أحمد صالح حلبي

بناء منى لمواجهة تزايد الحجاج

الاحد - 05 فبراير 2023

Sun - 05 Feb 2023

المتابع لأعمال وأنشطة معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة والزيارة يلحظ حرصه على التعاون مع القطاعات الحكومية والأهلية لإعداد دراسات وبرامج تستهدف تطوير منظومة الحج وخدمات الحجاج، وهذا ما رأيناه متمثلا في العديد من الدراسات والبحوث والمشاريع التي تم تنفيذها.

وسعي المعهد خلال الفترة الحالية للعمل على دراسة تطوير المرافق والخدمات في منظومة الحج والعمرة والزيارة، وزيادة أعداد المرافق والخدمات في كامل رحلة ضيوف الرحمن بما يتلاءم مع زيادة الطاقة الاستيعابية لمواسم الحج والعمرة والزيارة التي تستهدفها رؤية المملكة 2030، يفتح المجال للدعوة بالعودة للدارسات والأفكار التي طرحت من قبل للمساهمة في حل مشاكل إسكان الحجاج في مشعر منى المحددة مساحته.

ومن بين هذه الأفكار ما طرحه الأستاذ علي حسن أبو العلا -رحمه الله- والذي شغل منصب سكرتير لجنة الحج العليا، ورئيس لجنة توزيع أراضي منى، إذ كانت فكرته تدور حول إنشاء طابقين فوق مسطح منى الحالي وتبقى الشوارع الحالية كمساقط للنور، بحيث يتم التسقيف بأعمدة ضخمة تصلح كأساسات لإقامة طوابق متعددة مستقبلا. ويخترق كل طابق الأرضي والأول والثاني طريق خاص في الوسط لنقل أعداد الحجاج من منازلهم التي ستوجد بين الأعمدة يمينا وشمالا إلى منطقة الجمرات بحيث يخصص هذا الطريق للذهاب ويتم عمل دائرة حول كل جمرة يصل إليها الحجاج. وأشار إلى أنه يمكن استغلال المساحات الجبلية بعمل طريق دائري يحيط بالمشروع ويستمر الطريق الدائري متجها إلى مزدلفة وعرفة على طابقين أسوة بالطريق التي شاهدناها باليابان.

وأوضح أنه يمكن توفير 6 مسارات عرضية تختلف اتجاهاتها يمينا وشمالا وترتبط بالطرق الدائرية على الجبال ولإمكانية إيصال وادي منى الرئيس مع منطقة حجاج البر وطريق المعيصم لا بد أن تفتح في المناطق الجبلية بمحاذاة كل طابق أنفاق تمكن المشاة من العبور بين الطوابق المتعددة إلى منطقة حجاج البر.

وبين أنه يمكن بتوفير الكهرباء إنشاء شبكة قطارات كهربائية على منحدرات وجسور معلقة تساعد في حركة نقل الحجاج بين مكة والمشاعر والعكس.

ولم تكن المقترحات التي طرحها أبو العلاء إلا وليدة خبرات وممارسات عملية، فارتباطه العملي بلجنة الحج العليا، وممارسة لخدمات الحجاج كمطوف أوجدت لديه طرحا مثل هذه الأفكار.

وبين أن وزارة المواصلات - وزارة النقل حاليا - أشركت مهندسين من العالم العربي والإسلامي بعدما صدرت الفتوى الشرعية بالبناء على سفوح الجبال، وفي الملك فيصل -رحمه الله- إلى وزير الحج آنذاك السيد حسن كتبي بتوزيع الأراضي الجبلية للبناء عليها، فطلب وزير الحج تخطيط الجبال للاستفادة من الأراضي.

وبعد التقرير الذي وضعه الخبراء تم اقتراح إنشاء طريقين رئيسيين على سفوح الجبال يبدأ أحدهما من عرفات ويمر عبر المزدلفة مخترقا جبال منى حتى يصل على مكة منطقة الشهداء والآخر يمر على الجبال المقابلة عبر ربوة الحضارم وينتهي في مكة في منطقة أجياد، لإمكانية الاستفادة بإقامة المباني على جوانب هذين الطريقين على جبال منى، ثم تسلمت وزارة الأشغال العامة والإسكان مهمة تطوير منى فأضيفت المساحة الكبيرة بعد إزالة الجبال التي كانت بوسط منى توفرت ساحات كبيرة من الأراضي على الروابي الجبلية، وكانت الفكرة في ذلك الوقت أن منى كافية بعد توسعها لاستيعاب الحجاج.

إن فكرة بناء منى سواء على سفوح جبالها أو واديها بعمارات كبيرة يراها البعض مكلفة خاصة وأن الحاج لا يقضي سوى 3 أيام بها، فكان وأد الفكرة هو الحل لدى المعارضين لها كلما طرحت، واليوم ونحن نرى نجاح تجربة شركة منى العقارية، التابعة لمؤسسة التأمينات الاجتماعية، والتي عملت على إنشاء أبراج سكنية نتذكر العديد من الأفكار والمقترحات الداعية للاستفادة من كامل مساحة منى الشرعية البالغة حوالي 7.82 كم2، فرؤية المملكة 2030 جعلت قطاع الحج والعمرة محورا رئيسا فيها ومنحته أهمية قصوى وأولوية امتدادا لشرف خدمة الحرمين الشريفين منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز -رحمه الله-، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله -، وإطلاق برنامج خدمة ضيوف تأكيد على اهتمام القيادة بالحجاج والمعتمرين والزوار وإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المسلمين لأداء فريضتي الحج والعمرة، وإثراء تجربتهم الدينية والروحية.

وأملي أن يسعى معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة والزيارة لإعادة فتح ملفات الماضي وقراءة ما تحمله من مقترحات وأفكار ودراسات ونتائج، وأن يعمل على إجراء مقارنة علمية وعملية بين ما دون وما نفذ وينفذ، فليس كل فكرة أو دراسة طرحت كانت جيدة وأمامنا تقرير أشار إليه الأستاذ علي أبو العلا -يرحمه الله- وضعته شركة روبرت ماثيو عن منى يقول «إن مساحتها الداخلية مع واجهات الجبال تقدر بثلاثة وثلاثين ألف متر مربع وأنها بالإضافات التي تمت من قبل مشروع منى وعمل الأنفاق التي ربطت الواديين وهما وادي منى الكبير ومنطقة حجاج البر إلى المعيصم مع توسعة الجبال وتمهيدها تتوقع أن يبلغ عدد الحجاج في التسعينيات ربع مليون حاج»، ولكن الواقع الذي نراه الآن - أي في التسعينيات الهجرية - إن ازدياد الرقم القياسي بلغ المليونين، وهذا يعني أن الدراسات المحلية هي المصدر الصحيح لأي عمل، وهذا أملي في المعهد.

[email protected]