عبدالله قاسم العنزي

نزاعات المطالبات في عقود المقاولات

الاثنين - 20 مارس 2023

Mon - 20 Mar 2023

تتصف مشاريع التشييد بشكل عام بعدم كفاية الدراسات الأولية وعدم توفر الدقة في مستندات العقود، سواء الكميات أو المواصفات أو الرسومات، ووجود تناقض كبير بينها، بالإضافة إلى تدخلات المالك بكثرة التعديلات المستمرة على نطاق العمل وإهمال المقاول وتقصيره أثناء تنفيذ المشاريع.

ومن أبرز النزاعات التي تثور في صناعة المقاولات هي المطالبات الناشئة من عقود التشييد، حيث لا يخلو مشروع من مطالبات، ويعود ذلك إلى طبيعة المشاريع وتعدد الأطراف المؤثرة في تغيرات المشروع من حيث المدة أو المواصفات أو الإضافات أو التعديلات أو ظهور الأحداث غير المتوقعة وبالتالي أصبحت كثرة المطالبات في مجال التشييد أمورا طبيعية ولها آثار لا يمكن تلافيها في العلاقات التعاقدية.

وحتى تتضح معالم موضوعنا فإن مفهوم المطالبات هو: الطلب المقدم من المقاول إلى صاحب العمل المشفوع بالوثائق ومدعم بالأسباب طالبا فيه تمديد مدة العقد أو دفع مبلغ إضافي على قيمة العقد الأصلي أو التعويض على خسائر وقعت على المقاول بسبب صاحب العمل أو المهندس المشرف على المشروع أو غيرها من الأسباب التي تدفع المقاول إلى طلب قيمة مالية من صاحب العمل.

ومن المنطقي أنه حق مسلم للمقاول يطالب بالتعويض عن إضافة أعمال جديدة للعقد تشمل تكاليف المواد والعمالة والمعدات وكذلك التكاليف الإدارية المساندة بالإضافة إلى تمديد مدة المشروع زمنا مناسبا للزيادة في الأعمال.

وعلى ذلك فإن المطالبة ليست مشكلة شخصية بين المقاول والمالك أو المهندس كما أن الغرض منها ليس إثبات سوء نية المالك أو المهندس الاستشاري بل هي مطالبة من المقاول بما يدعي أنه حق من حقوقه.

وبناء عليه التوجيه الذي نراه مناسبا للمقاولين من ناحية إثبات حقوقهم أن عليهم الالتزام بمجموعة من الخطوات تبدأ من تاريخ توقيع العقد أو بدء العمل أيهما أسبق، وذلك لتدعيم موقفه وإقناع الطرف الآخر بحقه المشروع لصرف القيمة المستحقة واحتساب الوقت الإضافي عن هذه الأعمال المستجدة.

ومن وجهة نظري أنه يجب على المقاول قبل الشروع في إعداد وتقديم المطالبة أن يقوم محامي المقاول بدراسة مدى أحقيتهم في المطالبة طبقا للعقد والأعمال الإضافية حتى يتمكن من معرفة جدوى إعداد وتقديم المطالبة لاعتبار أن المقاول يقع عليه عبء إثبات أحقيته في المطالبة، وقدرة إثبات أحقية المقاول تعتمد بشكل أساسي على المستندات المتبادلة خلال مدة المشروع فكلما تم توثيق الأحداث والوقائع بدقة بمجرد وقوعها كان من السهل إثبات المطالبة بالحقوق الناتجة عن أي تغييرات أو تعديلات أو تأخيرات خارجة عن المتفق عليه في العقد.

ومن أهم المستندات التي يستخدمها المقاول لإثبات حقه هي المراسلات، ومحاضر الاستلام وطلبات الاعتماد وأوامر التغيير والفواتير وأوامر الشراء، وخلاف ذلك من المستندات.

فكلما اشتملت المطالبة على إثبات بمستندات زادت حجية المقاول بالمطالبة وكلما اشتملت المطالبة على وقائع غير مدعومة بدلائل كان من السهل إنكارها، والكثير من النزاعات القائمة في المحاكم يضيع فيها حقوق المقاولين لعدم دراستهم للأوراق والمستندات التي يقدمونها للمحكمة سيما إذا كان المالك لا يزال متمسكا بإنكار أحقية المقاول بما يطالب به من حقوق.

وبداية إعداد المطالبة ليست بكتابة المستند الذي يطالب فيه المقاول بحقه ولكن إعداد المطالبة يبدأ منذ بداية المشروع فكل مستند من مستندات المشروع قد يكون بداية لمطالبة أو ضياع لحق وهذه تكون هي المهمة الرئيسة لمدير المشروع الذي يكون دوره الأساسي ترتيب أوراق المشروع ومستنداته والفواتير وأوامر التغيير وغيرها من المستندات التي تثبت حقوق الشركة المنفذة للمشروع.

وفي حالة كان مدير المشروع مهملا لترتيب الوثائق والمستندات والأعمال وفق الجداول الزمنية أو غيرها من التغيرات الطارئة على ما تم الاتفاق عليه وفق المدة الزمنية كلما كان ضياع حقوق المقاول سهلة ويصعب عليه إثبات حقه أمام أي جهة تحكيم أو محكمة مختصة.

@expert_55