وليد الزامل

الحكومة الالكترونية والبنية الحضرية الذكية

السبت - 04 مارس 2023

Sat - 04 Mar 2023

تعد الحكومة الالكترونية بمثابة نظام رقمي يساعد في ربط خدمات الوكالات والمؤسسات في منصة تقدم خدماتها للأفراد والمؤسسات التجارية بطريقة تتسم بالسرعة والدقة والشفافية.

ومن أهم خصائص الحكومة الالكترونية أنها تسهم في تقليل نسبة الاتصالية المباشرة بين الأفراد والمؤسسات، حيث تعتمد على المعلومات الموثقة والقدرة على التحقق منها بواسطة الربط الالكتروني وهو ما يحقق العدالة، وسرعة الإنجاز، والموثوقية العالية.

وتأتي أهمية تطبيقات الحكومة الالكترونية في دعم وتطوير الأنظمة وإجراءات التخطيط وسرعة اتخاذ القرار في مجال إدارة المدن والتحكم في التنمية العمرانية ويقتضي ذلك تسهيل عملية التنسيق بين الوكالات الحكومية ذات المهام المشتركة بما يحقق الكفاءة وترشيد الإنفاق الحكومي.

إن مفهوم الحكومة الالكترونية لا ينحصر في توفير آليه ميسرة لتقديم الخدمات الحكومية فحسب؛ بل هي نظام شمولي لإدارة الموارد والتنمية لمدن المستقبل، لذلك يترافق التحول نحو الحكومة الالكترونية مع تطوير منظومة التخطيط والإدارة الحضرية والقدرات البشرية والبنية الذكية للمدن.

وتعد المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في مجال تطبيقات الحكومة الالكترونية؛ بل إن بعض التطبيقات الحكومية مثل «أبشر» و «توكلنا» أصبحت مثالا يحتذى به في توظيف التقنية في خدمة الإنسان والارتقاء بجودة الحياة، ومع ذلك يظل التوسع في الحكومة الالكترونية مرهونا بمدى مواءمة البنية الحضرية لها والقدرة على الاستجابة لمتطلباتها سواء من حيث بنية الاتصالات العالية أو الخدمات اللوجستية أو توفر أنظمة الحماية والأمن المعلوماتي.

كما يرتكز نجاح الحكومة الالكترونية على تأهيل الكوادر البشرية؛ فتوفر المنصات الالكترونية كواجهة شكلية لن يكون كافيا في ظل ضعف خدمات التواصل والدعم والمساندة ويقتضى ذلك استقصاء آراء المستخدمين دوريا والعمل على تطوير الخدمات بشكل يحقق الكفاءة والجودة، وغني عن البيان فإن توفير الخدمات الحكومية الكترونيا لن يكون كافيا في ظل عدم وجود آليه لتوصيل المستندات تتسم بالموثوقية والسرعة والكفاءة.

قبل حوالي عقدين من الزمان قمت بإعداد بحث مشترك حول تطبيقات الحكومة الالكترونية وأثرها في مدن المستقبل وذلك كجزء من متطلبات مقرر «إدارة التخطيط الحكومي».

حصرت الدراسة أبرز إشكاليات التخطيط وفق النموذج التقليدي والمتمثلة في العمل الفردي وضعف التنسيق بين الوكالات الحكومية، وعدم توفر بنك معلومات متكامل قادر على الاستجابة لمتطلبات التحول السريع في عصر العولمة. واستنتجت الدراسة أن نطاق تأثير الحكومة الالكترونية على مستقبل المدن يتمحور في أربع محاور وهي:

أولا: تحسين التشريعات العمرانية، إذ لا يمكن أن تتماهى التشريعات العمرانية التقليدية مع متطلبات الحكومة الالكترونية والتحولات السريعة في المدن.

ثانيا: تحسين كفاءة النقل والوصولية، فالارتباط المكاني بالموقع سوف ينحسر مع تطور أنظمة الحكومة الالكترونية، حيث تقل الحاجة إلى مراجعة الدوائر الحكومية أو المؤسسات الخاصة، كما أن الحركة المرورية يتم تعزيزها بأنظمة ذكية تساعد رجل المرور بتوجيه تدفقات الحركة بعيدا عن الطرق المزدحمة ويترافق ذلك مع عرض يومي موجز لتقارير الحركة المرورية.

ثالثا: ترشيد الإنفاق الحكومي، ومنع الهدر في الموارد من خلال بناء منظومة الكترونية لتبادل المعلومات وتعزز التنسيق المشترك بين الوكالات الحكومية وخاصة في مجال التعليم والصحة والخدمات البلدية وبالتالي تقلل من الازدواجية في المهام.

رابعا وأخيرا: تؤثر الحكومة الالكترونية في تحسين اقتصاديات المدن والسكان من خلال تقليل البيروقراطية وجذب الاستثمار العالمي، وتوفير منصات اقتصادية لدعم الأسر المنتجة والمؤسسات متناهية الصغر.

@waleed_zm