فهد عبدالله

معادلة النجاح والظروف الحياتية

الثلاثاء - 13 ديسمبر 2022

Tue - 13 Dec 2022

عشرات القصص والتجارب الناجحة التي قد تقرؤها أو تستمع إليها تجد فيها ملمحا عادة يجمعها، وهي التحديات والعوائق التي واجهت أصحاب تلك النجاحات لدرجة أنك تستطيع تجاوزها دون إطلاق أن تقول لا يوجد نجاح مبهر دون وجود تحديات وموانع، والحقيقة أن هذا المشهد الذي يجمع النجاح بالتحديات يستحق أن يكون وجهة لصرف المزيد من التأملات التي أعتقد أن خراجها سيثمر ولو بعد حين.

لذلك استقر في الذهن بأن دروب النجاحات غير معبدة ومحفوفة بشكل دائم بتلك التحديات والصعوبات، وأن الطريقة الوحيدة لتجاوز ذلك الطريق بكل اقتدار تحتاج إلى صفتين وهي الوعي الذاتي الذي يحسن اختيارات الحياة والصفة الأخرى ذلك الوقود الداخلي الذي يجعل الإنسان قادرا على الاستمرار في تلك الاختيارات، ولن أبالغ عندما نكتب عن أن هاتين الخصلتين كفيلتان بجميع أنواع التغيير الإيجابي الذي قد يحدث لشخصك الكريم ومحيط التأثير الذي تعيش فيه.

كم هي القصص الجميلة جدا سردا وسماعا عندما تجد رب أسرة تيسرت له تلك الظروف الإيجابية من المال والصحة والجاه والنسب وغيرها، مما تجعل مسألة توفير ملعقة الذهب لأبنائه وأسرته أمرا ميسرا إلا أن إدراكه لمسألة النجاحات والتحديات، وكذلك صفتا الوعي الذاتي واستمرارية الدوافع الداخلية تجعله يغرس في نفوس أبنائه الركض في طريق النجاحات المحفوف بالتحديات من خلال الاعتماد على النفس دون الاعتماد على الوراثة والتوريث.

غالبا مآلات ملعقة الذهب ليست الجلوس في المكان والاستهلاك فقط بل تضغط صاحبها في الاتجاه نحو المسارات السلبية بل هدامة في أحيان أخرى. ليس هنا المقصود التشويش على الظروف التي وجد فيها الإنسان وعدم الاستمتاع بها أو التأثير من خلالها، ولكن كيف يمكن الاستفادة من تلك الظروف لمزيد من النجاحات الكبيرة التي تقابلها تحديات أكبر، وتوجيه تلك الظروف في اتجاهاتها الصحيحة كما عبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في الجوانب المالية مثلا (نعم المال الصالح للرجل الصالح).

كما هو الحال في ارتباط النجاح بالتحديات أيضا على الجهة المقابلة عندما يكون النجاح مقدما على صحن بارد للإنسان وبطريقة وراثية أو سهلة، قد تدفعه لتلك المسارات السلبية والتي أخبرنا الله عنها في قوله (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير).

التسوية الظاهرة في مسألة النجاح والتحديات بالتأكيد أن لها ارتباطا وثيقا بالظروف الحياتية التي تحيط بالإنسان، فالظروف قد تكون أرضية للنجاحات أو عكس ذلك ولكن التسوية الأكثر وضوحا أن الإنسان لديه القدرة على أن يصنع النجاحات بغض النظر عن ماهية البيئة التي ينتمي لها، وأن معادلة الإنسان والظروف الحياتية المختلفة وارتباطها بالنجاح تتزن بعاملي الوعي الذاتي والاختيارات، والاستمرارية بعد ذلك في تتبع تلك الاختيارات.

الحقيقة ما زالت هذه المعاني تستجلب المزيد من التأملات وبحاجة للعيش معها بشكل دائم لإسقاطاتها التي تمس حيواتنا بشكل عام وأعمالنا اليومية، وأستطيع أن أجمل الخلاصة العملية فيها كالتالي:

  • العلاقة طردية بين النجاحات المبهرة والتحديات والعوائق.

  • الوعي الذاتي الذي يحسن اختيارات الحياة والدوافع الداخلية المستمرة للمضي قدما في تلك الاختيارات هما الرهان للنجاحات الملهمة والأثر المتعدي.

  • اصنع نجاحاتك وتحدياتك الخاصة بغض النظر عن ظروفك المحيطة سواء كانت مليئة بالموانع والعوائق أو مليئة بالرفاهية والتيسير.




fahdabdullahz@