حنان درويش عابد

التكتلات التجارية.. هل هذا هو الحل القادم لمواجهة التحديات العالمية؟

الاثنين - 20 مارس 2023

Mon - 20 Mar 2023

في ظل ما تطرحه بيوت الخبرة من مراكز بحوث مرموقة حول المخاطر المحيطة بالاقتصاد العالمي ككل، تبدو فكرة التكتلات التجارية محليا وإقليميا وعالميا ليست بالفكرة بالغة السوء في ظل ارتدادات سوقية لم تعد تخفى عن المتابعين، ما يجعل الانعطاف في اتجاه التكتلات في أحسن حالاته يمكن اعتباره نوعا من أنواع الانحناء أمام العاصفة التي ربما تأخذ في طريقها الكثير من أصحاب الفكر الإداري الجامد والذين يؤمنون بفلسفة الانفراد في القرار المبني على رؤية ذاتية ترفض في أغلب الأحيان فكرة التشاركية التي يقتضيها واقع الحال للنجاة في أوقات الأزمات.

ويخدم الكتل أو الاتفاقيات التجارية الإقليمية أغراضا مختلفة، بما في ذلك الوصول الأسهل إلى الاقتصاد العالمي، واستقرار العملة والقوة الاقتصادية من خلال العلاقات المتبادلة مع المشاركين الإقليميين.

ويؤدي التكامل أيضا إلى النمو الإجمالي في السوق والشركات داخل تلك المجموعة من خلال وفورات الحجم، حيث يمكن للشركات أن تنتج بسعر أرخص، مع تحقق تأثير مهم آخر وهو زيادة الكفاءة بسبب زيادة المنافسة. وهذا يمكن ملاحظته بشكل خاص في الصناعات غير الدقيقة أو عالية التكنولوجيا كالملابس والأثاث.

من ناحية أخرى، يؤدي نقل المعرفة والتكنولوجيا من خلال الشراكات والتكتلات إلى تأثير مضاعف، مما يعطي الصناعة الوطنية أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية، ومن المرجح أن يؤدي توثيق الارتباط التجاري والاقتصادي بين الشركات المحلية والإقليمية أو العالمية، إلى تحفيز نشاط ريادة الأعمال في كل بلد من البلدان الشريكة، وتتزايد كنتيجة فرصة ظهور رواد أعمال جدد داخل الدولة كـ «وكلاء تغيير» رئيسيين مستفيدين من التوليفات الجديدة لفتح أسواق جديدة، وتوفير مصادر جديدة للإمداد، وابتكار طرق جديدة للإنتاج، وفي بعض الحالات تحفيز إعادة تنظيم الصناعات بأكملها، وبشكل منطقي، من المتوقع أن تظهر مثل هذه الفرص لأن ريادة الأعمال العالمية تخلق قواعد إنتاجية أكبر وأكثر كفاءة، ومصادر جديدة للميزة النسبية، وزيادة القدرة التنافسية الدولية للشركات في التكتلات التجارية الإقليمية.

ختاما، لابد من الإشارة إلى أن العولمة هي حتمية تاريخية، وهي نقطة في التطور الاجتماعي التاريخي للإنسان، تستمر في توليد منطقها الخاص وبالتالي لا يمكن أن تنتهي، لذا فالتكتلات التجارية في أوقات الأزمات ستبقى واحدة من حلول العولمة الأساسية والمركزية، لأن أحد نتائج عملية العولمة الحتمية هو ظهور التكتلات التجارية الإقليمية.

وأما الاتحادات أو الاتفاقات التجارية الإقليمية فستظل شكلا من أشكال الاستجابة للضغوط التنافسية التي تسببها أعمال الاقتصاد العالمي، وهكذا سنعاين جميعا في وقتنا المعاصر كيف أن تشكيل التكتلات التجارية الإقليمية سيكون بديلا تاريخيا في حال انهارت الشركات العالمية الكبرى. بطريقة أو بأخرى، تصبح التكتلات التجارية الإقليمية كبسولات عازلة ضد تقلبات العولمة وهي التقلبات التي يشهدها العالم اليوم ما يجعلها أحد الحلول العقلانية والمنطقية.

hananabid10@