عبدالله قاسم العنزي

الحقوق النظامية لذوي الاحتياجات الخاصة

الاثنين - 03 أبريل 2023

Mon - 03 Apr 2023

يعتبر مستوى العناية والرعاية لذوي الاحتياجات الخاصة معيارا أساسيا لقياس حضارة الأمم ومدى تطورها، وتشكل رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة إحدى أولويات الدول والمنظمات المدنية المعاصرة، والتي تنبثق من مشروعية حق المعاقين في فرص متكافئة مع غيرهم في كافة مجالات الحياة.

إن مما لا شك فيه أن بناء وتنمية قدرات البشرية هي إحدى قضايا الساعة التي تفرضها التحولات المعرفية والمعلوماتية الحادثة عالميا، ومما لا شك فيه أيضا أن بناء وتنمية القدرات البشرية السعودية يجب أن يشمل كافة الفئات والطبقات، وهنا تبرز قضية التمكين الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة وكيفية بناء قدرات تلك الفئة اجتماعيا وتعليما واقتصاديا وهو في مواجهة وضعهم الذي يوصم بالعجز والقصور والعزل أحيانا أو بالتعاطف والشفقة.

نعود إلى الوراء للنظر في بدايات تجربة الدول المتقدمة مثل أوروبا وغيرها في الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، كانت بدايتها بعد الحرب العالمية الثانية تحديدا حينما تم تعبئة القوى العاملة القادرة على القتال للمشاركة في الأعمال الحربية مما أحدث فراغا هائلا في العمل ولم يبق سوى المسنين والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة للقيام بالأعمال الإنتاجية لتأمين احتياجات المجتمع وإمداد جهات القتال بما يلزمها وكان لا بد من تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة لسد الفراغ في سوق العمل.

وعلى ذلك أثبتوا قدرتهم الفائقة على دفع عملية الإنتاج أثناء الحرب وبذلك تغيرت النظرة نحوهم باعتبارهم قوى فاعلة يتوجب تنمية قدراتها واستثمار طاقاتها في مجالات الإنتاج السلعي والخدمي، واعترافا بهذا الدور الذي يمكن أن يلعبه ذوو الاحتياجات الخاصة في حياة المجتمع أصبحت برامج رعايتهم وتأهيلهم ضمن أولويات العمل الرسمي في دول أوروبا.

وحينما نتقدم إلى الأمام في وقتنا الحاضر نجد عدة نماذج ملهمة من ذوي الاحتياجات الخاصة وما يقدمونه للمجتمع؛ فقد تداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي منذ فترة مقطع فيديو من كلمة ألقاها رئيس الجامعة الهاشمية الدكتور فواز الزبون خلال حفل أقامه مركز نازك الحريري الخيري للتربية الخاصة بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص المعاقين والملفت في حديث الدكتور الزبون ما كشفه يوم ولادته بعاهة في يده وبحادثة بعد سنوات أدت إلى قلع إحدى عينيه ومع هذا وصل إلى أعلى المؤهلات والمواقع التي تدرج فيها إلى أن أصبح رئيسا للجامعة الهاشمية.

إن مثل هذا النموذج الذي طرحناه مع عدم إغفالنا لغيره من ذوي الاحتياجات الخاصة الملهمين في العالم العربي نجد أن مثل هذه الشخصيات العصامية كان من اللازم علينا أن نستفيد مما لديهم من طاقات ومهارات لإسهامهم في تنمية المجتمع وتأهيلهم وتعليمهم ودمجهم كقوة منتجة وفاعلة ورفع وصمة الانتقاص عن هذه الفئة بأن سبب إعاقتهم هي نقص في بشريتهم وهذه بالتأكيد نظرة إقصائية وتمييز.

إن النظام في المملكة العربية السعودية كفل للمواطنين من ذوي الاحتياجات الخاصة حقوقهم دون تمييز ونص على حقوقهم في العمل والصحة والتعليم والتدريب والتأهيل واختصهم ببعض المنحات والتسهيلات، ولكن حينما نتأمل نصوص الأنظمة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة نجدها مفرغة من تشريعات تنص على إلزام القطاعات الحكومية والقطاع الخاص تحديدا بوضع الخدمات التكميلية لذوي الاحتياجات الخاصة، وبالتأكيد أن هذه مشكلة حينما نرى بعض المواقع -دون تحديد- لا يوجد فيها منحدرات في مداخل ومخارج المباني أو المحلات والأسواق لتسهيل دخول وخروج ذوي الاحتياجات الخاصة.

وهناك محاولة لبعض الأسواق والقطاعات الخاصة تخصيص مواقف للسيارات لذوي الاحتياجات الخاصة ولكن بعضها خال من منحدرات للسيارات لمساعدة المعاق على رفع وإنزال الكراسي المتحركة من وإلى السيارة كذلك في دورات المياه -أجلكم الله- الخاصة بهم بعضها لا يوجد فيها مقابض الحائط لمساعدة المعوق أثناء المشي أو أثناء استخدام دورة المياه والتي تمكن المستخدم من الحركة والانتقال إلى الكرسي المتحرك والعكس دون الاستعانة بالآخرين.

ختاما، يجب أن تكون قضية ذوي الاحتياجات الخاصة قضية مجتمع تهم الجميع مؤسسات وأفرادا، وعلى الجهات المعنية سواء من القطاع الحكومي أو القطاع غير الربحي لأجل تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة توفير كافة أشكال المساندة الاجتماعية والنفسية والمادية لأسر ذوي الاحتياجات الخاصة لخفض مستويات الضغوط النفسية الواقعة على هذه الأسر، كذلك الاهتمام (الخاص) بفئة النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لأن هذه الفئة قد تكون أكثر عرضة للإهمال والتجاهل بصورة خاصة.

أتمنى أن أكمل الحديث معكم ولكن المساحة المتاحة لي في الكتابة انتهت ولربما نتطرق لموضوعات أخرى خاصة بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة مستقبلا. دمتم سالمين.

@expert_55