محمد العوفي

ملفات وعود وزارة الإسكان ستفتح في 2020

الاثنين - 22 أغسطس 2016

Mon - 22 Aug 2016

قبل فترة قصيرة اتخذت بروفيسورة ألمانية متخصصة في السلوك التنظيمي تعمل في جامعة بريطانية مرموقة ومصنفة ضمن أول عشر جامعات بريطانية قرارا سريعا بعد إعلان نتائج التصويت لخروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي (بريكست) بالبحث عن عمل في دول الاتحاد الأوروبي، وأعلنت أن لديها عروضا كانت مرجأة، وبدأت دراستها بشكل جدي، وأعلنت أنها ستنتقل مع بداية العام القادم لإحدى جامعات الدول الأوروبية أقل تصنيفا من جامعتها الحالية.



وقتها لامها كثير من الأساتذة والطلاب على تسرعها، وأن عليها الانتظار عامين حتى تنتهي إجراءات التفاوض وتتضح الصورة كاملة لتتخذ القرار المناسب، دار نقاش طويل حول قرارها وتكلفة الفرص البديلة، وكان ردها واضحا أن الانتظار لمدة عامين له تكلفة باهظة نفسيا وماليا، وقد يفوت عليها فرصا كبيرة قد لا تكون متاحة بعد عامين أو لا تجدها أو تجد عروضا بمزايا أقل.



خلاصة ما قالته، إن الانتظار في كل الأحوال يجلب الملل، وعندما يتعلق بشيء في المستقبل وغير مضمون النتائج يكون أثقل وطأة، ومدعاة للقلق خوفا من عدم تحقق الشيء المنتظر؛ وبذلك تضيع سنوات الانتظار هباء منبثا، وتكون تكلفة الانتظار المادية والمعنوية والاجتماعية باهظة جدا، وفي هذه الحالات تكون الخسارة مضاعفة.



تذكرت كل ما يقال عن الانتظار وتكلفته المادية والمعنوية والاجتماعية عندما قرأت تصريح وزير الإسكان الذي أشار فيه إلى أن الوزارة لديها خطة متكاملة تهدف إلى تقليص مدة الانتظار في قوائم المتقدمين لصندوق التنمية العقارية، بما لا يتجاوز خمس سنوات لكل متقدم تنتظر صدور الموافقة النهائية من مجلس الشؤون الاقتصادية بعد أن حظيت بموافقة مبدئية إبان مرحلة الإعداد، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن هذا التصريح يعد واحدا من جملة وعود قدمتها وزارة الإسكان منذ تأسيسها، وما زال بعضها في غياهب الوزارة، ولم يخرج منه شيء للنور.



وبعد اكتمال التنسيق مع باقي الجهات المعنية بتوفير البنية التحتية لمشاريع الإسكان: الأمانات والمديرية العامة للدفاع المدني ووزارة المياه والطاقة والثروة المعدنية خلال مركز إتمام للحيلولة دون تعثر مشاريع وزارة الإسكان بسبب البنية التحتية، استمرار الوزارة في تحسين الاتفاقيات التي وقعتها في الفترة الماضية، للخروج بإطار يخدم المنتج النهائي والمواطن على حد سواء، تكون سنوات الانتظار محسوبة بدقة، ولم يعد لدى الوزارة فرصة للتنصل من وعودها السابقة، بحجة عدم تعاون الجهات الأخرى ذات العلاقة.



الإجراءات التي تعلنها الوزارة لحلحلة الأزمة ينظر إليها المواطن من جوانب متعددة، فهي رفعت درجة التفاؤل لديه في تحقيق حلمه بامتلاك السكن، وبدأ يفرض رقابة مجتمعية على وعود الوزارة وتصريحات مسؤوليها، وسيعيد فتح ملفاتها بعد خمس سنوات في حال لم تف الوزارة بوعودها، وعلى الجانب الآخر، هذه الإجراءات والتصريحات المتواصلة من مسؤولي الوزارة جعلت المواطن يتوقف عن البحث عن سبل أخرى قد تمكنه من الحصول على السكن سواء بالاقتراض أو غيره، بانتظار مشاريع الوزارة، هذا التوقف يعني استمراره في دفع إجارة السكني لمدة خمس سنوات، كان يمكن لها أن تكون قسطا من قرض امتلاك المسكن.



والنقطة الأهم بعد ذلك كله، ماذا لو لم تستطع وزارة الإسكان الوفاء بوعودها في تقليص مدة الانتظار؟ وبقيت الأمور على حالها بعد خمس سنوات من الانتظار، ستكون الوزارة أضاعت على المواطن خمس سنوات كاملة كان يمكن أن يحقق بها شيئا من أحلام السكن، وفوتت عليه البحث عن حلول بديلة كان يمكن أن يجد طريقا إليها، علاوة على أن الطلب تضاعف مرات عديدة خلال سنوات الانتظار نتيجة الزيادة المطردة في أعداد طالبي السكن.



على أي حال، خمس سنوات انتظار كافية لاختبار قدرة الوزارة في الوفاء بوعودها، ولن يكن أمام الوزارة مجال لوعود قادمة، وملفات الوعود سيعيد المواطن فتح ملفاتها في العام 2020.

[email protected]