيام أن المشاركين تمكنوا من إتمام الصيام لـ67% من إجمالي الأيام المؤهلة للصيام، وبفضل الله لم يصب أي أحد منهم بنقص سكر الدم الحاد، ولم يحدث لأي من المشاركين الحماض السكري الكيتوني، كما أن التحكم في نسبة السكر في الدم كانت جيدة، ومتوسط السكر التراكمي خلال شهر كان 8%.

والواقع أن هذه الدراسة تؤكد دور وأهمية هذه الأجهزة في ضبط صيام مرضى السكري النوع الأول، لكونها توفر السيطرة على انتظام سكر الدم بشكل أفضل، خلال المراقبة المستمرة لقراءات السكر من المريض والآباء والأمهات، كما يمكن أن تساعد التكنولوجيا مرضى السكري على الصيام بطريقة أكثر أمانا، إذ إن لديها القدرة على إظهار التغيرات في مستويات السكر طوال النهار والليل.

وتكنولوجيا داء السكري تم تقسيمها عالميا إلى فئتين رئيستين، هما: تكنولوجيا مضخة الأنسولين، وتكنولوجيا مجسات المراقبة المستمرة للسكر على مدار الساعة، دون الحاجة إلى وخز الإصبع ونزول الدم، فقد أسهمت التكنولوجيا الحديثة سواء لمضخات الأنسولين أو

للحساسات، في إعطاء الأمان والتحكم بداء السكري، وحصول المرضى على التنبيهات المباشرة والفورية في حال اختلال نسبة سكر الدم في الجسم، إضافة إلى الحصول على علاج الأنسولين في الوقت المحدد وبالجرعات المطلوبة بكل دقة متناهية؛ إذ دأبت الشركات العالمية في مجال التكنولوجيا الطبية على إنتاج أجهزة «مجسات مراقبة» لمعدلات السكر في الدم يسهل استخدامها من المرضى، والأهم من ذلك دقتها في تحذير المريض عند ملاحظة أي تغير في معدل السكر لديه.

أما مضخة الأنسولين، فهي جهاز إلكتروني صغير بحجم جهاز «البيجر»، يمكن وضعه في الجيب أو تثبيته على الملابس، ويتكون من أقسام عدة: منها خزان الأنسولين، وأنبوب بلاستيكي رفيع رأسه موصول بإبرة صغيرة يتم تثبيتها تحت الجلد، ويقوم الجهاز بضخ الأنسولين بطريقة متواصلة إلى جسم الإنسان، وتتم برمجته على يد طبيب السكري، ليضخ كمية الأنسولين اللازمة، كما يعتمد الضخ على كمية الكربوهيدرات والسكريات التي يتناولها المريض خلال اليوم.

وبذلك يمكن القول، إن الثورة التكنولوجية التي شهدها مجال التحكم بالسكري عززت دورها المهم عند المصابين في إدارة مرض السكري بشكل أفضل؛ وهو ما ينعكس على تجنب أو تقليل حدوث المضاعفات التي تطال القلب والشرايين والأطراف والشبكية وغيرها. كما أن الدراسات التي أجريت على الأطفال المصابين بداء السكري، والذين يستخدمون مضخة الأنسولين، أثبتت أن حياتهم تفوق في جودتها حياة نظرائهم الذين يتبعون طريقة المعالجة الكلاسيكية بالحقن اليومية، إضافة إلى التحكم في معدلات نسبة السكر بالدم بطريقة أفضل، والحد من خطر التعرض لهبوط السكر، والمساعدة في تخفيض نسبة سكر الدم التراكمي، وتحقيق المستويات المستهدفة والموصى بها، والوقاية من مضاعفات السكري أو تأخيرها، إلى جانب تحسين نوعية وجودة الحياة.

وأخيرا.. أدعو كل مريض مصاب بالسكري (النوع الأول) أن يتشجع ولا يتردد في استخدام أجهزة التحكم بالسكري، لتأثيرها الإيجابي في تعزيز نمط حياته، والتحكم بنسبة سكر الدم، خاصة عند الصوم، مما يعزز مفاهيم الصيام الآمن لديهم.