برجس حمود البرجس

يوم التأسيس.. بيعة وولاء واعتزاز

الثلاثاء - 21 فبراير 2023

Tue - 21 Feb 2023

في ذكرى يوم التأسيس للعام الماضي 2022م قرأنا تغريدة على حساب خادم الحرمين الشريفين في منصة تويتر كان محتوها قدوة لنا جميعا، حيث احتوت على الاعتزاز بذكرى التأسيس لهذه الدولة المباركة - والذي كان في عام 1139هـ الموافق لعام 1727م -، ومنذ ذلك التاريخ، المملكة العربية السعودية أرست ركائز السلم والاستقرار وتحقيق العدل. ثم أضاف - حفظه الله -، بأن احتفاءنا بهذه الذكرى؛ هو احتفاء بتاريخ دولة، وتلاحم شعب، والصمود أمام كل التحديات، والتطلع للمستقبل.

نعتز جميعنا بالوطن والدفاع عنه، ونعتز بالبيعة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، ونقدم كل الولاء للوطن والقيادة، ونشارك بالبناء والعطاء وتحقيق المستهدفات، ونفخر بمملكتنا وبتمركزها بين الدول وخدمتها للحرمين الشريفين وكونها المزود الأكبر للسلعة الأهم عالميا وهي النفط، ونتطلع مع الوطن وقيادته بالتحولات والإصلاحات وتطوير التعليم وبقية القطاعات وتطوير رأسمالنا البشري لتكون سلاحا ننافس به الدول المتقدمة في الصناعات المتقدمة والتكنولوجيا والمواد الطبيعية والمحافظة على البيئة؛ وجميع مضامين مستهدفات رؤية السعودية 2030.

الشعب السعودي يعتز بالانتماء للوطن وتاريخ المملكة العربية السعودية وقيمها ونهجها الأول وامتداده على مدى ثلاثة قرون، ويمتد الاعتزاز للارتباط المميز بين الشعب والقيادة والذي تفتقده الدول المتقدمة، ويفتخر الشعب وكل مواطن بالأمان والاستقرار الذي نعيشه على أرض هذه الوطن المباركة، ونستلهم جميعنا كمواطنين بالدروس والعبر من دولتنا وقيادتنا الحالية وامتدادها على مر التاريخ. نشعر بهذا الفخر والاعتزاز والولاء منذ الطفولة وأيام الدراسة وعلى مدى تاريخ حياة كل منا وحياة آبائنا وأجدادنا.

نعتز ونشعر بفخر الانتماء عندما نقرأ عن أبرز صفات قادة الدولة السعودية المؤسسين والتي واجهت أحداثا تاريخية وعلى رأس هذه الصفات المسؤولية والطموح والحكمة والإصرار والصمود والشجاعة والتخطيط والإدارة والعدل والبصيرة والذكاء وحكمة التنشئة كما رواه مجموعة من المؤرخين مثل الدكتور طلال الطريفي أستاذ التاريخ السعودي في جامعة الإمام محمد بن سعود، والدكتورة مها آل خشيل أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الأميرة نورة، والدكتور عبدالمحسن الرشودي أستاذ التاريخ الحديث في جامعة الإمام محمد بن سعود خلال لقاءات خاصة عن التاريخ المجيد والتي أجراها مركز التواصل الحكومي.

فالإمام محمد بن سعود والذي عرف عنه «تلمس حاجات الآخرين»، والإمام تركي بن عبدالله المعروف عنه «الإصرار والصمود والعزلة» والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن والذي وصفه الثلاثة المؤرخون بـ «ثقة ودهاء الفارس».

ففيما رواه المؤرخون كان للإمام محمد بن سعود لقاء يومي مع الناس، يوصلون به حاجاتهم وإشكالاتهم وما يحتاجونه، وكان لديه الوعي باحتياجات المجتمع للأمن والنظام والوحدة والاستقرار والتعليم، لما كانت عليه الدرعية من انقسام. فنستشعر من ذلك صفة «مسؤولية القائد».

ونستلهم الحكمة من الإمام محمد بن سعود عندما قرأنا عن ظاهرة فريدة أن يحكم إمام لمدة 40 عاما، وتنعم الفترة بحالة استقرار كالتي وفرها الإمام للمنطقة. وكذلك لم يكن يبدأ بأي حرب إلا عندما يتعرض أتباع دولته للاعتداء. كما نتعلم منه الإصرار عندما ضحى الإمام براحته، وبأقرب الناس إليه، فقد خسر اثنين من أبنائه خلال المواجهات، وكل تلك التحديات لم تثنه، بل استمر على النهج ذاته، والمبدأ والفكرة التوحيدية.

كما تعلمنا واستلهمنا وافتخرنا بالشجاعة التي كان الإمام تركي بن عبدالله يتصف بها، والتي جعلت الناس تؤمن بأن هذا الرجل هو من سيستطيع إصلاح الوضع الذي كانت عليه المنطقة في وقتها. وقرأنا عن «العدل» الذي كان بعهده ففي السنوات السبع التي كان الإمام تركي يختفي بها كان يسأل عن الأحوال؛ وعرف أن بعض الباعة كانوا يغشون في المكيال، وبعد تأسيس الدولة، كانت أولى خطواته إنشاء محاكم ومحاكمة من استغلوا غيابه في غش الناس، كما تحمل المسؤولية لتصحيح الوضع الذي كانت عليه الدرعية، وهذا ما أقنع الناس للالتفاف حوله لرؤيتهم جديته وإصراره.

حينما خرج الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- من الرياض بعد انقطاع الدولة السعودية الثانية، كان في داخله حلم ورغبة وشيء يراه ما كان الآخرون ينظرون إليه، ويدركون صعوبته إلا هو، والوحيد الذي كان يؤمن بأنه يوم من الأيام سيعود لهذا المكان ويسوده، فهو يرى الوطن أكبر بكثير مما يراه الناس.

وحين استرد الرياض كان الناس يتساءلون ماذا بعد الرياض؟ جنوب الرياض، ماذا بعد جنوب الرياض؟ شمال الرياض، ماذا بعد شمال الرياض؟ القصيم، وبدأت الدولة تتمدد. وبدأ التوحيد إلى أن وحد أرجاء المملكة العربية السعودية والتي نعيش حدودها حتى اليوم.

ختاما، وخير ما نستمد منه اعتزازنا وفخرنا وولاءنا من المعاني والدلالات التي حددت منها هوية يوم التأسيس والتي تمحورت حول «رجل يحمل راية» وهي إشارة إلى بطولات رجالات المجتمع السعودي، و»النخلة» وهي رمز إلى الحياة والنماء والكرم، و»المجلس»، وهو تعبير عن الوحدة والتناغم الثقافي والمجتمعي، و»الخيل العربي»، وهو استعراض فروسية أمراء الدولة وشجعانها وبطولاتهم، و»السوق»، وهي إشارة إلى الحراك الاقتصادي والتنوع والانفتاح على العالم، وآخر (معنى ودلالة) «يوم التأسيس 1727م»، وهي مكتوبة بخط مستلهم من مخطوطات عديدة توثق تاريخ الدولة السعودية الأولى.

Barjasbh@