فهد عبدالله

الركائز العشر للإدارة الفاعلة للأزمة والكارثة

الاثنين - 17 أكتوبر 2022

Mon - 17 Oct 2022

في إطار اليوم العالمي للحد من الكوارث في الثالث عشر من أكتوبر سنويا، لعل القلم يرتدي وشاح التنوير وزيادة الوعي بأهمية كبح جماح المخاطر والتدابير الواجب توافرها، سواء في منع حدوث الأزمات والكوارث أو إدارتها بشكل فاعل إذا حدثت والتقليل من الآثار المترتبة والخسائر.

لا تخلو مؤسسة أو شركة من تلك الأحداث الطارئة والمفاجئة التي قد تعرض عملياتها أو سمعتها المؤسسية أو أرباحها المالية إلى التقهقر والانكماش وهذا أمر يحدث لغالب المنظمات مهما كان حجمها أو توجهها، وهذه المنظمات تجدها على ثلاثة أحوال من ردات الفعل والنتائج.أما ردة الفعل الناضجة من حيث ضبط الإعدادات المسبقة لجميع السيناريوهات المحتملة، وكيفية الاستجابة لها، فضلا عن ممارسات التدريب الوهمية لضمان النضج الإداري عندما تقع الأزمة الحقيقة، وبالتأكيد فإن هذا السلوك الإداري (Proactive) هو بمثابة حجر زاوية في الوعي المؤسسي.

والحالة الثانية، هي لتلك المنظمة التي لا تتحرك تجاه الأزمات والكوارث إلا من خلال التفاعل الآني (Reactive)، وهو أسلوب إداري قد يعالج الأزمات ولكن بالتأكيد حجم الخسائر وتبعاتها أيا كان شكلها سيكون له وقع مضاعف ومؤسف على تلك المنظمة، وليس كما هو الحال في السلوك الإداري الناضج السابق.

والحالة الأخيرة، هي لتلك المنظمة التي قد لا تتفاعل مع الأزمة بأي ردة فعل أو يكون لديها ردات فعل متأخرة وفي الغالب هنا قد لا يكون إطار النتائج محصورا في التكلفة الباهظة لحجم الخسائر، بل قد تصل إلى نقطة نهاية السطر لتلك المنظمة من الوجود.

من خلال التعلم والتطبيقات المختلفة يدور في خلدي عشرة مفاهيم رئيسة إدارية، أعتقد أنها ركائز للفاعلية الإدارية للأزمة والكارثة التي يمكن خلالها تقليل الخسائر إلى أقل حد ممكن وسرعة الاستجابة المثالية في ظل الضغوط الهائلة في مواجهة الأزمة والكارثة، وهي كالتالي:

1 - التزام الإدارة العليا للمنظمة بكل المسؤوليات والأدوار الواجب توافرها فضلا عن الدعمين المادي والمعنوي لكل تلك الأساليب التي تمكن المنظمة من النضج الدائم في إدارة الأزمة والكارثة.

2 - وجود قائد نوعي يستطيع التصرف بطريقة حكيمة، وبنفس الوقت سريعة يعرف الأولويات ويدرك مآلات الأمور، فضلا عن الكاريزما التي تجمع بين الرمزية في الشخصية وكذلك المعنى.

3 - وجود فريق يتم اختياره بعناية فائقة قادر على العمل تحت الضغوط وتحمل المسؤوليات، ولديه قدرة عالية لابتكار ألف فكرة وفكرة لحلول المشاكل، ولديه كيمياء متزنة التفاعل مع القائد، ويمكن معرفة الكيمياء والاتزان بين الفريق والقائد في وقت رخاء عمليات التشغيل الطبيعية وقبل شدة الأزمات الطارئة.

4 - ضبط الإعدادات المسبقة من حيث وجود الخطط اللازمة التي يتم تقريرها سلفا في حصر الموارد والعلاقات والاتفاقيات مع الجهات المعنية الداخلية والخارجية للمنظمة، ووضع القواعد الواجب اتخاذها عندما تحدث الأزمة والكارثة، بالتأكيد عند حدوث أزمة معينة قد يطرأ فيها بعض الإجراءات الجديدة التي يجب اتخاذها بجرأة، ولكن بالتأكيد وجود خطط واضحة الإجراءات ويتم التدريب عليها هي بمثابة حجر زاوية في الاستجابة الحكيمة والسريعة لإدارة الأزمة والكارثة.

5 - عادة أثناء حدوث الأزمة تكون الإشاعات والمعلومات المضطربة تفاقم تأثير الأزمة على الشريحة المستهدفة، مما يزيد من الأضرار المترتبة عليها؛ لذا من الضروري وجود قنوات اتصال رسمية للمنظمة وآليات واضحة سواء في طريقة تحديثات المعلومة والخبر أو اللغة المستخدمة أو خلال وجود متحدث رسمي محترف يزود الشرائح المستهدفة بالمعلومات والأخبار وكذلك يضع حدا لأي شائعة مكذوبة أو غير صحيحة رائجة في مكان ما.

6 - وجود مراكز للعمليات تمكن قائد الأزمة من انسيابية المعلومات في استقبالها أو إرسالها للمعنيين حتى تكون هناك هوية واضحة جدا في شكل التواصل الاحترافي أثناء الأزمة، بالتأكيد نتحدث هنا عن مركز للعمليات مجهز بشكل مسبق ويتم عليه اختبارات دورية للتأكد من الفعالية القصوى أثناء حدوث الأزمة.

7 - رصد الدروس المستفادة (Lessons Learned) قبل وأثناء وبعد حدوث الأزمات، وتعميمها على المعنيين فضلا عن اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تقتضيها الدروس المستفادة للنمو التطوير المستمر.

الإشكال هنا عادة أن الدروس المستفادة تبقى حبيسة الأدراج أو يعرف بها نفر قليل من أهل الاهتمام لذلك وجود طريقة مؤسسية (Methodology) لتنظيم هذه المسألة أمر في غاية الأهمية.

8 - التدريب والتدريب والتدريب، في مجال إدارة الأزمة والكارثة ستبقى جميع المفاهيم والركائز هامدة مستلقية لا حياة فيها ما لم تسق بشكل دائم ومستمر بجميع أنوع التدريبات، سواء المعرفية في زيادة العلم والوعي أو التدريبات العملية من خلال الفرضيات الوهمية الشبيهة بإدارة الأزمة الحقيقية.

9 - اكتمال مكونات نظام العمل الإداري لإدارة الأزمة، من حيث وضع الخطط اللازمة وتنفيذها كجاهزية من جميع الجهات المعنية، والتأكد بعد ذلك من مستوى هذه الجاهزية من خلال عمليات المراقبة والتدقيق.

10 - وجود نظام تقني وإداري متكامل يضمن سلامة المعلومة وطريقة تواصلها، فالكفاءة والفعالية في هذا الجانب متطلب أساسي لفعالية إدارة الأزمة والكارثة.

هي عشر ركائز أعتقد أن وجودها في المؤسسة سيسير بها إلى النضج والتفوق في إدارة هذا الجانب، والله أعلم.

fahdabdullahz@